أعلن رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس انتقاله من بورتسودان وعودة حكومته إلى الخرطوم بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل، واشتكى من تقاطعات وتغلغل ما وصفه "ب الطابور الخامس " في أجهزة الدولة.
وقال إدريس خلال لقائه مجموعة من الصحفيين السودانيين بمقر إقامة السفير السوداني بالقاهرة ، استمر حتى الساعات الأول من فجر اليوم الجمعة، إن مطار الخرطوم سيستأنف نشاطه خلال شهرين، حيث تُجرى حاليا أعمال إعادة التأهيل والترميم لاستقبال الرحلات الجوية.
وأعلن رئيس الوزراء عن عودة الحكومة بشكل نهائي إلى العاصمة الخرطوم قبل نهاية أكتوبر المقبل، وأشار إلى الدمار الكبير الذي لحق بمؤسسات الدولة بوسط الخرطوم التي توجد بها غالبية الوزارات ومؤسسات الدولة، موضحا أن الوزارات لن تعود إليها، وستتم إعادة تخطيطها وكذلك شارع النيل بأحدث الخطط والأنظمة العالمية المتطورة، وفق تعبيره.
واشتكى إدريس من كثرة ما قال إنها "تقاطعات وتغلغل الطابور الخامس داخل أجهزة الدولة"، واصفا المعاكسات والتعقيدات والضغوطات بأنها كبيرة جدا، وأشار إلى أن هذه التحديات لن تعيق جهود الحكومة في تحقيق استقرار الأوضاع وتطبيع الحياة وتوفير الخدمات.
وعن تأخر استكمال تشكيل حكومته رغم تكليفه في منتصف مايو/أيار الماضي، أوضح رئيس الوزراء أنه لم يتأخر بسبب حرصه على اختيار وزراء من الكفاءات الوطنية المستقلة، وأجرى معهم مقابلات شخصية، وأن أي وزير سيتم مراجعة عمله بعد 3 شهور، وكل وزير تقل نسبة أدائه عن 80% سيتم تغييره.
وعن شغور منصب وزير الخارجية حتى الآن، أوضح رئيس الوزراء أن المعلومات المتداولة حول توليه وزارة الخارجية لفترة مؤقتة غير صحيحة، وقال إن انشغاله اليومي بحل القضايا الداخلية يجعل هذا الأمر مستحيلا، لأن الوزارة تتطلب التفرغ الكامل، لافتا إلى أن وزير الدولة للخارجية عمر صديق يرافقه في زيارته الحالية إلى مصر ، مما يعكس توزيع المهام داخل الحكومة.
وكشف إدريس أنه سيغير وزيرا -لم يسمه- لتخلفه عن أداء اليمين الدستورية، ونفى المعلومات الرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي بأنه يحمل جنسية دولة معادية للسودان، وقال "حتى لا نظلمه فإنه لا يحمل جنسية تلك الدولة، لكن لتقديرات سيتم تسمية وزير آخر في موقعه".
وأكد أن خروج المجموعات المسلحة من الخرطوم تم بسلاسة وبالتنسيق مع حركات اتفاق سلام جوبا ، نافيا وجود أي خلافات مع هذه الحركات، وأشار إلى أن وزراء الحركات يعملون بتنسيق تام مع الحكومة، وأنهم عالجوا القضية مع الحركات المسلحة بخطة الحكمة وليس الفتنة.
وأقر رئيس الوزراء بأن وتيرة عودة المواطنين النازحين أو اللاجئين بدول الجوار أسرع من تحسن الخدمات، وتعهد بحل المشكلات المتعلقة بالمياه والكهرباء والأمن التي يعمل عليها ليلا ونهارا، وتتصدر أولوياته، فيما تأتي بقية الملفات لاحقا، ووعد بتغيير الأوضاع في الخرطوم خلال أسابيع.
وعن تعثر الموسم الزراعي مما يهدد بفشله، أعلن رئيس الوزراء عن زيارة مرتقبة ل ولاية الجزيرة الأسبوع المقبل، مشيرا إلى نجاح الموسم الصيفي بنسبة 80%، وبدء الترتيبات للموسم الشتوي.
وتحدث إدريس عن خطة قومية لإعادة إعمار الولايات الأخرى، مؤكدا أن الوضع فيها أفضل نسبيا من الخرطوم، وأشاد بتحسن الأوضاع في أم درمان، قائلا "الآن أم درمان أفضل من باريس ، في الجانب الأمني"، مضيفا أن الوضع هناك أكثر استقرارا.
وعن علاقته بالقوى السياسية، ذكر أنه أجرى مشاورات مع بعضهم من أجل إنشاء مجلس شورى أو مجلس تشريعي خلال المرحلة المقبلة، لكنه لا يمارس السياسة وإنما يكرس وقته لمعالجة ملفات ساخنة مرتبطة بالمواطنين، وفرض هيبة الدولة وتشغيل مؤسساتها.
كما نفى رئيس الوزراء علمه بوجود أي مفاوضات حاليا مع دولة الإمارات لاحتواء التوتر بين البلدين على أي مستوى.
وعن نتائج زيارته إلى مصر قال إدريس إنه أجرى محادثات مثمرة وناجحة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وأشاد بالتسهيلات التي قدمتها الحكومة المصرية للسودانيين في مجالات التعليم والصحة وعبر المعابر الحدودية، إلى جانب معالجة متأخرات ديون الكهرباء "الربط الكهربائي"، مما يعكس عمق العلاقات بين البلدين.
وكشف أن الحكومة المصرية وعدت بإطلاق سراح جميع الموقوفين من السودانيين في السجون المصرية على ذمة قضايا الهجرة، وسيتم ترحيلهم إلى السودان وتسهيل عودتهم إلى مناطقهم بالتنسيق مع السفارة السودانية.
ووصل رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس إلى القاهرة، أمس الخميس، في أول زيارة خارجية رسمية له منذ تولى منصبه.
وفي 31 مايو/أيار الماضي، أدى إدريس اليمين الدستورية أمام رئيس " مجلس السيادة " عبد الفتاح البرهان ، رئيسا جديدا لمجلس الوزراء، عقب إصدار البرهان في 19 من الشهر ذاته مرسوما دستوريا بتعيينه.
وإدريس (71 عاما) مسؤول سابق بالأمم المتحدة وشغل عدة مناصب دبلوماسية، كما خاض انتخابات الرئاسة عام 2010 أمام الرئيس السابق عمر البشير .
وتأتي هذه الزيارة وسط استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وأكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، وأغرقت البلاد البالغ عدد سكانها 50 مليون نسمة في أزمة إنسانية حادة، حسب الأمم المتحدة التي تشير إلى انتشار المجاعة تدريجيا.