آخر الأخبار

أوروبا ترفع إنفاقها العسكري..أمن استراتيجي أم سباق تسلح جديد

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

رقم قياسي جديد في الإنفاق العسكري الأوروبي

يشهد الاتحاد الأوروبي موجة غير مسبوقة من الإنفاق العسكري مع تصاعد الحرب في أوكرانيا واشتداد التوتر بين روسيا والغرب.

ووفقاً لتقديرات وكالة الدفاع التابعة للاتحاد الأوروبي، يُتوقع أن يصل الإنفاق العسكري الأوروبي إلى 381 مليار يورو بحلول عام 2025، وهو رقم قياسي يعكس حجم القلق الأوروبي من التهديد الروسي، وضغط الحلفاء الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

هذه الزيادة، التي بلغت حوالي 10% خلال عام واحد، تأتي أيضاً في سياق التزام أوروبي متجدد تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعدما مارس الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطاً كبيرة على العواصم الأوروبية لزيادة مساهماتها الدفاعية.

خلافات أوروبية حول فلسفة التسلّح

الباحث والكاتب السياسي مصطفى طوسة، أوضح خلال حديثه للتاسعة على سكاي نيوز عربية أن المسألة ليست محط إجماع داخل الاتحاد الأوروبي.

فبينما تتصدر دول مثل ألمانيا و فرنسا صفوف الداعمين لزيادة الإنفاق العسكري، تتردد دول أخرى مثل إسبانيا في ضخ المزيد من الأموال.

ويشير طوسة إلى أن هذا النقاش يعود لما قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، إذ واجهت أوروبا منذ ولاية ترامب الأولى ضغوطاً أميركية متواصلة للوفاء بالتزاماتها الدفاعية في إطار الناتو، تحت شعار أن على الأوروبيين أن "يموّلوا أمنهم بأموالهم بدل الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة".

المال لا يكفي وحده

رغم الأرقام الضخمة المرصودة، يشدد طوسة على أن "المال وحده لا يكفي لبناء سياسة دفاعية أوروبية مشتركة". فالأمر يتطلب أكثر من ميزانيات ضخمة، إذ يحتاج الأوروبيون إلى:


* استراتيجية عسكرية واضحة.
* توافق سياسي حول طبيعة المخاطر وكيفية مواجهتها.
* إرادة مشتركة لتوحيد العقيدة الدفاعية.

ويبرز هنا الخلاف المحوري بين فرنسا، المنادي بفكرة الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية، وبين ألمانيا التي تفضّل البقاء تحت المظلة الأطلسية وتعزيز ارتباطها الوثيق بالبيت الأبيض. هذا التباين يعطّل حتى الآن أي مشروع جاد لبناء "جيش أوروبي موحد".

الإنفاق تحت ضغط أميركي

يؤكد طوسة أن رفع الميزانيات الدفاعية الأوروبية لا يرتبط حصراً بالحرب الروسية الأوكرانية، بل هو استحقاق مفروض أميركياً. ففي اجتماعات الناتو الأخيرة، فُرض على الدول الأعضاء رفع مساهماتها الدفاعية إلى حدود 3.5% من ناتجها الداخلي القومي بحلول 2030.

ويرى طوسة أن الأمر يتجاوز مجرد تعزيز الدفاع الذاتي، إذ يتضمن بعدا اقتصاديا يضمن استمرار تدفق صفقات شراء السلاح من الولايات المتحدة.

وبذلك تصبح أوروبا ممولا مزدوجا: فهي تدفع لتعزيز أمنها، وفي الوقت نفسه تدعم كييف عبر شراء الأسلحة الأميركية وتسليمها للجيش الأوكراني عبر آليات بروكسل.

هاجس المواجهة المستقبلية مع روسيا

حتى لو توقفت الحرب بين موسكو و كييف غداً، يرى طوسة أن "الهواجس الأوروبية لن تزول". فمراكز القرار الأمني والعسكري في القارة تعتبر أن المواجهة مع روسيا حتمية في المستقبل، ما يبرر استمرار ارتفاع ميزانيات الدفاع، وتطوير الصناعات الحربية داخل أوروبا، إضافة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن.

هذه الرؤية تعكس تحولا عميقا في إدراك الأوروبيين لمفهوم الأمن القومي، حيث لم تعد القارة تعيش رفاهية السلام التي تلت الحرب الباردة.

عودة الخدمة العسكرية إلى الواجهة

أحد أبرز المؤشرات على هذا التحوّل هو عودة النقاش حول التجنيد الإجباري. ففي فرنسا، التي ألغت هذه الخدمة في التسعينيات، ترتفع أصوات تطالب بإعادة العمل بها لتأمين موارد بشرية كافية للجيوش، إلى جانب ما توفّره الخدمة من انعكاسات اجتماعية وتربوية على الشباب.

كما أطلقت وزارات الدفاع في عدة دول أوروبية حملات دعائية على وسائل الإعلام ومواقع التواصل لاستقطاب الشباب نحو الانخراط في القوات المسلحة، ما يعكس النقص في العنصر البشري وارتفاع الحاجة إلى تجديد الدماء داخل الجيوش.

الهوة بين الشارع وصناع القرار

رغم هذه التحركات، يلاحظ طوسة أن الرأي العام الأوروبي لا يعيش تحت ذعر "الخطر الروسي". فالإعلام الأوروبي لا يبالغ في التهويل ولا يوحي بأن موسكو تهدد باريس أو مدريد أو روما بشكل مباشر.

لكن هذا الهدوء الشعبي يتناقض مع قلق مراكز الأبحاث وصنّاع القرار الذين يستعدون لسيناريو مواجهة قد تكون آجلة لا عاجلة.

إلى أين يتجه الاتحاد الأوروبي؟

بين الاستجابة للضغوط الأميركية، والانقسام الداخلي بين تيار "الاستقلالية" الفرنسي و"الارتباط الأطلسي" الألماني، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه أمام معضلة استراتيجية:

• هل يكتفي بتعزيز الإنفاق والبقاء تحت جناح الناتو؟.

• أم يسعى لتأسيس سياسة دفاعية مستقلة تعكس وحدة القرار الأوروبي؟

الجواب لم يتضح بعد، لكن المؤكد أن ميزانية الدفاع ستواصل الارتفاع، وأن أوروبا تعيش مرحلة مفصلية قد تعيد رسم معادلات أمنها القومي لعقود قادمة.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا