في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
غزة – تتنقل طبيبة الطوارئ آمنة الكاشف من مستشفى لآخر داخل مدينة غزة رغم الخطورة التي تلف أحياءها، مع سيطرة آليات الجيش الإسرائيلي على أجزاء واسعة من المدينة، بالتزامن مع قصف جوي ومدفعي لا يهدأ على مدار الساعة.
ويُسيطر القلق على الطبيبة التي تتفقد وجوه الشهداء والجرحى الذين يصلون إلى أقسام الاستقبال والطوارئ، خشية أن تجد بينهم أيا من ذويها المعرضين للخطر مع مئات آلاف الفلسطينيين الموجودين داخل المدينة.
وتعمل مستشفيات غزة في حالة طوارئ قصوى نظرا لارتفاع عدد الشهداء والإصابات، في الوقت الذي تعاني فيه من نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وتواصل التهديد الإسرائيلي عبر إخراج المرافق الصحية العاملة داخل المدينة عن الخدمة.
وتصف الطبيبة الكاشف الأوضاع داخل مدينة غزة بالكارثية، نظرا لخطورة الحركة في شوارعها وتأخر وصول الإصابات للمستشفيات، حيث تصل في حالة خطيرة مما يستدعي تدخلا عاجلا رغم عدم توفر الأجهزة والمستلزمات الطبية.
وتقول الكاشف للجزيرة نت إن جميع مستشفيات غزة لا يتوفر فيها سوى جهاز أشعة مقطعية واحد فقط، وآخر للأشعة السينية. ومع خطورة الأوضاع داخل المدينة أصبح من الصعب التنقل بالمصاب من مستشفى لآخر لتشخيصه، مما يجعل الأطباء يعتمدون على التشخيص والعلاج السريري.
وتشتكي الطبيبة من عدم توفر الأدوية بسبب إغلاق المعابر ، سيما التي تتعلق بعلاج النزيف وتخفيف ضغط دم الإصابات الشديدة، ومن عدم كفاية عدد الأطباء داخل مستشفيات المدينة للكم الهائل من الإصابات اليومية.
ورغم قلة الإمكانات يجتهد الأطباء لنقل المصابين من حالة الخطر للاستقرار، ثم توجيههم للأطباء المختصين لاستكمال علاجهم، ورغم ذلك، تشعر الكاشف بالعجز أمام عدم تمكنها وزملائها من إنقاذ حياة الكثير من الإصابات الخطيرة، بسبب الضغط الهائل على الطاقم الطبي، حتى وصل الحال إلى أن يتعامل ثلاثة أطباء طوارئ مع 50 حالة في وقت واحد.
ولا تزال 8 مستشفيات تعمل داخل مدينة غزة، تحت الخطر الشديد ومحاصرة جيش الاحتلال لعدد منها، وهي مجمع الشفاء الطبي، ومستشفيات أصدقاء المريض، والخدمة العامة، ومجمع الصحابة، والأهلي العربي، والوفاء للتأهيل، والحلو، والهلال الأحمر الميداني-السرايا.
وأخرج عدوان الاحتلال مستشفى الشيخ حمد التخصصي عن الخدمة منذ الأيام الأولى للعدوان على مدينة غزة، وتبع ذلك مستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال، ومستشفى العيون.
ويقول المدير الطبي لمستشفى أصدقاء المريض الدكتور ماجد عوض الله إنهم بحاجة إلى مجموعة من مقومات العمل، أبرزها طريق آمن يسلكه المريض للوصول إلى المستشفى، ووجود كوادر طبية كافية للعمل لا تشعر بالتهديد على حياتها، وتوفير معدات طبية وأدوية.
وأوضح عوض الله، للجزيرة نت، أن هذه المقومات غير متوفرة حاليا في ضوء العدوان الإسرائيلي المتواصل على مدينة غزة.
وتمنى ألا تعيش الطواقم الطبية كابوس إخلاء المستشفى، كما جرت العادة مع كل تقدم للجيش الإسرائيلي إلى عمق المدينة، والذي يعرض المرضى في أقسام العناية المركزة وحضانات الأطفال للموت المحقق.
ويتدبر مستشفى أصدقاء المريض احتياجاته بالحد الأدنى من الأكسجين والوقود والأدوية والمهمات الطبية والطعام والغذاء، وغير ذلك من المقومات اللازمة لاستمرار العمل.
و حذر عوض الله من توقف الخدمات في أي لحظة، حال بقيت الأوضاع الميدانية على حالها، مما سيشكل خطرا على الخدمات التي تختص بها المستشفى، منها أقسام العناية المركزة للأطفال، والجراحات التخصصية الخاصة بهم، وأقسام النساء الحوامل وعمليات الولادة القيصرية.
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يستهدف الاحتلال المستشفيات والمرافق الصحية في جميع القطاع، حسب المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، خليل الدقران، حيث أخرج 20 مستشفى من محافظتي غزة وشمالها عن الخدمة في الأشهر الأخيرة، ولا تزال 8 مستشفيات تعمل جزئيا، منها مستشفى حكومي واحد فقط.
وأكد الدقران، للجزيرة نت، أن الطواقم الطبية مستمرة في تقديم الخدمة الصحية لجميع المرضى والمصابين في مدينة غزة، "حتى لو بقي مواطن واحد هناك، ولن تترك عملها حتى لو كلَّفها ذلك حياتها".
وأشار الدقران إلى أن الاحتلال يواصل تهديده للمستشفيات بالقصف ويريد إيقافها عن العمل، ويمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود، ويعمل على إخراج باقي المستشفيات عن الخدمة في إطار استمرار الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وإصراره على تقويض المنظومة الصحية في غزة لكي يجبر المواطنين على النزوح.
ومع ذلك تواصل المستشفيات رعاية المصابين والمرضى الذين يترددون على المستشفيات بأعداد كبيرة بسبب القصف المتواصل، ووجود معظمهم في خيام مهترئة وبيئة غير صحية، تفاقم معها انتشار الأمراض والأوبئة بشكل كبير.