في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في ظل التصعيد الأمني المتكرر جنوبي سوريا، وتفاقم التحديات الناتجة عن تداخل المحاور الدولية والإقليمية، تتحرك دمشق على أكثر من جبهة بهدف احتواء الانفجار المحتمل.
ومن بوابة الاجتماعات الأمنية رفيعة المستوى، برز تطور لافت: لقاءات مباشرة بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين في عواصم متعددة، أبرزها باريس وباكو، برعاية أميركية.
وبينما تستعد موسكو لفتح صفحة جديدة مع الحكومة السورية، تبذل دمشق جهودا متسارعة لـ"تصفير المشكلات" بما يخدم استقرارها الداخلي وحسابات القوى المتداخلة في الملف السوري.
ويقول خبراء إن التحركات الدبلوماسية لم تأتِ من فراغ؛ فالعنف المتجدد في السويداء، والتورط الإسرائيلي المباشر في تلك الجبهات، دفع دمشق إلى تبني استراتيجية التواصل الأمني المباشر، مع خصوم الأمس، لمنع انفجار واسع النطاق يصعب احتواؤه لاحقا.
تحالفات الضرورة تعيد رسم خارطة التوازن
وفي مداخلة ضمن برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، أكد الباحث السياسي د. مصطفى النعيمي أن هذه اللقاءات تعكس "تحولات جذرية في بنية التحالفات السورية"، إذ تسعى دمشق لتصفير خلافاتها، بما فيها مع إسرائيل، تحت وطأة ضغوط دولية متزايدة.
النعيمي شدد على أن الخطوة السورية لا تنفصل عن سياق التفاهمات الأمنية الثلاثية السابقة بين روسيا وإسرائيل وأميركا، كما أشار إلى "تغيرات داخل التحالف الروسي–الإيراني في سوريا".
"التداخلات في ملفات الشرق الأوسط، لا سيما دعم موسكو للمحور الإيراني، دفع إسرائيل إلى تسريع خطواتها التنسيقية مع حكومة دمشق الجديدة"، بحسب النعيمي.
الجنوب السوري.. رسائل إسرائيلية بـ"ضرورة نزع السلاح الثقيل"
من أبرز النقاط التي تناولها اللقاء الأمني الأخير في باريس، وفقاً لتسريبات رسمية، كانت إعادة تفعيل اتفاق "فصل الاشتباك" جنوب سوريا، الذي يعود إلى ما بعد اتفاقيات عام 2018 الخاصة بإخراج الفصائل المسلحة من محيط درعا.
النعيمي أكد أن إسرائيل وجهت رسائل واضحة تقضي بضرورة "إخلاء الجنوب السوري من السلاح الثقيل"، مع إبقاء هذا المحور خالياً من أي تموضع إيراني أو لحزب الله، وهو ما تحاول دمشق أن تلتزم به، مقابل مكاسب سياسية على الأرض.
قاعدة حميميم والسلاح الروسي: ألغام مؤجلة
النعيمي كشف أيضاً أن بعض الضباط السوريين الذين كانوا يتنقلون عبر قاعدة حميميم الروسية مدرجون اليوم على لوائح مطلوبة من قبل الحكومة السورية الجديدة، ما يشير إلى تصادم محتمل مع موسكو في ملفات أمنية حساسة.
كما أشار إلى تحول نوعي في توجهات الجيش السوري، موضحاً أن دمشق بدأت الانتقال التدريجي من التسليح الروسي إلى الغربي، بمساعدة بوابة تركية، وهو ما قد يؤدي إلى صدام سياسي مع موسكو لاحقاً، خاصة في ظل استمرار وجود قاعدتي حميميم وطرطوس تحت السيطرة الروسية المباشرة.
لا اتفاقات سلام... بل تفاهمات أمنية مؤقتة
رغم الزخم الدبلوماسي، يرى النعيمي أنه من المبكر الحديث عن اتفاقيات سلام رسمية بين سوريا وإسرائيل، مؤكداً أن الحكومة السورية الحالية لا تزال انتقالية، ولم تُستكمل أطرها القانونية والدستورية.
لكنه أشار في المقابل إلى أن المرحلة الحالية مناسبة لصياغة "تفاهمات ميدانية محددة زمنياً ومكانياً"، هدفها تجنيب الجبهة الجنوبية الانفجار.
"الهدف الاستراتيجي لدمشق اليوم هو تحييد الساحة السورية عن التفاعلات الدولية، ومنع تحولها إلى بؤرة اشتباك مفتوحة"، وفقاً للنعيمي.