آخر الأخبار

تقرير يكشف عجز الحكومة الإسرائيلية عن تحصين الجبهة الداخلية

شارك

القدس المحتلة- أصدر مراقب الدولة الإسرائيلي متنياهو إنغلمان، تقريرا لاذعا كشف فيه حجم العجز الحكومي في إدارة الجبهة الداخلية منذ هجوم السابع من أكتوبر /تشرين الأول 2023، وما تلاه من حرب متعددة الجبهات.

لم يكتف تقرير المراقب بالإشارة إلى أوجه القصور العامة، بل سمى المسؤولين الكبار مباشرة، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش ، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت ، محملا إياهم مسؤولية مباشرة عن فشل الاستجابة المدنية في أكثر اللحظات خطورة التي عرفتها إسرائيل منذ حرب لبنان الثانية عام 2006.

فمنذ تلك الحرب، تكررت التوصيات بضرورة تعزيز الجاهزية المدنية، لكن الحكومات المتعاقبة، وخصوصا حكومة نتنياهو الممتدة عبر معظم العقدين الماضيين، فشلت في تحويل هذه التوصيات إلى خطط قابلة للتنفيذ، إذ يوضح التقرير أن الإخفاق لم يكن وليد لحظته، بل نتيجة تراكم سنوات من الإهمال في بناء منظومة مدنية متماسكة لإدارة الطوارئ خلال الحرب أو الكوارث الطبيعية.

ورغم العدد القياسي للوزراء في الحكومة، وتعدد صلاحياتهم وألقابهم، إلا أن الأداء على صعيد الجبهة الداخلية اتسم بالارتباك وغياب التنسيق، كما أن المواطنين الإسرائيليين بمن فيهم المجلون من مستوطنات الجنوب والشمال، وأصحاب الأعمال المتضررة، وطلاب المدارس، تُركوا عمليا لمواجهة مصيرهم من دون رعاية حكومية كافية.

وانعكس غياب الاستعداد في فوضى إدارة الأزمات، ونقص في المختصين النفسيين لدعم المتضررين، وتضرر المنشآت الحيوية من دون خطط بديلة، والإخفاق في إقامة إدارة مدنية فاعلة، وتراشق الاتهامات والتنصل من الصلاحيات بين الوزارات الحكومية.

إخفاقات الحكومة

وبحسب تقرير إنغلمان، الذي استعرضته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بدت البنية التحتية الحكومية "هشة وضعيفة" أمام احتياجات الجمهور خلال الحرب، ما عزز الشعور السائد بين الإسرائيليين بأنهم تركوا وحدهم في مواجهة الخطر.

إعلان

وكشف التقرير أن الحكومة الإسرائيلية أخفقت بشكل واضح في التعامل مع الجبهة الداخلية بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فقد أدى غياب التنسيق الوزاري إلى تضارب الصلاحيات بين 5 وزراء، من دون خطة موحدة للاستجابة للأزمة.

وظهر التخبط في إدارة الإجلاء جليا في منطقة "غلاف غزة" والنقب الغربي والجليل الأعلى والمناطق الحدودية مع لبنان، إذ تُرك عشرات آلاف المجلين من مستوطنات الشمال والجنوب من دون حلول سكنية مناسبة أو دعم نفسي ضروري.

وسجل التقرير فشلا في إدارة التعويضات والاقتصاد المدني، إذ لم يتلق أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة التعويضات في الوقت المناسب، ما تسبب بانهيار العديد منها، كما تعطلت العملية التعليمية نتيجة غياب خطط بديلة، الأمر الذي أدى إلى إرباك عشرات آلاف الطلاب والطالبات وعائلاتهم.

وحمل التقرير القيادة السياسية قسطا كبيرا من المسؤولية، فقد أهمل رئيس الوزراء نتنياهو، استخلاص الدروس من حرب لبنان الثانية، وترك المجتمع المدني يواجه الأزمة من دون إدارة واضحة.

أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، فقد أشرف على فشل إقامة "الإدارة المدنية" التي كان يفترض أن تُنسّق الاستجابة للمدنيين، بينما وجهت إلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت انتقادات بشأن إخفاقات سلاح الجو والجبهة الداخلية خلال الأيام الأولى للهجوم، كما خضع يوسي شيلي، المدير العام السابق لمكتب رئيس الوزراء للتحقيق بسبب تقصيره في إدارة الطواقم المدنية.

مصدر الصورة رئيس الأركان زامير يقدم إحاطة لرئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع كاتس حول العلميات العسكرية في غزة ( الجيش الإسرائيلي )

ثقة الجمهور

يقول المحرر في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يارون دروكمان إن "التقرير أوضح أن الإخفاقات الحالية ليست جديدة، بل تعكس تراكما لإهمال استمر منذ حرب لبنان الثانية عام 2006".

وأوضح دروكمان أن معظم الحكومات المتعاقبة لم تنفذ عشرات التوصيات التي سبق أن صدرت لتعزيز الجاهزية المدنية، وتكررت أوجه القصور ذاتها، سواء بنقص المختصين النفسيين لمواجهة الصدمات الجماعية، أو غياب خطط بديلة لحماية المنشآت الحيوية، وضعف البنية التحتية للإنذار المبكر والتواصل مع السكان.

وكان أبرز ما سجله التقرير هو "تعزز شعور الإسرائيليين بأنهم تركوا وحدهم في مواجهة الخطر" حسب دروكمان الذي يقول: "هذا الشعور انعكس في تراجع ثقتهم بالحكومة المركزية، وازدياد اعتمادهم على المبادرات الأهلية والمجتمعية لسد الفراغ الحكومي".

وأطلقت عائلات المجلين من مستوطنات الجنوب والشمال والمتضررين انتقادات حادة ضد غياب الرعاية الحكومية، ما عمق أزمة الثقة بين الجمهور والقيادة الإسرائيلية.

هشاشة البنية المدنية

وتناول المحرر في صحيفة "ذاماركر" الاقتصادية، سامي بيرتس، تقرير مراقب الدولة حول أداء الحكومة الإسرائيلية بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مسلطا الضوء على عشرات من خطوط الطوارئ والحلول شبه المعدومة، وهو ما يعكس نموذجا متكررا للفشل الحكومي في تحصين الجبهة الداخلية خلال الحروب وحالات الطوارئ.

ويقول بيرتس إن "هذا الإخفاق لم يكن حدثا مفاجئا، بل تراكم على مدى 17 عاما، من دون وضوح في تحديد الجهة المسؤولة عن إدارة الجبهة الداخلية"، إذ أظهر التقرير ضعف الإدارة وغياب التنسيق، وعدم استخدام الصلاحيات المتاحة للوزراء لتقديم استجابة فعالة للمواطنين.

إعلان

وأوضح أنه رغم أن الحكومة الإسرائيلية تحتفظ بأرقام قياسية في عدد الوزراء الذين خدموا فيها وعدد الفترات المزدوجة لبعض الوزراء، ورغم تعدد الصلاحيات والألقاب، إلا أن الأداء المدني خلال الحرب كان فاشلا بشكل واضح، ويعكس هشاشة البنية المدنية واستمرار المخاطر.

وأشار بيرتس إلى أن نقص التنظيم والمسؤولية العامة في إدارة الرعاية المدنية أدى إلى عدم تقديم قيادة الجبهة الداخلية استجابة عملية لاحتياجات المواطنين، خاصة النازحين، ولم تُنشئ أي هيئة طوارئ وطنية قادرة على إدارة جميع جوانب الرعاية المدنية أثناء الحرب، وهذا أسهم في تفاقم الأزمة في الجبهة الداخلية خلال الحرب على غزة.

ويعتقد أن تقرير مراقب الدولة يكشف صورة قاتمة عن إدارة الحكومة للجبهة الداخلية منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى وخلال حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما بعدها، قائلا إنه "رغم أن المسؤولية موزعة بين وزراء وأجهزة مختلفة، إلا أن القيادة السياسية، وعلى رأسها نتنياهو، تتحمل العبء الأكبر، إذ فشلت في تحويل التحديات السابقة إلى فرص لإصلاح المنظومة المدنية".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا