في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
القدس المحتلة- بدأ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو زيارة إلى إسرائيل في توقيت سياسي وعسكري بالغ الحساسية، وسط جدل داخلي وخارجي يرافق إدارة الرئيس دونالد ترامب بسبب الموقف من الحرب على غزة ، والتداعيات التي خلّفها الهجوم الإسرائيلي الفاشل على الدوحة .
وتشكل زيارة روبيو الثانية إلى إسرائيل -منذ تسلمه منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي- محطة أساسية لاختبار طبيعة العلاقات بين واشنطن و تل أبيب ، خصوصا في ظل ما يثار من تساؤلات حول مستوى التنسيق الأمني والسياسي بينهما، وحدود الدعم العلني الذي تقدمه الإدارة الأميركية لبعض العمليات الإسرائيلية.
وانشغلت التحليلات الإسرائيلية بتفكيك دلالات هذه الزيارة، سواء من حيث توقيتها أو الرسائل التي حملتها في 3 ملفات مركزية، كمستقبل غزة واليوم التالي للحرب، ومدى تأثر العلاقات الأميركية الإسرائيلية بتداعيات العدوان على قطر ، وأخيرا التقدير الإسرائيلي لموقف واشنطن من خطوات بعض الدول الأوروبية باتجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة.
وبينما حرص رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو -المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في غزة- على تأكيد أن زيارة روبيو "دليل على متانة العلاقة مع الولايات المتحدة "، فقد رأى محللون أن القراءة الدقيقة للزيارة تكشف عن مزيج من الدعم السياسي لإسرائيل، مع إشارات مبطنة إلى خلافات تكتيكية حول إدارة الحرب وتبعاتها الإقليمية والدولية.
ووُصفت زيارة المسؤول الأميركي في الإعلام الإسرائيلي كرسالة دعم سياسي لتل أبيب، غير أنها أثارت نقاشا واسعا، ففي ملف غزة، اعتبر المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إيتمار آيخنر، أن حضور روبيو يهدف إلى متابعة ترتيبات "اليوم التالي للحرب" بما ينسجم مع المصالح الأميركية في المنطقة.
ولفت آيخنر إلى أن ذلك يشير إلى أن الفجوة لا تزال قائمة بين الرؤية الإسرائيلية المستندة على السيطرة الأمنية الكاملة، وبين الموقف الأميركي الأكثر ميلا إلى إيجاد حلول تفتح الباب أمام ترتيبات إقليمية أوسع.
وفي ملف الهجوم على قطر، أبرزت الزيارة حرج واشنطن؛ فبينما شدد روبيو على متانة العلاقة مع إسرائيل، أشار المحلل الإسرائيلي إلى عدم رضا ترامب عن العملية، ما يكشف حدود الدعم الأميركي عندما تتقاطع مصالحه مع تحركات تل أبيب.
وفيما يخص الاعتراف بالدولة الفلسطينية، رأى آيخنر أن زيارة روبيو تؤكد التزام واشنطن بإحباط أي محاولة لفرض "حل الدولتين" دوليا، لكنه حذر من أن الدعم الأميركي وحده قد لا يوقف الاندفاعة الأوروبية المتصاعدة.
وخلص للقول "بهذا المعنى، بدت زيارة روبيو بالنسبة لإسرائيل بمثابة مزيج من رسائل الطمأنة والضغط في آن واحد"، طمأنة بأن التحالف مع واشنطن لم يتأثر رغم الخلافات التكتيكية، وضغط حول ضرورة التعامل مع الملفات الإقليمية والدولية بما يراعي حسابات أميركية أوسع.
من جانبه، ربط محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "هآرتس"، تسفي بارئيل، بين زيارة روبيو وانعقاد القمة العربية الإسلامية بالدوحة، مشيرا إلى أن حلفاء واشنطن باتوا يطالبون بالحماية منها لا الاحتماء بها، في إشارة إلى التوتر مع إسرائيل كحليف رئيسي للولايات المتحدة في المنطقة.
يقول بارئيل إنه "للمرة الثالثة خلال عامين تعقد في الدوحة قمة عربية إسلامية خاصة، هذه المرة في سياق إظهار التضامن مع قطر بعد الهجوم الإسرائيلي عليها".
ويرى أن غزة ستكون محور القمة، لكن ليس كقضية مستقلة، بل كوسيلة للضغط على واشنطن لكبح التهديدات الإسرائيلية.
ويضيف أن العملية ضد قطر كشفت لدول الخليج والجوار أن الحرب في غزة وصفقات تبادل الأسرى والحملة على حماس ، وحتى خيار احتلال القطاع، كلها تشكل تهديدا مباشرا لهم، وأن التحالف مع الولايات المتحدة لم يعد ضمانة للحماية من تلك المخاطر الإسرائيلية.
مشيرا إلى أن إسرائيل لا تزال تستند إلى الفيتو الأميركي لعرقلة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو محور زيارة روبيو إلى تل أبيب، لكن تصاعد المزاج الدولي جعل حل الدولتين يُطرح كخيار عملي لإنهاء حرب غزة وكبح طموحات إسرائيل في احتلال القطاع وضم الضفة الغربية وتوسيع عملياتها الإقليمية.
بدوره، تناول الأستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة حيفا أبراهام بن تسفي ، في مقال بصحيفة "يسرائيل هيوم"، زيارة وزير الخارجية الأميركي روبيو إلى تل أبيب، مسلطا الضوء على كواليس التوتر بين واشنطن وتل أبيب عندما تصطدم السياسات الإسرائيلية بمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط .
وأوضح بن تسفي أن الإصرار الإسرائيلي على تصفية قيادة حماس وضرب جهود التطبيع الذي سعى ترامب لتحقيقه، جاء في وقت حساس للوساطة الأميركية، مؤكدا أن نتنياهو خاطر بعلاقاته مع حليفه الأساسي الولايات المتحدة.
وأكد أن منطق الحرب الشاملة هو الذي يوجه سلوك الحكومة الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث اتسمت أغلب القرارات بالتكتيكية العملياتية، مع تجاهل القيود والاحتياجات الإستراتيجية والسياسية، سواء الإقليمية أو الدولية.
عقب وصوله إلى إسرائيل.. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يزور حائط البراق في #القدس رفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويؤدي طقوسا يهودية pic.twitter.com/B9Z3vmTunU
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 14, 2025
وأوضح أن محاولة اغتيال قيادة حماس في الدوحة فشلت هذه المرة بشكل أخطر من سابقاتها، مما خلق أزمة ليس فقط مع قطر، بل مع الولايات المتحدة والعالم العربي والإسلامي بأسره، ومع النظام الدولي، بالإضافة إلى المخاطر المباشرة على المخطوفين.
وحذر الكاتب من أن هذه السياسة ستُضعف مكانة إسرائيل الدولية وتقوض شبكة شركائها، كما أن العلاقة الخاصة مع واشنطن بدأت تتفكك تدريجيا نتيجة تجاهل الاعتبارات الإستراتيجية للدوحة والإحراج الذي سببته العملية للرئيس ترامب.