بعد هجوم إسرائيل على إيران مطلع الأسبوع تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن حسابا على منصة إكس كان قد أشار في منشور قبل الهجوم إلى زيادة "هائلة" في الطلبات من مطاعم البيتزا المحيطة بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
ويعود السبق في اعتماد "مؤشر البيتزا" للاستدلال على تحركات عسكرية وشيكة إلى حقبة الحرب الباردة، حيث يقال إن الاستخبارات السوفياتية كانت تراقب طلبات مطاعم البيتزا حول مكاتب الحكومة الأميركية وتعتبر أي زيادة مفاجئة في الطلب على البيتزا مؤشرا مهما، وهو ما بات يعرف بـ"مؤشر البيتزا".
المؤمنون بهذه النظرية يشيرون إلى زيادة مفاجئة في طلبات البيتزا قبيل غزو الكويت في 1990 وخلال تحركات عسكرية أخرى عامي 1983 و1989، وفي رد إيران على هجوم إسرائيل في أبريل/نيسان 2024، وخلال الهجوم الحالي على إيران.
وفي محاولة لفهم مدى دقة هذا المؤشر رصدت الجزيرة نت كل منشورات الحساب على منصة إكس، وقارنتها بالأحداث في أيام تقارير البيتزا.
أقدم منشور لحساب متابعة طلبات البيتزا على منصة إكس كان يوم 3 أغسطس/آب 2024، ومن بين أكثر من 981 منشورا نجد أنه أفاد في 29 حالة بأن الطلب على البيتزا "عال جدا" و"هائل" كان في أغسطس/آب 2024 وفي يونيو/حزيران 2025.
في أعقاب اغتيال إسرائيل رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران يوم 31 يوليو/تموز رصد "مؤشر البيتزا" 16 حالة "ازدحام" على البيتزا بين يومي 3 و13 أغسطس/آب.
في كل هذه الحالات نجد تطورات ميدانية مهمة، لكن متابعة المؤشر بحد ذاته في كل هذه المرات لم تصادف حدثا كبيرا غير متوقع ضمن التغطية الخبرية والتصريحات السابقة.
ونجد مثلا تزامنا بين تقرير البيتزا يوم 3 أغسطس/آب وإعلان تعزيزات عسكرية للبنتاغون ، بالإضافة إلى توقعات المحللين لـ" حرب وشيكة " لم تحدث فعليا.
وفي الفترة نفسها كانت هناك أيضا أخبار مثل انسحاب القوات الأميركية من النيجر ، و اتصالات أميركية مع زعيم انقلاب الغابون ، بالإضافة إلى عمليات في الكونغو .
وفي كل هذه الحالات يبدو أكثر أن المؤشر انعكاس لسخونة الأحداث وانخراط البنتاغون في الأحداث بشكل أو بآخر أكثر من كونه كاشفا لتوقيت مخططات سرية غير مرتقبة من متابعي الأخبار.
أول اختبار حقيقي لمؤشر البيتزا باعتباره دليلا مبكرا على حدث عسكري وشيك كان في تقرير فجر يوم 25 أغسطس/آب.
وقد أتى تقرير 25 أغسطس/آب بعد انقطاع 12 يوما عن تقارير ازدحام كبير على البيتزا، وقد صادف يوم رد حزب الله على اغتيال فؤاد شكر بقصف إسرائيل.
تقرير البيتزا كان في الساعة الثانية فجرا، أي تقريبا قبل 3 ساعات من شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات على لبنان .
ولذلك، يمكن القول إن مؤشر البيتزا تنبأ برد حزب الله، والذي كان مرتقبا منذ 30 يوليو/تموز، لكن لم تكن هناك مؤشرات أخرى واضحة تدل على ساعة الصفر.
أول تقرير ازدحام على مطاعم البيتزا هذا الشهر أتى نهاية يوم الثاني من يونيو/حزيران، أي بعد هجوم أوكراني كبير استغرق التخطيط له 16 شهرا.
فلو كان مؤشر البيتزا ارتفع قبله لكان بالإمكان القول إنه يكشف توقيت مخطط الهجوم الأوكراني، ولكن كونه أتى بعده يبدو أنه مجرد انعكاس للأحداث الجارية، بما فيها هجوم في كولورادو .
أما ثاني تقرير عن زيادة كبيرة في طلبات البيتزا فقد أتى الساعة الثانية صباح يوم 12 يونيو/حزيران، أي قبل شن إسرائيل هجومها على إيران في اليوم التالي.
وبناء على هذه المصادفة عاد الحديث عن مؤشر البيتزا إلى الواجهة في منصات التواصل الاجتماعي، ولكن لا يمكن القول إنه أخبرنا بما لم يكن متوقعا من قبل متابعي مواقع الأخبار، إذ نشرت الجزيرة نت فجر يوم 13 يونيو/حزيران تقارير عن توقيت الهجوم الإسرائيلي ، وكان قد أُجلي موظفو السفارة الأميركية في بغداد.
وفي الخلاصة، فإن من بين ألف تقرير بيتزا هناك اثنان فقط سبقا تحركا عسكريا لافتا، في وقت كانت فيه تقارير صريحة صدرت عن مسؤولين، إضافة إلى تحركات ميدانية مثل سحب البعثات الأميركية.