آخر الأخبار

تصاعد ملحوظ في وتيرة الاعتقال السياسي بالضفة الغربية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

الضفة الغربية- رغم ما يعيشه الفلسطينيون من حرب و إبادة في قطاع غزة ، واستيطان واعتقالات وملاحقات وقتل وحواجز تخنق الحياة اليومية في الضفة الغربية المحتلة، لم تتوقف أجهزة الأمن الفلسطينية عن الاعتقالات السياسية، حتى بحق الأسرى المحررين، وكأنّ ما ذاقوه خلف قضبان الاحتلال لا يكفي، ليجدوا أنفسهم من جديد في سجون أبناء جلدتهم.

جهاد أحمد (24 عاما) من مدينة نابلس شمال الضفة، الطالب بكلية الهندسة في السنة الثالثة في جامعة النجاح الوطنية، تحرر من سجون الاحتلال أواخر كانون الأول/ديسمبر 2024، ليجد نفسه بعد أشهر قليلة في سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، حيث اعتقل أول مرة في أبريل/نيسان الماضي، ثم أعيد اعتقاله من جديد قبل أيام.

لا اتهامات

ويأتي هذا الاعتقال في الوقت الذي لم يتعاف فيه جهاد من آثار الاعتقالات السابقة، وتقول عائلته للجزيرة نت، إنه وخلال اعتقاله السابق خاض إضرابا مفتوحا عن الطعام ثم عن الماء، حتى وصلت حالته الصحية إلى مرحلة الخطر، قبل أن يُفرج عنه بكفالة.

وتضيف العائلة أن جهاد لا يزال يعاني من مرض الجرب (سكابيوس) الذي أصابه أثناء اعتقاله الأخير في سجون الاحتلال، حيث تنتشر على جسده بثور وحبوب تلازمه منذ ذلك الوقت، وتحتاج لعلاج مستمر يتطلب التعرُّض للشمس والهواء النقي واستخدام أدوية خاصة، إضافة إلى التهابات مزمنة في عينيه.

إلى جانب معاناته الصحية، يتحمل جهاد مسؤولية إعالة أسرته ورعاية والده المريض، كونه الابن الذكر الوحيد، حيث يوازن بين دراسته الجامعية وعمله بسيارة للتوصيل، وتقول عائلته "يساند جهاد البيت، وينجز عمله ودراسته معا".

ورغم كل ذلك، يحاول جهاد الصمود نفسيا، مدركا أنه لم يرتكب أي ذنب، لكن ضغوط الحياة والاعتقال لا تتركه وشأنه، وتُعقِّب عائلته "هو يعرف أنه غير مطلوب أو متهم، لكنهم يواصلون استدعاءه واعتقاله"، رغم تأكيده دوما أنه "يضبط نفسه وتصرفاته، ولا شيء عليه".

إعلان

وتؤكد العائلة أن جهاد لم تُوجَّه له أي تهم، ولم يُفتح له أي ملف قضائي، وأن ما يجري هو عرضه على المحكمة لتمديد اعتقاله 15 يوما في كل مرة، وتوضح "لا ملف اتهام له. واعتقاله احترازي وتنغيص على حياته فقط".

ورغم كل ما تمر به العائلة، فهي تتجنب الحديث للإعلام، خشية زيادة الضغط على نجلها داخل السجن ومضاعفة معاناته، وتقول قريبته "أي كلمة تخرج لوسائل الإعلام يشاهدونها داخل السجن، ويزيدون عليه الضغط والتعذيب، لهذا لا نفضل الحديث كثيرا".

مصدر الصورة آليات أمن السلطة الفلسطينية في مخيم جنين (رويترز)

تصاعد ملحوظ

وتصف لجنة أهالي المعتقلين السياسيين للجزيرة نت واقع الاعتقال في الضفة الغربية بأنه يشهد تصاعدا ملحوظا، غير أن الإشكالية الأبرز -وفق اللجنة- تكمن في ضعف الاهتمام بهذا الملف وتراجع التبليغات من الأهالي.

وتقول إن "ما يتم رصده يبقى محدودا مقارنة بالواقع الذي يشمل اعتقالات واسعة واستدعاءات متكررة، فضلا عن ممارسات تعذيب داخل سجون الأجهزة الأمنية".

وترى اللجنة أن الاعتقال السياسي يترك آثارا قاسية على العائلات، خاصة أن معظم المستهدفين أسرى محررون، لم يمضِ وقت طويل على خروجهم من سجون الاحتلال، وهو ما يقلق ذويهم باستمرار، ويضاعف الضغوط النفسية الناتجة عن الاعتقالات المتكررة والمتسارعة.

وتشير اللجنة إلى أن التفاعل الشعبي مع قضايا الاعتقال السياسي تراجع بشكل لافت مع استمرار الحرب على غزة، حيث ألقت بظلالها الثقيلة على الحراك الميداني، فمحاولات الأهالي تنظيم مسيرات أو فعاليات احتجاجية لم تعد تحظى بالحجم أو التأثير الذي كانت عليه سابقا.

وتؤكد اللجنة أن السبب الجوهري لاستمرار هذه الاعتقالات هو سياسة التنسيق الأمني مع الاحتلال، موضحة أنها ظاهرة ليست جديدة، إذ بدأت مع قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994 وتصاعدت بعد أحداث الانقسام عام 2007.

وتضيف "ما دام التنسيق الأمني قائما، سيبقى هذا الملف مفتوحا، في ظل سعي السلطة لقمع الأصوات المعارضة، سواء في القضايا الوطنية أم في مجال حرية الرأي والتعبير على منصات التواصل الاجتماعي".

السلطة تنفي

في المقابل، تؤكد الأجهزة الأمنية الفلسطينية أنها لا تمارس الاعتقال السياسي، وأن ما يجري إنما يتم وفق القانون ومقتضيات حفظ الأمن والاستقرار، لا بغرض القمع السياسي.

وصرح الناطق باسم قوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب -في وقت سابق- أن الاعتقالات لا تتعلق بالانتماء السياسي، بل تستهدف "الخارجين على القانون"، متعهدا بملاحقتهم "في جميع أنحاء الضفة الغربية بكافة عناوينهم ومسمياتهم".

لكن تقارير صادرة عن لجنة أهالي المعتقلين السياسيين توثِّق وقوع 207 انتهاكات خلال شهر فبراير/شباط الماضي وحده، شملت اعتقالات واستدعاءات ومداهمات، استهدفت نشطاء وأسرى محررين وطلبة جامعات، خاصة في مدن جنين ونابلس و طوباس .

وتبرز هنا الإشكالية المتعلقة بالتنسيق الأمني، إذ ترى الجهات الرسمية أن هذه الممارسات تأتي استجابة لتهديدات داخلية، بينما تصفها منظمات حقوقية بأنها أداة لقمع المعارضة وتكريس أمن يخدم الاحتلال.



إعلان

وفي خضم ذلك، دعت الهيئة الوطنية الفلسطينية للسلم الأهلي إلى وقف الاعتقالات والاستدعاءات التعسفية التي تستهدف المواطنين على خلفية الرأي أو الانتماء السياسي، مطالبة بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين.

وشددت في بيانها الصادر في 9 سبتمبر/أيلول 2025 على ضرورة التزام الأجهزة الأمنية بقرارات المحاكم الفلسطينية التي أقرت بالإفراج عن عدد من المعتقلين، والتحقيق في شكاوى التعذيب وسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز.

كما طالبت الحكومة الفلسطينية باحترام القانون الأساسي والمواثيق الدولية الموقعة، داعية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لتعزيز دورها الرقابي بما يحمي السلم الأهلي ويمنع تفاقم الاحتقان الداخلي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا