في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بيروت – في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة والجدل الداخلي المتجدد حول موقع لبنان بالمنطقة وصيغته الدفاعية، يبقى ملف سلاح حزب الله من أكثر الملفات تعقيدا وحساسية على الساحة اللبنانية، فهذا السلاح الذي ارتبط تاريخيا بالمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، أصبح اليوم محور نقاش حول دور الدولة ووحدة مؤسساتها ومستقبل الاستقرار الداخلي.
وتتأثر بيروت مباشرة بما يجري في محيطها الإقليمي، من التطورات الأخيرة في سوريا إلى إعادة التموضع العربي، وصولا إلى الضغوط الدولية على الاقتصاد والسياسة في آن واحد.
وفي هذا السياق، تحدث النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت، في مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، عن إشكالية السلاح، وإمكانية دمجه في إستراتيجية دفاعية وطنية، وآثار التطورات السورية على لبنان، ومستقبل علاقاته الإقليمية والدولية، وفيما يلي نص الحوار:
نحن نرى أن ملف السلاح كان نتاج مسار تاريخي معقّد، ارتبط بالاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية وبالتحولات الإقليمية، لكنه اليوم بات يتقاطع مع أسئلة حول دور الدولة وقرارها ووحدة المؤسسات.
نحترم معادلة الردع تجاه العدو، ونؤكد في الوقت نفسه أنّ المصلحة الوطنية تقتضي تنظيم هذا الواقع ضمن مؤسسات الدولة، بحيث لا يتحول السلاح إلى عامل انقسام داخلي أو عبء على الاقتصاد والعلاقات العربية والدولية.
التجارب السابقة لم تُنتج صيغة ناجحة لأن الطرح كان في إطار شعارات أكثر منه برامج تنفيذية، وإمكانية الدمج موجودة إذا توفرت إرادة سياسية صادقة، ورؤية وطنية واضحة مقترنة بخريطة طريق مرحلية واضحة، تتمثل بـ:
الفكرة تسقط عندما تُطرح كشعار بلا متطلبات النجاح المذكورة.
الحقيقتان قائمتان معا، للسلاح أثر ردعي في مواجهة العدو وإلا لم يكن العدو ليضغط كل هذا الضغط للتخلص منه، لكنه شكّل في محطات كثيرة عنصر توتر داخلي، لأنه وُظِّف أحيانا في الداخل أو في المعادلات الإقليمية، وتحمّل اللبنانيون كلفته السياسية والاقتصادية.
والمطلوب هو أن نحوّل هذا السلاح إلى منظومة وطنية تحت سقف الدولة، بحيث يبقى لبنان محصّنا خارجيا ومتماسكا داخليا.
الحوار السبيل الأسلم، لكنه لا يكفي أن يكون لقاء بروتوكوليا، والمطلوب هو حوار وطني جاد، قائم على الشفافية والالتزام بمخرجات عملية، يشارك فيه الجميع بلا استثناء، ويكون هدفه التوصل إلى إستراتيجية دفاعية متكاملة، وليس تسجيل مواقف، كما ينبغي أن يترافق الحوار مع إصلاح سياسي يبدّد الهواجس الطائفية ويعزّز الثقة بالدولة.
في الوقت نفسه، يجب أن يتغير شكل الحوار ليكون له جدول أعمال محدد، وسقف زمني واضح، ومخرجات قابلة للتنفيذ، ولجنة تقنية قانونية تُترجم التفاهمات إلى نصوص وآليات، مع رعاية عربية ومواكبة دولية تحصّن الاتفاق.
لبنان كان دائما يتأثر بالتحولات السورية، أمنيا وسياسيا واقتصاديا، والتطورات الأخيرة ابتداء من عودة النظام السوري إلى الحضن العربي، وصولا إلى استمرار الاضطرابات الأمنية في بعض المناطق، تنعكس مباشرة على ملف الحدود، وتهريب المخدرات والسلاح، وعلى وضع النازحين السوريين في لبنان، وعلى شبكة المصالح الاقتصادية غير الشرعية.
لذلك، نحن نرى أن لبنان بحاجة إلى سياسة واضحة تجاه سوريا، تشمل ضبط الحدود، ومكافحة التهريب، وتعاونا قضائيا أمنيا رسميا، ومقاربة إنسانية منظّمة لملف النازحين، وتنظيم العلاقة الرسمية بما يخدم الشعبين.
لبنان قادر على ذلك إذا توفرت الإرادة السياسية والدعم اللازم لمؤسساته الأمنية، ف الجيش اللبناني أثبت مرارا قدرته على ضبط الحدود عندما توفرت له الإمكانات، والمطلوب اليوم خطة متكاملة تشمل تعزيز قدرات الجيش، وتفعيل التعاون مع البلديات والمجتمع المحلي، ووضع برامج إغاثية وإنسانية تحسبا لأي موجات نزوح أو توترات.
نحن نؤمن بضرورة إعادة صياغة العلاقة مع سوريا على أساس دولة لدولة، فأي علاقة صحية يجب أن تُبنى على احترام سيادة لبنان واستقلاله، وترسيم الحدود بوضوح، والتفاهم حول الملفات الحساسة مثل النازحين والتهريب والمعابر.
لا يمكن للبنان أن يستمر في سياسة المسايرة أو التبعية، بل يجب أن يعتمد سياسة واضحة تحفظ مصالحه أولا، وتراعي في الوقت نفسه التوازنات العربية والإقليمية، فأي علاقات حزبية -فوق رسمية- تضعف الدولة وتفتح الباب للاشتباك الداخلي.
لبنان لا يحتمل كلفة التموضع في محاور الصراع، مصلحة لبنان تكمن في الحياد الإيجابي، أي أن ينأى بنفسه عن صراعات الآخرين، لكنه لا يتخلى عن قضاياه الكبرى، وعلى رأسها دعم القضية الفلسطينية ورفض التطبيع مع العدو، واحتفاظ الدولة بحق الدفاع. وسياسة النأي بالنفس ممكنة إذا تحوّلت إلى سياسة وطنية ملزمة، وليست مجرد شعار يُستخدم عند الحاجة.
لا يمكن للبنان أن يكون خارج الإجماع العربي، والمطلوب أن يستفيد لبنان من هذا الانفتاح لتحقيق مصالحه الوطنية من وقف التهريب، ومكافحة المخدّرات، وتنظيم المعابر، وبلورة برنامج عملي لعودة النازحين، وتنسيق رسمي مدروس ومشروط يوازن بين حاجات الاقتصاد ومتطلبات السيادة.
نحتاج علاقة متوازنة تحفظ مصالح لبنان ولا تحوله لساحة تصفية حسابات، والعلاقة مع المجتمع الدولي يجب أن تكون متوازنة، لا خضوع كاملا ولا قطيعة، فلبنان يحتاج إلى انفتاح على العالم للاستفادة من الدعم المالي والاقتصادي، لكن دون أن يتحول إلى أداة في يد أي محور دولي.
والطريق إلى ثقة دولية يمر عبر إصلاحات جدية، وانتظام المالية العامة، واستقلال القضاء، وتثبيت الاستقرار الحدودي، واحترام القرارات الدولية مع وقف الخروق الإسرائيلية المستمرة.