تشهد العاصمة الموريتانية نواكشوط أزمة مياه غير مسبوقة، دفعت الآلاف من السكان إلى الاصطفاف في طوابير طويلة للحصول على صهاريج مياه أو البحث لساعات عن مصدر يروي عطشهم.
يأتي ذلك في ظل تراجع حاد في إمدادات المياه، ما أثار موجة استياء واسعة وتساؤلات حول أداء السلطات المعنية ومدى استعداد البنية التحتية لمواجهة مثل هذه الأزمات المتكررة.
وبدأت مشكلة المياه قبل أيام، حين توقف تزويد شبكات التوزيع من محطات الإنتاج على مشارف العاصمة على أكثر من نصف المشتركين، في أزمة أرجعتها الحكومة إلى ارتفاع نسبة الطمي في نهر السينغال، المصدر الرئيسي لتغذية محطات المياه بالعاصمة، ثم استفحلت هذا الأسبوع، وهو ما انعكس على حياة أكثر من مليون موريتاني يعيشون في نواكشوط.
فيما انشغل الموريتانيون خاصة سكان العاصمة نواكشوط بهذه الأزمة، التي تسببت لهم في صعوبات حقيقية في حياتهم اليومية، حيث باتت مشاهد تنّقل السكان بين الأحياء بحثا عن قطرة ماء، أو انتظارهم لساعات أمام صهاريج الماء، من أبرز ملامح العاصمة هذه الأيام.
وأثارت الأزمة موجة من التذّمر والاستياء، على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل تحذيرات من تفاقم الوضع، إذا لم تتخذ السلطات حلولا عاجلة لتأمين حاجة السكان من المياه، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك في فصل الصيف.
ووجّه الناشط سلكوا عبدالله، انتقادات لاذعة إلى وزيرة المياه والصرف الصحي آمال بنت ميبود، وكتب " بينما كنتم تستعرضون أمام نواب الجمعية الوطنية مشاريعا وخططا ووعودا، كانت أغلب أحياء نواكشوط تغلي من العطش، لا ماء ولا عدالة في التوزيع، فقط فواتير منتفخة وخدمات معدومة".
واعتبر في تدوينته، أن ما يحدث اليوم "ليس مجرد خلل عابر، بل أزمة متفاقمة تهدّد حياة الناس وكرامتهم"، مشيرا إلى وجود مواطنين "محاصرين" بالعطش ويشربون من مصادر مائية مجهولة المصدر
من جهته، اعتبر الناشط محمد أحمد سالم، أن الواقع الحالي "يكشف خللا بنيويا متراكما في سياسات الماء، يطرح تساؤلات حقيقية حول جدوى المشاريع الحكومية المعلنة منذ سنوات دون نتائج ملموسة على الأرض".
واستغرب أن تتحول الحياة اليومية لسكان العاصمة إلى رحلة معاناة للحصول على الماء في عزّ الصيف، كأحد أبسط مقوّمات العيش الكريم، داعيا الجهات الرسمية إلى الخروج عن صمتها وتقديم حلول عاجلة ومستدامة بدلا من الاكتفاء بالمسكنات الوقتية.
في المقابل، أعلنت الشركة الوطنية للماء، أن هذه الأزمة مؤقتة وهي ناتجة عن أشغال جارية على الأنبوب الرئيسي لنقل المياه، تهدف إلى تنظيفه من الطمي، الأمر الذي تطلّب توقيف ضخّ المياه.