بلغ الوضع الإنساني في غزة مرحلة "غير مسبوقة من التدهور"، إذ يُحرم نحو ثلث المواطنين في القطاع من الطعام لأيام متتالية، بحسب ما أعلن برنامج الأغذية العالمي.
وأكد البرنامج العالمي أن نحو 90 ألف طفل وامرأة يعانون من سوء تغذية حاد، تزامناً مع إعلان صادر عن الأمم المتحدة يفيد بمقتل نحو 800 شخص أثناء انتظارهم المساعدات منذ أواخر مايو/ أيار الماضي.
وأعرب البرنامج عن قلقه العميق إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على منتظري المساعدات الأحد، ما أدى إلى "استشهاد عدد غير معروف من المدنيين، كانوا فقط يحاولون الحصول على الطعام لعائلاتهم وسط خطر المجاعة المتصاعد"، وفق البرنامج العالمي.
وارتفع عدد ضحايا "مصائد الموت"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، منذ 27 مايو/أيار 2025 إلى 995 قتيلاً و6,011 إصابة، إلى جانب 45 مفقوداً.
وفي خضّم الجوع وما يوصف بـ "الخذلان"، يوثق ناشطون وصحفيون فلسطينيون من قلب غزة مشاهد الألم اليومية التي يعيشها السكان تحت الحصار.
شهادات مؤثرة أدلى بها غزيون على صفحاتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، ورصدتها بي بي سي تكشف حجم الكارثة "التي تتجاوز حدود الصمت الدولي"، بحسب تعبيرهم.
يروى الفلسطيني حمزة مصطفى أبو توهة تفاصيل واقعه المرير أثناء انتظاره لاستلام الطحين في طابور طويل امتد لأكثر من عشرة آلاف شخص.
وفي تغريدته على منصة إكس، يقول إنه لم يحزن بسبب طول الانتظار أو عدد الأشخاص، بل تأثر بشدة عندما رأى والده يقف خلفه بثلاثمئة رجل فقط، وقد أنهك التعب قدميه حتى اضطر للجلوس على "تراب الأرض الملتهب".
ومن مدينة غزة، يغرّد الناشط أحمد العجلة معرباً عن صموده وفخره بأهل غزة الذين "يقاومون الاحتلال رغم الظروف القاسية" التي يمرون بها.
وأشار العجلة إلى أن السكان يعانون من ظروف صعبة للغاية، منها "الجوع والعطش والموت والتشريد"، مؤكداً أن هناك من لم يرَ الخبز منذ أيام.
ويقول رجب حسين الخالدي في منشور على فيسبوك، إن الجوع في غزة تجاوز كل ما يمكن تخيله، مؤكداً أن "الجوع هناك ليس تأخر وجبة ولا غياب صنف عن المائدة، بل حرمان قاسٍ ينهش أجساد الأطفال والنساء والشيوخ".
وأشار إلى أن غزة اليوم تعيش تحت "حصار خانق، وقصف مستمر، وموائد خاوية، في ظل صمت دولي قاتل"، مطالباً بإنقاذ ما تبقى من حياة في القطاع المنكوب.
ويفجّر الصحفي الفلسطيني يوسف شرف على منصة إكس غضبه وحزنه تجاه ما يعيشه سكان قطاع غزة من ظروف إنسانية قاسية، في ظل الحصار والجوع المتفاقم.
ويتساءل شرف، الذي فقد في الحرب 37 شخصاً من عائلته، بما فيهم زوجته وأطفاله": "أي ذنب ارتكبته غزة، لتُحاصر حتى في رغيف الخبز؟ أي ضميرٍ هذا الذي يرى الوجع في ملامح الأطفال ولا يرتجف؟".
ويؤكد أن غزة لا تطلب المستحيل، بل تطلب فقط الحياة.
وأطلق الشاب الفلسطيني أحمد أبو حماد نداءً مؤلماً من داخل قطاع غزة، عبّر فيه عن حجم المعاناة التي يعيشها السكان في ظل الحصار المستمر.
وقال في تغريدة على "إكس": "يا عالم، يا أمة محمد، إحنا عم نموت قدام عيونكم! أطفالنا بتبكي من الجوع، أهلنا بين الحياة والموت، وما حدا سامعنا".
وفي منشور شكّل صدمة لمتابعيه، كشف المراسل والصحفي غازي العالول عن فقدانه 20 كيلوغراماً من وزنه خلال ثلاثة أشهر من المجاعة المتفشية في قطاع غزة، مؤكداً أن الجوع لا يسكن الأجساد فقط، بل "يضرب في النفوس والضمائر والأمل".
ورغم المعاناة، شدّد العالول على تمسكه بالقيم والأخلاق التي تربى عليها، متسائلًا: "إذا ما استمر هذا الحال، كيف سنحفظ ضمائرنا وأملنا أمام بكاء أطفالنا الجوعى؟".
تحدث المجاعة عندما يعاني بلد ما من نقص حاد في الغذاء بحيث يواجه سكانه سوء التغذية الحاد أو الجوع أو الموت.
يتم الإعلان عن الوضع بشكل عام من قبل الأمم المتحدة، أحياناً بالاشتراك مع حكومة البلاد ، وغالباً جنباً إلى جنبٍ مع منظمات الإغاثة الدولية الأخرى أو الوكالات الإنسانية.
وتقرر استخدام مقياس للأمم المتحدة يسمى التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
ولكن لكي يتم إعلان المجاعة رسمياً، يجب أن تحدث ثلاثة أشياء في منطقة جغرافية محددة:
إعلان المجاعة لا يضمن تمويلاً مباشراً، لكنه غالباً ما يُحفّز استجابة دولية من وكالات أممية وحكومات تقدم مساعدات غذائية ومالية طارئة.
منظمات مثل لجنة الإنقاذ الدولية وأوكسفام وبرنامج الأغذية العالمي توفر علاجاً لسوء التغذية، وتوزع مواد غذائية ونقدية، وتعمل على استعادة البنية التحتية.
وغالباً ما تبدأ هذه الوكالات بالتحرك قبل إعلان المجاعة، بمجرد وصول الدولة إلى تصنيف المرحلة الثالثة أو أعلى، لتفادي الكارثة.