آخر الأخبار

المجلس الوطني الكردي إلى دمشق.. تفاؤل حذر وآراء متباينة

شارك

دمشق- رغم مرور أكثر من 4 أشهر على عقد الأكراد في سوريا مؤتمر "وحدة الصف والموقف الكُردي" في القامشلي بأبريل/نيسان الماضي، والذي أفرز وفدا كُرديا موحدا، وورقة مطالب مشتركة، واتفاقا على زيارة الوفد إلى دمشق، إلا أن المجلس الوطني الكردي تلقى دعوة منفردة للقاء مع القيادة السياسية في دمشق، دون إشراك بقية أطراف الوفد.

الدعوة التي رحّب بها المجلس وأثارت في الوقت ذاته حفيظة ناشطين وسياسيين أكراد، فتحت الباب مُجددا على نقاش قديم جديد، حول من يملك الشرعية التمثيلية للتحدث باسم الأكراد. وهل أساسا تمثل هذه الخطوة محاولة من المجلس لاستعادة زمام المبادرة على حساب وحدة الصف الكُردي؟

مصدر الصورة بروين يوسف اعتبرت أن الرهان على اللقاء محدود ولا آمال كبيرة عليه بحد ذاته (الصحافة السورية)

رهان محدود

قالت عضو الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي بروين يوسف إن اللقاء "قد يكون إيجابيا إذا تم بإجماع كردي، لكن تخصيص الدعوة للمجلس الوطني فقط يُعدّ تفضيلا لطرف على آخر"، وهو ما اعتبرته "مهددا لوحدة البيت الكردي، ويناقض مخرجات مؤتمر وحدة الصف الذي أقرّ تمثيلا موحدا".

وأضافت بروين في حديثها للجزيرة نت أنهم "كوفد مشترك منبثق عن مؤتمر القامشلي 2025" لم يُبلَّغوا مسبقا، وعلموا بالأمر من خلال وسائل الإعلام، لكنهم وبعد الاستيضاح "تبيّن أن اللقاء مع المجلس ليس تفاوضا رسميا بل لقاء تمهيديا، مما عزّز الشكوك حول نوايا دمشق".

ووفقا لبروين فإن اللقاء "ذو رهان محدود، ولا آمال كبيرة عليه بحد ذاته، لكنه قد يكون فرصة ليضغط المجلس على دمشق لقبول بدء مفاوضات رسمية مع الوفد الموحّد، وهو الهدف الذي سيحاول المجلس طرحه".

بدوره رفض المجلس الوطني الكُردي التعليق على الموضوع "لأسباب خاصة به"، لكن في تصريحات سابقة للناطق الرسمي باسم المجلس فيصل يوسف لشبكة روداو الإخبارية، ونشرها في حسابه على موقع "فيسبوك" أكد أن المجلس الكُردي "حريص دوما على وحدة الموقف الكردي في سوريا، وهي الوحدة التي ناضل من أجلها منذ انطلاق الثورة السورية ".

إعلان

وأضاف أن ذلك يعتبر "مبدأ لدى المجلس، وقد تَجسَّد في سلسلة من الاتفاقات التي وقعت برعاية رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني ، وبمساندة من الولايات المتحدة الأميركية والتحالف الدولي ضد الإرهاب"، واصفا مؤتمر القامشلي بأنه "أرسى رؤية مشتركة، واتخذ قرارا بالتوجه إلى دمشق بوفد كردي مشترك تم تشكيله بالفعل".

الشرعية والتمثيل

تعتقد بروين أن "أغلبية الحركة الكردية والشارع ترفض تفضيل طرف بعينه، وتصر على اعتماد مخرجات مؤتمر وحدة الصف كأساس لأي تفاوض سياسي".

وتصف لقاءات الإدارة الذاتية و" قسد " مع الحكومة السورية بأنها "تجري ضمن اتفاق العاشر من مارس/آذار حول دمج المؤسسات وتمثيل جميع المكونات الكردية، ولم تتناول الملف السياسي الكردي الذي يبقى من اختصاص وفد المؤتمر الموحّد".

ولا يتعارض ذلك مع ما قاله الناطق باسم المجلس فيصل يوسف، الذي أكد أن الوفد المشترك "يحظى بشرعية تمثل شبه إجماع كردي"، وأضاف أنه يتم العمل على أن "يُمنح المجلس المساحة الكاملة لإجراء حوار شامل حول مستقبل سوريا، والمساهمة في صياغة هويتها وهيكلها".

وأضاف أن "المجلس يسعى لإيجاد حل عادل للقضية الكردية، فليس هذا المسار خيارا ثانويا، وإنما حق وطني وقومي، ورافعة أساسية لبناء سوريا ديمقراطية لا مركزية تكفل الحقوق لجميع مكوناتها"، وختم حديثه بالقول "لا يتعارض هذا المسار قطعا مع أنشطة المجلس الوطني الكردي بوصفه مكونا قوميا وسياسيا".

مصدر الصورة الناطق باسم المجلس الكردي فيصل يوسف أكد أن الوفد يحظى بشرعية تمثل شبه إجماع كردي (الصحافة السورية)

توجسات

يشرح الأكاديمي والدكتور عبد الباسط سيدا للجزيرة نت العوامل المُحركة للدعوة، ومنها:


* الحديث الدولي والعربي عن الانتقال السياسي وفق القرار 2254 .
* تعثر مفاوضات الإدارة الذاتية مع السلطة في دمشق.
* الجمود بملف حزب العمال الكردستاني في تركيا.

مضيفا أن "المجلس شعر بعد الاتصالات المكثفة بين مسؤولي الإدارة الذاتية والمسؤولين في دمشق، أنه خارج المعادلة الكردية تقريبا، فاعتبر اللقاء فرصة لإثبات حضوره".

واعتبر أن "الموقف الكردي السليم يتمثل بالعودة للوفد المشترك ليشارك في جميع الملفات الاقتصادية والإدارية والعسكرية والسياسية، بما يعزز الثقة ويقطع الجدل، ويتيح الوصول إلى حل وطني عادل ومستدام للقضية الكردية، ضمن إطار وطني سوري شامل".

أما وليد جولي، الباحث في مركز الفرات للدراسات المقرب من الإدارة الذاتية، فقال إن "المفاوضات بين وفد الإدارة الذاتية والسلطة في دمشق تعثّرت، ما دفع الأخيرة -بدعم من أطراف إقليمية- إلى محاولة تفكيك الموقف الكردي الموحّد المنبثق عن مؤتمر القامشلي، عبر تفضيل المجلس الكردي وإظهار نفسه كممثل وحيد".

وأكد في حديثه للجزيرة نت أن "هذه الخطوة تهدف عمليا لتجاهل مخرجات المؤتمر والوفد المشكَّل بموجبه، وخلق شرخ جديد داخل الصف الكردي، وإيصال رسالة بأن دمشق قادرة على التعامل مع بعض القوى الكردية بشكل مباشر" حسب قوله.

أما عن قبول المجلس الكردي، فيرى جولي أن ذلك يعود لسببين:


* الأول داخلي يتعلق بالانتقادات التي طاولته بسبب جمود نشاطه خلال الأشهر الماضية، وبعد مؤتمر أبريل/نيسان تحديدا، نتيجة رفض الحكومة السورية التعامل مع الوفد الموحد الذي يضم المجلس ضمنه.
* والثاني رغبة المجلس في إثبات حضوره وإعادة تفعيله داخل الحراك السياسي السوري.
إعلان

مع ذلك، يؤكد جولي أن المجلس أعلن بوضوح أنّ "أي مفاوضات رسمية مع دمشق لا يمكن أن تجري إلا عبر الوفد الموحد المنبثق عن مؤتمر نيسان، وأي لقاءات أخرى لن تحمل طابعا تفاوضيا بل محض لقاءات سياسية".

مصدر الصورة الباحث وليد جولي: الدعوة تهدف لخلق شرخ جديد داخل الصف الكردي (الجزيرة)

حسن النوايا والمطلوب

يقول الكاتب الكردي المستقل هنر جنيدي للجزيرة نت إنه "لا يمكن تأكيدُ حسن نية الحكومة السورية من هذه الدعوة المنفردة، لكن في نهاية الأمر، فإن المجلس الوطني الكردي يمتلك تجربة سياسية كافية، وقادر على التعامل مع أي سوء نية إن وُجد".

ويرفض جنيدي وصف المجلس بأنه يسعى لمصالح خاصة قائلا "لا خشية من أن يُجمع المجلس على قرار يُبنى فقط على مصالحه الخاصة، فمخرجات مؤتمر وحدة الصف، باتت اليوم المرجعية الشعبية والسياسية، ولم يعد من السهل على أي طرف تجاوزها أو إلغاؤها".

ويُقدم جنيدي نقاطا إيجابية في الدعوة، إذ يرى أن المجلس يتشاور مع جميع الأطراف السياسية من دون استثناء بخصوص هذه الدعوة، لا سيما مع مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، "وإن تم الذهاب إلى دمشق، فستكون كل الأطراف على اطلاع ومتابعة" حسب قوله.

وختم حديثه حول الآمال قائلا إنها "معقودة على الوفد المشترك، وأن أي تحرك سياسي خارج هذا الإطار لا يُعتبر سوى تحركات دبلوماسية تمهيدية، يُفترض بها أن تهيئ الأرضية السياسية المناسبة للوفد المشترك، المخول رسميا بالتفاوض وتوقيع الاتفاقات وإصدار القرارات".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا