في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
ألقت الولايات المتحدة حجرا في مياه المفاوضات الراكدة بإعلانها عن مقترح جديد يتضمن حلا شاملا لإطلاق سراح كل الأسرى مقابل وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة .
وأجمع محللون سياسيون على أن المقترح الأميركي الجديد يحمل عناوين فضفاضة ويضع حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) أمام مسؤولية خطيرة وموقف لا تُحسد عليه، خاصة مع صعوبة توفير ضمانات بألا تستأنف إسرائيل عدوانها بعد تسلم أسراها.
ولم يستبعد الباحث والكاتب الفلسطيني محمود الرنتيسي أن يكون المقترح الجديد ضمن إستراتيجية الإلهاء الإسرائيلية، وذلك بإعادة الكرة إلى الملعب الفلسطيني، بعدما كانت -أي الكرة- لدى واشنطن وتل أبيب عقب موافقة حماس على مقترح الوسطاء في الـ18 من الشهر الماضي.
كما تساءل الرنتيسي -في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- إن كان المقترح الأميركي قد لبّى الشروط الخمسة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقابل موافقته على إنهاء الحرب، معربا عن قناعته أن حماس منفتحة على أي مقترح جاد.
لكنه شدد على أن عملية المفاوضات لا تتم عبر عناوين فضفاضة، وإنما بنود واضحة يتم التعامل معها، وسط تأكيده غياب الثقة الفلسطينية بالإدارة الأميركية وعدم توفر ضمانات.
ووفق الرنتيسي، فإن حماس أظهرت مسؤولية ومرونة كبيرة بسبب أوضاع غزة المأساوية ووافقت على انسحاب تدريجي لقوات الاحتلال وإطلاق كل الأسرى ضمن اتفاق شامل بضمانات حقيقية يوفرها الوسطاء والأمم المتحدة.
وكذلك، فإن المقترح الجديد لا يحمل الكثير من الدقة، وقد يشير إلى التوجه العام بين واشنطن وتل أبيب حول صفقة شاملة، حسب رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل بلال الشوبكي.
ويحمل المقترح عناوين فضفاضة وقابلة للتأويل وقد تكون تبنيا كاملا للشروط الإسرائيلية، إذ وصف الشوبكي المشهد بأنه أقرب لإدارة مفاوضات، وقد يأتي لتخفيف حدة الاحتقان الداخلي الإسرائيلي والدولي والمضي قدما في العملية العسكرية.
ويتضمن المقترح الجديد إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين في اليوم الأول من تنفيذ الصفقة مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام العالية، ووقف عملية "عربات جدعون 2" التي أطلقتها إسرائيل مطلع سبتمبر/أيلول الجاري لاحتلال مدينة غزة .
لكن نتنياهو -حسب الشوبكي- سيكون من الصعب عليه تجاهل صفقة يقبلها الجانب الفلسطيني لكونها ستحرره من صداع ملف الأسرى، كما أنها لا تلزمه بإنهاء الحرب وإنما بوقفٍ لإطلاق النار.
وبناء على ذلك، قد تجد إسرائيل ما يبرر لها استئناف الحرب على غزة، مثلما يجري حاليا في لبنان من خلال استمرار غاراتها الجوية وعدم الانسحاب من الأراضي اللبنانية حتى بعد اتفاق نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وخلص الأكاديمي الفلسطيني إلى أن الولايات المتحدة تمد دائما حبل المفاوضات مع كل عملية عسكرية إسرائيلية، مؤكدا أن المعضلة الحقيقية هي التخوفات وغياب الضمانات.
في المقابل، يرى المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو أن ترامب يريد وقفا لإطلاق النار، ويبدي اهتماما بإطلاق الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، معربا عن قناعته بأنه هناك بنودا قد يتم التفاوض عليها.
ووفق فرانكو، فإن الضمان الوحيد لحماس هو إدخال المساعدات لغزة ومشاركة الدول العربية في حكم غزة، مشيرا إلى أن السلام الشامل "لا يمكن أن يتحقق في وقت قصير، كما لا يمكن لإسرائيل الانسحاب سريعا من غزة".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع سقف الضغوط على حماس، وطالبها في "تحذير أخير" بالموافقة على المقترح الجديد، وهو ما اعتبره فرانكو "تهديدا ضمنيا بمساندة إسرائيل باحتلال كامل قطاع غزة في حال عدم الموافقة".
وفي ضوء هذا التهديد، تواجه حماس موقفا "لا تحسد عليه" وأمامها مسؤولية خطيرة، حسب الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي، إذ تعني موافقتها على المقترح أنها قد تخدع مجددا بعدما أطلقت سابقا الأسير عيدان ألكسندر مجانا ولم تحصل مقابله على شيء.
وكذلك، فإن رفض حماس للمقترح الجديد يعني استمرار الحرب والعمليات العسكرية الإسرائيلية، خاصة أن المقترح الجديد يستبعد الوسيطين القطري والمصري، مما يخلق معضلة أساسية.
وتتمثل هذه المعضلة في مصداقية الولايات المتحدة، وانحيازها المطلق لإسرائيل، إذ ستكون "الخصم والحَكم في مقترح يبدو أكثر ميلا للإسرائيليين"، حسب مكي.
وتوقع الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات أن تكون الأيام المقبلة حاسمة، وتحدث عما سمّاها "تنازلات صعبة قد تكون مفيدة للمستقبل" خاصة في ظل أوضاع غزة الكارثية ومخطط التهجير ومصير الشعب والقضية الفلسطينية.
أما بشأن تهديد ترامب فإنه يأتي -وفق مكي- في إطار الحرب النفسية ودعم إسرائيل حتى النهاية، مرجحا أن الرئيس الأميركي يريد الضغط أكثر على حماس ومنع أي نافذة مفاوضات جديدة مستقبلا.