آخر الأخبار

“المقابر الجماعية” تضاعف معاناة ذوي الشهداء والمفقودين في غزة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

غزة- في صباح يوم ثقيل من مارس/آذار الماضي، غادر حسام الغول (45 عاما) منزله في مخيم الشاطئ ب مدينة غزة ، يحمل في قلبه أملا صغيرا بالعثور على كيس طحين لأطفاله الذين أنهكهم الجوع. إلا أنه لم يعرف أن محيط مستشفى الشفاء كان محاصرا بالدبابات الإسرائيلية، وأنه سيصبح منذ تلك اللحظة مفقودا لا أثر له.

تقول زوجته أسماء -بصوتٍ يخنقه البكاء- "لم يكن لدينا طعام، فخرج حسام يبحث عن الطحين، لكنه لم يعد إلى الآن، حاولت عبر الصليب الأحمر معرفة مصيره، لكن بلا جدوى".

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 أبرز الصور في أسبوع..تدهور الوضع الإنساني في غزة وتصاعد التضامن العالمي
* list 2 of 2 45 ألف مظاهرة في أوروبا نصرة لغزة خلال عامين end of list

وتعرب عن قناعتها في حديثها للجزيرة نت، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أعدمه ميدانيا ثم دفنه في مقبرة جماعية قرب مستشفى الشفاء "رأيت الجثث بعد استخراجها، لكنني لم أتمكن من التعرف عليه بسبب تحللها".

وفي خان يونس، تسير أم محمد زيدان بخطوات مثقلة نحو المقبرة الجماعية المكتشفة بالقرب من مستشفى ناصر الطبي ، تحمل بين يديها باقة ورد وزيت كافور وزجاجة عطر، لا استعدادا لزفاف ابنها نبيل كما كانت تحلم وتخطط، بل لتوديعه الوداع الأخير، "ما أحمله اليوم كان استعدادا لعرسه، فإذا بي أبحث عنه بين الجثث لأرش جسده بالعطر والكافور وأغطيه بالورود، وأزفه إلى الحور العين".

تتراكم هذه القصص في غزة كأوجاع لا تنتهي، تروي فصول جريمة متواصلة، فالمقابر الجماعية يدفن فيها الاحتلال آلاف الجثث بلا أسماء ولا وداع.

مقابر جماعية موثقة

ويشهد قطاع غزة، في ظل الحرب الإسرائيلية الأخيرة، انتهاكات مروّعة تتجاوز حدود المواجهة العسكرية المباشرة، إذ كشفت تقارير ميدانية موثوقة عن قيام الجيش الإسرائيلي بإنشاء مقابر جماعية ودفن آلاف الجثامين دون أي تنسيق مع الجهات الفلسطينية، أو المؤسسات الإنسانية والدولية.

وأثارت هذه الممارسات موجة واسعة من الغضب والقلق لما تحمله من دلالات إنسانية وقانونية تتعلق بالكرامة البشرية وحقوق الضحايا، فضلا عن شبهة طمس الأدلة المتعلقة بجرائم الحرب.

إعلان

كما تعكس حجم الانتهاكات بحق المدنيين، وتفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول موقف المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية ومدى قدرتها على التدخل لحماية حقوق الإنسان في غزة.

مصدر الصورة خارطة توضح أبرز المقابر الجماعية العشوائية في قطاع غزة (المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان)

اختفاء قسري

يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، إن الاحتلال أقام سبع مقابر جماعية داخل المستشفيات، وأكثر من 15 مقبرة خارجها، في المدارس والساحات العامة والأحياء الشرقية (المحاذية للسياج الفاصل عن باقي الأراضي الفلسطينية) في مناطق متفرقة من القطاع.

ويوضّح الثوابتة في حديثه للجزيرة نت، أن الجهات المختصة رصدت انتشال 529 جثمانا حتى الآن، في حين دُمرت 40 مقبرة من أصل 60، إضافة إلى سرقة أكثر من 2450 جثمانا من الشهداء والأموات الفلسطينيين.

ويضيف "دفن الشهداء في أماكن مجهولة وضياع هوية آلاف الجثامين يمثل جريمة اختفاء قسري وجريمة ضد الإنسانية، وما يحدث ليس وقائع فردية، بل سياسة ممنهجة لإخفاء الأدلة على المجازر الجماعية ومنع ذوي الشهداء من معرفة مصير أبنائهم".

وأبدت جهات دولية، منها الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي ، قلقها العميق، داعية إلى فتح تحقيقات عاجلة لكشف الملابسات المتعلقة بانتهاكات محتملة لحقوق الإنسان من إسرائيل، خصوصا قتل مدنيين ودفنهم في مقابر جماعية داخل المستشفيات والمدارس وأماكن النزوح.

وخلال شهري مارس/آذار، وأبريل/نيسان 2024، كشفت عمليات الحفر الميدانية التي أجرتها الجهات الرسمية في غزة عن مقابر جماعية في محيط مستشفيات كبرى، أبرزها مجمع ناصر الطبي ومستشفى الشفاء، حيث عُثر على مئات الجثث.
وبحلول مايو/أيار2024 أعلنت مصادر رسمية فلسطينية العثور على نحو 529 جثة في سبعة مواقع دفن جماعي.

مصدر الصورة استمرار جهود البحث عن الشهداء وانتشالهم من المقابر الجماعية يكشف عن جرائم مروعة للاحتلال (الجزيرة)

اكتشافات ميدانية

واستكمالا لتلك المشاهد المأساوية، أوضح مدير مركز المعلومات الصحية بوزارة الصحة زاهر الوحيدي، أن الوزارة انتشلت في مارس/آذار 2024 نحو 56 جثة من مناطق متفرقة من غزة، وهي عبارة عن هياكل عظمية يُعتقد أن الاحتلال دفنها في مقابر جماعية.

وأشار في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الجيش الإسرائيلي نبش بعض المقابر مرارا، ونقل جثثا إلى داخل إسرائيل ثم أعادها عبر الصليب الأحمر أربع مرات، منها مرتان في مستشفى ناصر، ومرتان في مستشفى أبو يوسف النجار.

مبينا أن "الوزارة رفضت استلام هذه الجثث إلا عبر كشوفات رسمية لأنها مجهولة المصدر"، متسائلا "هل هي جثث شهداء دفنهم الاحتلال أم جثث قديمة لموتى استخرجهم خلال نبشه المقابر أم أسرى قُتلوا في سجونه ضمن سياسة الإخفاء القسري؟".

لافتا إلى أن وزارة الصحة تعتمد طريقتين للتوثيق، الأولى عبر البيانات الرسمية للحالات التي تصل المستشفيات، والثانية من خلال رابط إلكتروني يتيح للعائلات التبليغ عن المفقودين أو المدفونين قسرا.



وسائل طمس الأدلة

من جهته، قال مدير دائرة الإمداد في الدفاع المدني محمد المغير أن "فرق الإنقاذ وثقت عند اكتشاف هذه المقابر عمليات دفن عشوائية داخل أكياس بلاستيكية زرقاء تُسرع تحلل الجثث، في محاولة لإخفاء جرائم الإبادة".

إعلان

وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن الاحتلال دمر مختبرات الطب الشرعي والأجهزة الخاصة بفحص الحمض النووي "دي إن إيه" (DNA) لمنع التعرف على الجثث وتوثيق الحالات.

ليختتم "شاهدنا آثار فتح جثث وإعادة تخييطها، ما يدل على قيام الجيش الإسرائيلي بسرقة أعضاء بشرية، ورصدنا جثثا مقطوعة الرؤوس، وأخرى عليها آثار تعذيب وطلقات نارية، وبعضها كان مقيّدا بمرابط بلاستيكية".

جرائم أخلاقية

بدوره، شدد المحامي والحقوقي الدولي صلاح عبد العاطي على أن ما ارتكبه جيش الاحتلال يُصنف ك جرائم حرب ، و جرائم ضد الإنسانية ، بل يرقى إلى جريمة إبادة جماعية . مؤكدا في حديثه للجزيرة نت أن "دفن الجثامين في أماكن مجهولة دون إجراءات شرعية يمثل جريمة إخفاء قسري، ويضاعف معاناة آلاف العائلات التي تبحث عن أبنائها، ولدينا شواهد دامغة على سرقة الجثامين وتدمير المقابر وإخفاء الهويات، وهو ما يضع الاحتلال أمام مسؤولية قانونية مضاعفة".

وقال إن "هذه الوقائع الموثقة لا تحتمل التأجيل أو التهاون، فاستمرار صمت المجتمع الدولي مشاركة في الجريمة، ويمنح الاحتلال غطاء لمزيد من الانتهاكات ضد الفلسطينيين وكرامة شهدائهم".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب اسرائيل حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا