آخر الأخبار

تصاعد الاغتيالات يربك المشهد الأمني في إدلب السورية

شارك





إدلب – شهدت محافظة إدلب قبل يومين 3 عمليات اغتيال متتالية في 24 ساعة، أثارت مخاوف وتساؤلات حول مدى استقرار الوضع الأمني في المحافظة، التي باتت تضم ملايين السوريين بعد سقوط نظام بشار الأسد نهاية عام 2024.

وقعت الحادثة الأولى في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي، حيث قتل صدام الحميدي المعروف بـ"الكابتن أبو عدي"، برصاص مجهولين بعد نجاته سابقا من محاولة اغتيال قرب منطقة السفيرة شرق حلب ، وكان الحميدي يعمل كمدرب رياضي عسكري في وزارة الدفاع السورية.

أما الحادثة الثانية فاستهدفت هاني الجدعان، أحد عناصر الجيش السوري، الذي قتل برصاصة في الرأس إثر كمين قرب مفرق رجم القط شرق معرة النعمان.

وفي الحادثة الثالثة نجا أبو سعيد رأس الحصن، القيادي السابق في هيئة تحرير الشام الذي يعمل حاليا في وزارة الدفاع، من محاولة اغتيال على طريق سرمدا-رأس الحصن.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذه العمليات التي يرى مراقبون أنها تمثل مؤشرا على تصاعد التوترات الأمنية في إدلب.

مصدر الصورة منطقة سرمدا شمالي إدلب شهدت مؤخرا عمليات اغتيال (الجزيرة)

استنفار أمني

وقال قيادي في قوات الأمن العام السورية بمحافظة إدلب -فضل عدم الكشف عن هويته- إن الفترة الأخيرة شهدت إعادة انتشار للعناصر الأمنية والجيش في مختلف المناطق بعد تشكيل وزارتي الدفاع والداخلية، وإزالة عشرات الحواجز داخل المحافظة، مشيرا إلى أن معدل الجرائم كان أدنى مقارنة بمناطق أخرى.

وأضاف للجزيرة نت أن الأجهزة الأمنية تعمل حاليا على تعزيز الحواجز وتكثيف الدوريات الأمنية لملاحقة منفذي الاغتيالات وكشف ملابساتها، مؤكدا أن قوى الأمن الداخلي "لن تسمح بمحاولات زعزعة الاستقرار أو استهداف الشخصيات العامة والعسكرية".

وأوضح القيادي أن الوزارة تعمل على "فرز عناصر إضافية لتغطية المخافر والنقاط الأمنية كافة، بهدف الحفاظ على أمن المواطنين وإغلاق الثغرات التي يمكن استغلالها".

مصدر الصورة مدينة إدلب شهدت عود آلاف اللاجئين السوريين من الخارج (الجزيرة)

مركز الحكم الجديد

منذ عام 2017، كانت إدلب خاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع الذي تولى رئاسة سوريا بعد سقوط النظام، وأدارت الهيئة المحافظة عبر "حكومة الإنقاذ" التي وفرت خدمات عامة وأمنا نسبيا.

إعلان

في عام 2020 أقامت تركيا قواعد عسكرية في إدلب لمنع تقدم قوات النظام المدعومة من روسيا، ثم أطلقت الهيئة وفصائل "فتح المبين" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عملية " ردع العدوان "، التي انتهت بعد 12 يوما بسقوط النظام وفرار بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، وتسلمت حكومة الإنقاذ إدارة البلاد من دمشق قبل أن تحل وتشكل حكومة تكنوقراط جديدة.

ووفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، سُجلت حوالي 52 عملية اغتيال في إدلب منذ بداية 2025 حتى اليوم، معظمها في يناير/كانون الثاني ومارس/آذار الماضيين.

فراغ أمني

ويرى الخبير الأمني والضابط المتقاعد أحمد الشيخ أن الاغتيالات الأخيرة تكشف "تحديات أمنية خطيرة تهدد استقرار سوريا الجديدة"، موضحا في حديثه للجزيرة نت أن هذه العمليات "مدروسة وتستهدف خلق فراغ أمني في معقل السلطة الجديدة".

وأشار الشيخ إلى أن طبيعة الكمائن السريعة واستخدام الأسلحة الخفيفة تدل على "ضعف التنسيق الأمني ونقص المعلومات الاستخباراتية"، موضحا أن إدلب تواجه "مرحلة انتقالية حساسة" نتيجة انتقال الفصائل إلى هياكل حكومية لم تكتمل بعد، فيما تتركز جهود السلطات على إعادة تنظيم العاصمة دمشق.

وأضاف أن بعض الهجمات قد تحمل "رسائل تحذيرية من فلول النظام السابق أو جهات إيرانية تسعى لإرباك الحكومة الجديدة وزعزعة الثقة فيها"، محذرا في الوقت نفسه من "محاولات إثارة توترات طائفية أو إقليمية تهدف إلى عرقلة مشاريع الإعمار والاستقرار".

ورجح الشيخ أن تكون "إيران أو روسيا وراء محاولات إبقاء إدلب في حالة اضطراب بهدف منع إعادة الإعمار أو تبرير تدخلات مستقبلية"، مشيرا إلى أن "مجموعات متشددة وعصابات إجرامية داخلية تستغل ضعف الأجهزة الأمنية لفرض نفوذها في بعض المناطق".

واقترح إنشاء مراكز تنسيق أمني مشتركة في إدلب مدعومة بشبكات استخبارات محلية، مع الاستفادة من برامج تدريب دولية لتأهيل الكوادر الأمنية، مؤكدا أن "استقرار إدلب هو مفتاح استقرار سوريا الجديدة ويتطلب يقظة أمنية متواصلة لتثبيت مكاسب الثورة".

تحديات مستمرة

أما المحلل السياسي أحمد مظهر سعدو، فيرى أن إدلب "تتمتع بتنسيق أمني متوازن نسبيا"، لكنه يعزو تكرار الاغتيالات إلى "بطء تنفيذ العدالة الانتقالية"، مشيرا إلى أن "وجود عناصر سابقة من النظام ارتكبت جرائم بحق المدنيين يدفع لعمليات ثأر فردية تهدد السلم الأهلي".

ودعا سعدو في حديثه للجزيرة نت إلى "تسريع عمل هيئات العدالة الانتقالية لمعالجة جذور هذه الظاهرة"، موضحا أن "العديد من الاغتيالات ترتبط بمحاولات القصاص من فلول النظام السابق، بينما تستغل جماعات متشددة هذا الفراغ الأمني لإعادة التموضع".

إعلان

وأكد أن إدلب "تظل أولوية لدى القيادة السورية الجديدة رغم انشغالها بإعادة ترتيب المؤسسات في دمشق"، مشددا على أن "استقرار المحافظة ضرورة لاستقرار البلاد، لما تمثله من رمزية الثورة واحتضانها لملايين النازحين بعد سقوط النظام".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب اسرائيل مصر

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا