أبيدجان – مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيفوارية، يبدو المشهد غامضا بعد أن استُبعد من الترشح أبرز معارضي الرئيس حسن واتارا لسبب أو لآخر، وفي ظل التجارب السابقة لهذا البلد، الذي لم تسفر أي انتخابات رئاسية فيه منذ عام 1995 عن تغيير سلمي للسلطة، يخشى المراقبون أن تتكرر بعض الأحداث التي شهدها البلد في الماضي.
ويشير المهتمون بالشأن الإيفواري بالذات إلى ما حدث من عنف خلال انتخابات 2020، الذي تمخض عنه مقتل 85 شخصا، فحين ذاك ترشح الرئيس الحسن واتارا لولاية ثالثة أثارت جدلا مع معارضيه إذ اتهموه بخرق الدستور الذي لا يسمح إلا بولايتين رئاسيتين.
لكن، ها هو واتارا يترشح لولاية رابعة، مبررا قراره "بضرورة الحفاظ على الاستقرار الوطني في مواجهة تحديات أمنية واقتصادية ونقدية غير مسبوقة"، وها هم معارضوه يوجهون له الاتهام السابق نفسه، ويقولون إنه استبعد أقوى معارضيه بسن إطار انتخابي مثير للجدل، مما ينذر بالتأثير على حسن سير عملية التصويت، حسب المراقبين للشأن الإيفواري.
وعلى كل حال، فالانتخابات التي بدأ التحضير لها في أكتوبر/تشرين الأول 2024 وصلت الآن إلى مراحل متقدمة، إذ سيكون التصويت في الدور الأول منها يوم السبت 25 أكتوبر/تشرين الأول. وفي ما يلي، 5 أسئلة توضح ما يلفها من ملابسات.
بدأت مرحلة تحديد اللائحة الانتخابية النهائية يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2024 بإجراء إحصاء شامل لتحديث السجل الانتخابي، حتى يُضم للائحة من بلغوا سن التصويت، ويشطب منها من لم يعد يحق لهم التصويت بسبب الوفاة أو الحرمان من الحقوق المدنية نتيجة صدور حكم قضائي أو غير ذلك مما تحدده القوانين المعمول بها.
وانتهى هذا الإحصاء في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
لكن اللائحة النهائية لم تصدر إلا في الرابع من يونيو/حزيران 2025 بعد أن كانت اللجنة المستقلة للانتخابات قد نشرت نسخة أولية منها في فبراير/شباط لتمكين المواطنين من التأكد من وجود أسمائهم على اللائحة والمطالبة بتصحيح وضعهم في حالة سقوط أسمائهم لسبب أو لآخر.
وبلغ عدد من سجلوا للتصويت 8.7 ملايين من أصل 15 مليون، هو العدد الكلي لسكان كوت ديفوار، علما أن القانون لا يلزم الإيفواريين بالتسجيل في اللوائح الانتخابية.
اللائحة الانتخابية أحدثت مفاجأة كبيرة في البلد، إذ غابت عنها أسماء توصف بأنها من ذوي الوزن السياسي الثقيل وبالذات لوران غباغبو، وتشارلز بلي غودي، وغيوم سورو، وتيجان تيام.
لكن نشر هذه اللائحة أحدث مفاجأة كبيرة في البلد إذ غابت عنها أسماء توصف بأنها من ذوي الوزن السياسي الثقيل، وبالذات لوران غباغبو ، وتشارلز بلي غودي، وغيوم سورو، وتيجان تيام .
وهم على التوالي الرئيس الإيفواري من 26 أكتوبر/تشرين الأول 2000 إلى 11 أبريل/نيسان 2011، وغودي وهو الذراع الأيمن لغباغبو وكان وزيرا للشباب في عهده، وسورو الذي شغل منصب رئيس الوزراء في عهد غباغبو (من 2007 إلى 2010) وتولى المنصب نفسه في عهد الرئيس الحالي الحسن واتارا عام 2010، أما تيام فهو مصرفي ورجل أعمال وابن أخت الزعيم الإيفواري الراحل فليكس هوفييت بوانيي، وقد تخلى عن جنسيته الفرنسية قبل أشهر كي يتمكن من الترشح للرئاسيات في كوت ديفوار.
وبررت لجنة الانتخابات، عند إسقاطها أسماء غباغبو وغودي وسورو، قرارها بأن إدانتهم القضائية تحرمهم من حقهم في الترشح أو التصويت، أما تيام فقد أبعدته السلطات القضائية، مبررة ذلك بكونه لم يكن يحمل الجنسية الإيفوارية عند تسجيله على اللائحة الانتخابية.
رغم أن الحكومة تنفي أي تدخل سياسي في استبعاد مرشحي المعارضة، وتزعم أن هذه قرارات صادرة عن نظام قضائي مستقل، فإن أحزاب المعارضة ترفض ذلك جملة وتفصيلا وتطالب بالنقاط التالية:
من أجل مواجهة واتارا، تشكَّل في فبراير/شباط الماضي ائتلاف التناوب السلمي في كوت ديفوار (CAP-CI)، ويضم نحو 20 حزبا، بما في ذلك الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار (PDCI)، ولكن ليس من بينها حزب الشعوب الأفريقية-كوت ديفوار (PPA-CI)، فرئيس هذا الحزب غباغبو لم يكن راضيا عن بعض شخصيات هذا الائتلاف، وبالذات زوجته السابقة، سيمون إيهيفيت غباغبو.
لكن يبقى أهم ما توصلت له المعارضة حتى الآن هو تحالف أكبر حزبين سياسيين في البلاد بعد حزب الرئيس وتارا وهما:
وقد أعلن هذان الحزبان يوم 19 يونيو/حزيران الماضي عن إنشاء "جبهة مشتركة" للمطالبة، على وجه الخصوص، بالسماح لزعيميهما، المستبعدين حاليا، بالترشح في الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وقد نظم هذان الحزبان وبعض المعارضين الآخرين مسيرة في أبيدجان يوم السبت التاسع من أغسطس/آب الجاري، احتجاجا على الولاية الرابعة لواتارا وعلى إقصاء 4 شخصيات معارضة من المشاركة في الانتخابات الرئاسية وجرت هذه المظاهرة بشكل سلمي.
كما نظم حزب غباغبو مهرجانا -السبت الماضي- تتويجا لحملة أطلقها منذ بداية العام في أنحاء البلاد سماها: "كوكوكو" وقد حضر هذا المهرجان الآلاف، حسب تقديرات الخبراء، وأعلن فيه الرئيس السابق أمام مناصريه أنه لن يقبل، تحت أي ظرف، فترة رابعة من رئاسة واتارا.
خصصت اللجنة المستقلة للانتخابات الفترة ما بين الأول من يوليو/تموز و26 أغسطس/آب 2025 لتقديم كل مترشح نسبة معينة من تزكيات الناخبين تؤهله للترشح.
وقد أعلن كل من رئيس الوزراء السابق باسكال أفي نغيسان والسيدة الأولى السابقة سيمون غباغبو، والسياسي المستقل جان لوي بيلون ترشحهم، لكن لا يزال يتعين عليهم الحصول على العدد المطلوب من التزكيات، إذ يشترط القانون على كل مترشح أن يثبت أن لديه تأييد ما لا يقل عن 1% من الناخبين المحليين في 50% على الأقل من مناطق البلاد أو الدوائر المتمتعة بالحكم الذاتي.
كما خصصت الفترة من 25 يوليو/تموز إلى 26 أغسطس/آب للراغبين في الترشح كي يقدموا طلباتهم إلى لجنة الانتخابات المركزية، وينبغي أن يشمل ملف الترشيح إقرارا شخصيا موقعا من طرف المترشح، وقائمة بأسماء المواطنين الذين زكوه، وشهادة جنسية، وسجلا جنائيا نظيفا، وتقوم اللجنة بعد ذلك بتقديم هذه الملفات إلى المجلس الدستوري الذي يبت في مدى تطابقها مع القوانين قبل أن يعلن اللائحة النهائية.
حسب ما هو معهود في كوت ديفوار، ينبغي أن تستمر الحملة الانتخابية أسبوعين قبل التصويت على أن يكون هناك صمت انتخابي لمدة 48 ساعة قبل يوم الاقتراع الفعلي، ومجلس الوزراء هو المخول بإصدار مرسوم -بناء على اقتراح من لجنة الانتخابات- يحدد تاريخ افتتاح واختتام الحملة الانتخابية.
أما التصويت فقد تقرر أن يكون يوم السبت 25 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وأن تعلن النتائج رسميا بعد 10 أيام من الاقتراع، وإذا لم يحصل أحد المترشحين على الأغلبية الساحقة في الدور الأول، فإنه يلجأ لدور ثان قد حدد له آخر يوم سبت من نوفمبر/تشرين الثاني.