آخر الأخبار

شاهد.. إسرائيل تحوّل "سنجل" لسجن وتفصل قرى الضفة عن بعضها

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

رام الله- فجر ليلة أمس الأول الاثنين، كانت الحاجة الفلسطينية أم فرح (75 عاما)، على موعد مع هجوم مستوطنين لمنزلها في بلدة سنجل شمال رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.

لحظات حبست أنفاس أم فرح وبقية أهالي البلدة الذين خبروا عدوان المستوطنين وبطشهم على منازل القرية خلال الشهور الماضية.

عاشت أم فرح في منزلها منذ سبعينات القرن الماضي، وطوال حياتها كان المنزل أكثر الأماكن قدسية وخصوصية لها، ففيه تربى ونشأ أولادها، وبين جدرانه كان أمانهم، وفيه تجمعت العائلة بمناسبات كثيرة.

لكنه ومنذ بداية العام الحالي صار أكثر الأماكن خطرا بالنسبة لها ولعائلتها، حيث اعتاد المستوطنون على التسلق على جدرانه، ومحاولتهم تكسير نوافذه وأبوابه بالحجارة، إضافة لكثير من الأعمال الاستفزازية لهم بالقرب منه.

مصدر الصورة السياج الحديدي الذي نصبه الاحتلال لعزل سنجل وتظهر بالخلف منازل البلدة (الجزيرة)

لا أمان

يقول نجلها فرح (35 عاما) إن الحياة في المنزل باتت خطرة جدا، وأنهم فقدوا الأمان كعائلة، لذا يضطر هو وشقيقه الأكبر لمغادرة المنزل كل يوم قبل حلول الليل، هربا من اعتداءات المستوطنين، والمبيت في منازل أقاربه وسط البلدة.

ويضيف للجزيرة نت "والدتي ترفض مغادرة المنزل ورغم خوفنا الكبير عليها، إلا أننا نحاول التواجد معها منذ الصباح وحتى المساء بشكل يومي، المستوطنون يحاولون باستمرار استفزاز الناس في منازلهم، وينتظرون أي ردة فعل من الأهالي، ليتم الاعتداء عليهم وبحراسة جيش الاحتلال".

وشهدت منازل في بلدة سنجل محاولات عدة من المستوطنين لاشغال النار فيها، إضافة لرمي الزجاجات الحارقة والحجارة عليها، إلى جانب تخريب المحاصيل الزراعية وسرقة ثمار الزيتون وتجريف الأشجار واقتلاعها.

وتتوسط سنجل الطريق الواصل بين مدينتي رام الله و نابلس ، وسط الضفة الغربية المحتلة، وتتربع على مساحة 16 ألف دونم (الدونم يساوي 1000 متر مربع)، ومنذ سنوات كانت البلدة مطمعا للتوسع الاستيطاني، حيث أقيمت على أطرافها قرابة 5 مستوطنات أهمها "معالي ليفونه" و"افرام" و"شيلو"، إضافة لمعسكر لجيش الاحتلال .

مصدر الصورة بؤرة استيطانية أقامها الاحتلال في المنطقة الشمالية من بلدة سنجل (الجزيرة)

السجن وتبعاته

وشرعت سلطات الاحتلال أواخر العام الماضي بتجريف وضم قرابة 32 دونما من أراضي البلدة، وبناء سياج حديدي بارتفاع 60 مترا وطول 1500 متر، أحاط البلدة من كافة جهاتها وحوَّلها لسجن كبير.

إعلان

وبحسب الأهالي فإن جنود الاحتلال في المعسكر يراقبون تحركات المستوطنين ويوفرون غطاء وحماية لهم بشكل دائم، فيما يتزعم جندي سابق في جيش الاحتلال يعرف باسم "مخائيل شمله" عصابة للمستوطنين التي تسعى لطرد مزارعي سنجل من أراضيهم والسيطرة عليها بالقوة أحيانا، وعن طريق وضع اليد في أحيان أخرى.

ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة أقام المستوطنون عددا من البؤر الاستيطانية الرعوية الإضافية في محيط سنجل.

ويشرح نائب رئيس بلدية سنجل، بهاء فقها، وضع البلدة منذ إقامة السياج الحديدي حولها، ويقول "أصبحت سنجل محاصرة بشكل كامل، وعُزلت عن القرى المحيطة بها، ودمَّر الاحتلال مزارع الزيتون وحقول اللوز أثناء إقامة السياج".

ويضيف فقها للجزيرة نت "قبل شهرين أُخطرنا بمصادرة قرابة 10 دونمات إضافية، لتصل المساحة حتى الآن إلى 40 دونما قابلة للزيادة، ورغم تحويل البلدة لسجن، إلا أن هجمات المستوطنين، لا سيما فتيان التلال، أصبحت روتين شبه يومي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وخاصة المنازل المقامة على شارع نابلس القديم وشارع 60".

وإضافة لإحاطتها بالسياج، أقامت قوات الاحتلال بوابة حديدية عند المدخل الشمالي للبلدة ما أدى لإعاقة حركة 30 ألف مواطن من بلدات سنجل والمزرعة الشرقية وجلجلية وغيرها، وكل ذلك -بحسب فقها- يأتي ضمن خطة إسرائيلية لفصل شمال الضفة عن جنوبها، تمهيدا لتطبيق سياسة ما تسميه إسرائيل "فرض السيادة" على الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يعني تعزيز احتلال الضفة المحتلة أصلا، وفقا ل مواثيق الأمم المتحدة .

وخلال الأشهر الماضية تعقدت حياة المواطنين من سنجل والبلدات المحيطة، حيث مُنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الواقعة خلف شارع 60، فيما أثَّرت الإغلاقات على حركة طلاب الجامعات والموظفين والعمال.

عقاب وفصل

ويرى فقها أن ما يحدث هو عقاب جماعي للسكان الذين يرفضون التخلي عن أراضيهم، وكسر لعزيمة الشباب، في البقاء في قراهم وبلداتهم، ويضيف "التحدي بيننا وبين المستوطنين هو الأرض، فإن فقدناها فقدنا كل شيء".

واستشهد خلال الـ3 أشهر الماضية على أراضي البلدة 4 مواطنين، اثنان منهم من بلدة المزرعة الشرقية التي تشترك مع سنجل في الأراضي الزراعية، فيما قتل المستوطنون الشاب سيف الدين مسلط (22 عاما) بعد الاعتداء عليه بالضرب خلال تصديه لهجوم نفذوه على منازل البلدة، وقتل الجيش الإسرائيلي طفلا بعمر (14 عاما) بالقرب من السياج الحديدي وما يزال يحتجز جثمانه حتى الآن.

من جهته، يقول الناشط ضد الاستيطان -عايد الغفري- إن قوات الاحتلال تسعى لمصادرة 8 آلاف دونم من أراضي سنجل لزيادة المربع الاستيطاني في وسط الضفة الغربية المحتلة، وربط مستوطنان الضفة بنظيرتها في غور الأردن لتصبح مجسما استيطانيا واحدا.

هذا بالإضافة إلى خلق تواصل جغرافي بين مستوطنات "عيلي" و"معالي ليفونا" الجاثمة على أراضي سنجل، وذلك ضمن خطة الضم الكبرى التي تتوعد بها حكومة الاحتلال الضفة الغربية المحتلة.

ويتحدث الغفري عن تحويل أراض فلسطينية مصنفة "ب" (تتبع إداريا للفلسطينيين حسب اتفاق أوسلو)، لتصبح ضمن مناطق "ج"، الخاضعة بالكامل للسيطرة الإسرائيلية، وذلك لتسهيل عملية تهويدها واقتحام المستوطنين لها، ومن ثم تحويلها إلى بؤر استيطانية رعوية، وبالتالي تضييق الخناق أكثر على البلدات الفلسطينية بعزلها وتحويلها إلى كنتونات منفصلة عن بعضها.

مصدر الصورة قطيع من الأبقار أطلقه المستوطنون في أراضي المزارعين ببلدة سنجل للتضيق أكثر عليهم (الجزيرة)

إفراغ البلدة

لكن الأخطر -بحسب الغفري وبلدية سنجل- هو إفراغ قرابة 47 منزلا من منازل البلدة والتي تقع على شارع 60 وفي النقطة الأقرب للمستوطنات، ورحيل سكانها إلى وسط البلدة، إضافة لسلخ أراضي البلدة الواقعة وراء السياج عن وسط البلدة نفسها.

إعلان

والغفري واحد من الذين تعرضوا وعائلاتهم لاعتداءات شديدة من المستوطنين، حيث هاجم مستوطنون من مستوطنة شيلو القريبة منزل عائلته وحاولوا إشعال النار فيه، مما تسبب بإجهاض زوجة أخيه الحامل في الشهر الرابع، حيث كانت "تنتظر توأما بعد عملية زراعة أطفال أنابيب وتأخُّر عن الإنجاب دام لسنوات".

ويؤكد الغفري أن أهالي البلدات والقرى الفلسطينية يواجهون عصابات المستوطنين واجرامهم بدون أي حماية، ويضيف "حتى القضايا التي نحاول رفعها على المستوطنين المعتدين والجيش ورغم أنها موثقة بالصور والقرائن إلا أنها لا تلقى المتابعة لأنها ترفع أصلا من خلال مراكز الشرطة الإسرائيلية، ما يعني أن الجلاد والقاضي واحد".

ويختم أن هذا اعتداء دولة مبرمج، حيث يدعم الاحتلال المستوطنين في هذه الاعتداءات التي تأتي في الأساس من مجلس المستوطنات.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا