آخر الأخبار

خبيرة سياسية للجزيرة نت: هناك فرصة لمواجهة تفرد الاحتلال بالقدس بعد أوسلو

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

في 13 سبتمبر/أيلول 1993 وُقّعت في البيت الأبيض الأميركي اتفاقية أوسلو بين إسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية ، وبموجب هذه الاتفاقية أُنشِئت السلطة الوطنية الفلسطينية.

وقد هُمشت القدس في هذه الاتفاقية بإرجائها و4 قضايا أخرى إلى مفاوضات الحل النهائي، ووجدت إسرائيل في ذلك فرصة للاستفراد في العاصمة الفلسطينية المقدسة وبأهلها، وأحدثت تغييرات في كافة قطاعات الحياة فيها.

وفي الذكرى الـ32 لتوقيع هذه الاتفاقية، حاورت الجزيرة نت الأكاديمية المختصة بالعلوم السياسية في جامعة القدس آمنة بدران التي قالت إن تأجيل القدس إلى مفاوضات الحل النهائي أضعف الموقف الفلسطيني، مضيفة أنه ما زال هناك إمكانية وفرصة لإعادة صياغة علاقة المقدسيين بالمؤسسات الوطنية الفلسطينية رغم القيود الإسرائيلية إذا توفرت الإرادة، والقيادة التي تعمل مع الجماهير بشكل هادئ.

مصدر الصورة آمنة بدران: تأجيل القدس لمفاوضات الحل النهائي أضعف الموقف الفلسطيني (الجزيرة)

وتاليا نص الحوار كاملا:

بعد 32 عاماً على توقيع اتفاقية أوسلو، كيف تقرئين انعكاساتها على واقع القدس اليوم؟

أجّلت أوسلو قضية القدس و4 قضايا رئيسية أخرى في الصراع مع إسرائيل، وبالتالي أضعفت الموقف الفلسطيني وفرضت وقائع جديدة تنسجم مع موازين القوى التي هي بالأصل لصالح إسرائيل.

وإحدى إشكاليات اتفاقية أوسلو أنها لم تقم على أساس قانوني ووفقا للقانون الدولي وإن كان ذلك مجحفا، بل قامت وترجمت موازين القوى ما بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وللأسف، قبِل الجانب الفلسطيني بالتأجيل دون ضمانات لالتزام إسرائيل بالمواعيد، وبالتالي استطاعت الأخيرة أن تفرض رؤيتها وتستخدم عملية السلام والوقت لتنفيذ مآربها وأهدافها الإستراتيجية في القدس، مما جعل هذه المدينة أحياء ممزقة ودون قيادة ولا تأثير للوجود الفلسطيني فيها بمعظم الأوقات.

إعلان

فتُركت القدس رهينة لمعادلات تفاوضية غير متوازنة، ولحسابات جعلت السلطة الوطنية الفلسطينية ممنوعة من العمل فيها. وتدريجيا تنصلت إسرائيل من كافة الوعود لئلا يتم استخدام الوقت لتغيير الوضع القائم، ولا أعرف كيف تم الوثوق بإسرائيل أو بالضامن الأميركي في هذا الإطار.

فإسرائيل أخذت من اتفاقية أوسلو ما يعطيها أفضلية وتركت كل ما يعطي حقوقا فلسطينية، فكانت تختار ما يناسبها وتترك ما يناسب الفلسطينيين ضمن معادلة "صِفرية" مفادها: أنا أكسب والفلسطيني يخسر، وضمن موازين القوى فرضت رؤيتها وأجندتها.

كيف تقرئين قرار الاحتلال منع انتخابات النقابات بالقدس؟ وما دلالاته على المشهد السياسي؟

إسرائيل أغلقت المؤسسات ومنعت السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير من العمل في القدس، وأضعفت مؤسسات المجتمع المدني. واليوم وصلت إلى مرحلة لا تسمح فيها بإجراء انتخابات في المدينة لا على المستوى الوطني كجزء من الضفة الغربية المحتلة عام 1967 فحسب، بل حتى على مستوى الانتخابات النقابية.

فهي تقول لا وجود للهوية الفلسطينية في المدينة المقدسة، وهي ليست جزءا من كل الضفة الغربية، لأنها تريد أن تُقزّم الوجود الفلسطيني في القدس إلى أفراد، وأفراد غير مواطنين بالطبع.

هل تعكس هذه السياسات استمرار سياسة "تفريغ" القدس من مظاهر السيادة الفلسطينية؟

تسعى إسرائيل منذ عام 1967 إلى توسيع نطاق السيطرة والسيادة على مدينة القدس، واليوم المسعى هو أن تكون السيادة للهوية الإسرائيلية الصهيونية وأن تكون السيادة على الأرض للإسرائيلي وعلى المسجد الأقصى للإسرائيلي أيضا، وكل ذلك ضمن منظومة تقول لنا "نحن لا نسيطر فقط بل نفرض سيادتنا على كل مناحي الحياة بما فيها الأماكن الدينية والأفراد".

في ظل تقييد الحياة السياسية، كيف يمكن للفلسطيني المقدسي أن يمارس حقه في التمثيل والمشاركة؟

أعتقد أن الفلسطيني اليوم يمكن أن يمارس حقه في التمثيل والمشاركة من خلال الرجوع إلى فكرة بناء المؤسسات البديلة.

ويجب العودة إلى بناء مؤسسات مجتمع مدني وإعادة إحياء الفصائل أو بناء أجسام فلسطينية جديدة كأحزاب وعمل نقابي، لأنه لا يمكن أن يترك المجتمع الفلسطيني دون تنظيم قطاعاته سواء كانت نقابات عمالية أو قطاع المرأة أو الشباب أو الطلاب، وإذا تركنا عملية تنظيم المجتمع سنصل إلى مرحلة تستفرد فيها إسرائيل بكل فرد مقيم في القدس، وأقول مقيماً لأننا لا نتمتع بالمواطنة كمقدسيين.

مصدر الصورة إسرائيل منذ توقيع اتفاق أوسلو فرضت وقائع على الأرض بما في ذلك جدار سلخ القدس المحتلة عن الضفة (الجزيرة)

كيف أثرت سياسات ما بعد أوسلو على البنية الاجتماعية والخدماتية في القدس (تعليم، صحة، إسكان)؟

البنية الاجتماعية والاقتصادية تم ربطها بالمؤسسات الإسرائيلية، فالتعليم تم تهويده بشكل كبير، وأصبح يوجد الكثير من المدارس في القدس التي تُدرس المنهاج الإسرائيلي (البجروت).

والصحة كذلك، إذ أصبح الفلسطيني يتلقى الخدمات الطبية من صناديق المرضى الإسرائيلية المختلفة، ورغم التزامهم بدفع كافة الرسوم والضرائب المفروضة عليهم فإن الخدمات التي يتلقونها سيئة فيما يتعلق بالبنية التحتية وجمع النفايات وغيرها.

إعلان

والخطر يكمن في أنه تم ربط المقدسي بالمؤسسات الإسرائيلية، وتم تعزيز الاعتمادية الفلسطينية على المؤسسات الإسرائيلية وتهويد الخدمات فأصبحت كلها مرتبطة بمؤسسات دولة الاحتلال.

وبالتالي تم نفي وجود مؤسسات بديلة وهي المؤسسات الفلسطينية التي كانت تقدم الخدمات، والآن بقي القليل من المؤسسات التعليمية والصحية الفلسطينية الصامدة، لأن عملية التهويد وصلت لكل مناحي الحياة.

وما انعكاسات تهميش المقدسيين في العملية السياسية على حياتهم؟

الإسرائيلي عمل على تهميش القدس العربية والفلسطيني فيها، وللأسف لم تعمل الجهات الفلسطينية بشكل ممنهج لضمان وجود الفلسطيني وقوته وتأثيره في القدس.

والقدس بدون قيادة على المستويين البسيط والأعلى، الناس يديرون أمور حياتهم من خلال العائلة والنظام التقليدي أو من خلال بعض المؤسسات التي بقيت تعمل، لأن الجهود أصبحت مبعثرة، وللأسف هناك تشتت في العناوين بسبب عدم وجود التكاملية والبناء في العمل غير الجماعي وغير المنظم.

برأيك، ما المطلوب فلسطينياً لمواجهة فراغ السيادة في القدس؟

المطلوب فلسطينيا هو الإرادة السياسية لتطوير القطاعات المختلفة، وتوحيد المرجعيات، وتطبيق الإستراتيجيات التي وُضعت لسنوات عديدة، بالإضافة إلى التكاملية في العمل، وتوفير التمويل لعمل المؤسسات.

ومن الصعب أن نرى الجانب الإسرائيلي يرصد ميزانيات هائلة لتهويد القدس وفرض وتعزيز سيادته عليها، ونجد في المقابل أن الجانب الفلسطيني يتعامل مع القدس بمزاجية وبالخطابات أكثر من العمل الفاعل.

هل ما زال هناك إمكانية لإعادة صياغة علاقة المقدسيين بالمؤسسات الوطنية الفلسطينية رغم القيود الإسرائيلية؟

نعم، أعتقد أنه ما زالت هناك إمكانية، ويجب أن يكون هناك إمكانية لإعادة صياغة علاقة المقدسيين بالمؤسسات الوطنية لأنهم جزء من الكل الفلسطيني، لكن المطلوب الإرادة وقيادة تعمل بشكل هادئ مع الجماهير بحيث إنها تستطيع إعادة الثقة وبناء مؤسسات بديلة تقدم الخدمات في قطاعات مختلفة، وتقوم على تنظيم المجتمع والحفاظ على الهوية الفلسطينية في القدس.

كيف ترين مستقبل القدس إذا استمر هذا النهج الإسرائيلي في محاصرة أي نشاط سياسي أو نقابي؟

وجودنا في القدس يحفظ جزءا من هويتها العربية الإسلامية المسيحية لكن هذا لا يكفي، فبدون عمل منظم على أساس رؤية وطنية وعمل جماعي تكاملي أعتقد أننا سنبقى في إطار الوجود المبني على الخطابة لا على بناء الذات وبناء القوة على الأرض، وسنتراجع من الضعف الحالي إلى ضعف أكبر.

النهوض يحتاج إلى فكر مستنير وإرادة سياسية وقيادة مستنيرة وعمل هادئ، ولا شيء مستحيلا في السياسة ولا أؤمن أن السياسة هي فن الممكن بل أعي أنها فِعل جعلِ غير الممكن ممكنا، ولا مستحيلات فيها، وإن كانت مستحيلة لما تحررت فيتنام ولا الجزائر ولا جنوب أفريقيا.

وفي السياسة يوجد ناس يمكنهم أن يروا مواطن قوتهم ويستطيعون أن يستنهضونها، ويروا نقاط الضعف عند الخصم ويناورون ضدها، لذلك هناك دائما إمكانية وأمل، والقضية الفلسطينية لم تنتهِ وكذلك قضية القدس.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا