في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
الفاشر – تُحيط بمدينة الفاشر ، عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان ، شبكة من 6 طرق رئيسية تربطها بالمناطق المحيطة، غير أن 5 منها أُغلقت بفعل الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع ، مما جعل "طريق الفاشر-طويلة" المنفذ البري الوحيد المتاح، وسط تحديات أمنية تعرقل حركة المرور عليه.
ويُعد الطريق القاري الواصل بين الخرطوم والفاشر من أهم الشرايين الحيوية للإقليم، حيث يسهم في نقل البضائع وتأمين الإمدادات الأساسية للمدينة. كما يمثّل طريق نيالا مسارا مركزيا يربط الفاشر بجنوب دارفور، إلى جانب طرق أخرى مثل مليط وكتم وكبكابية وطويلة ودار السلام، التي تُشكّل بدورها ممرات حيوية لسكان المنطقة.
ومنذ أبريل/نيسان الماضي، أحكمت قوات الدعم السريع سيطرتها على جميع الطرق المؤدية إلى الفاشر باستثناء طريق طويلة، الذي يخضع لسيطرة مشتركة بين قوات الدعم السريع وحركة جيش تحرير السودان بقيادة الهادي إدريس، ما يجعل التنقل عبره محفوفا بالمخاطر، خصوصا للمدنيين الحاملين لأي بضائع تجارية.
ويقول المواطن آدم علي للجزيرة نت "كنا نعتمد على هذه الطرق في التنقل وجلب الغذاء والدواء، واليوم أصبح الوصول لأي منطقة خارج المدينة مهمة شبه مستحيلة، حتى طريق طويلة لم يعد آمنا، ويُقتل فيه من يُضبط بحوزته مواد تجارية".
وأضاف أن الحصار تسبب في أزمة إنسانية واقتصادية خانقة، انعكست على القدرة على الوصول للخدمات الطبية، وارتفاع الأسعار، وفقدان الكثير من الأسر مصادر رزقها.
وفي السياق ذاته، أكد الناشط الإغاثي محمد آدم، للجزيرة نت، أن الحصار أجهض معظم محاولات إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، سواء من قِبل منظمات الإغاثة الدولية أو عبر المبادرات المحلية، مشيرا إلى حادثة إحراق قافلة أممية كانت في طريقها إلى الفاشر عند منطقة الكومة، على بعد 80 كيلومترا شرق المدينة، على يد قوات الدعم السريع.
وأوضح أن الوضع الإنساني في الفاشر "كارثي"، حيث يواجه المرضى والنساء والأطفال أوضاعا قاسية، بسبب استحالة التنقل نحو مراكز العلاج خارج المدينة.
في ظل تقدم القوات المسلحة السودانية من كردفان باتجاه دارفور، يتطلع سكان الفاشر إلى فك الحصار واستعادة الطرق المغلقة، وسط آمال بأن تُسهم العمليات العسكرية في تفكيك الحواجز الأمنية التي أقامتها قوات الدعم السريع على مداخل المدينة.
وقال الناشط محمد آدم إن أي نجاح في فك الحصار سيساهم في تسهيل إيصال المساعدات دون قيود، مشددا على أن ذلك مرهون بقدرة الجيش على تأمين الطرق، ومنع عودة سيطرة الدعم السريع عليها.
ومن جهته، صرح المتحدث باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، العقيد أحمد حسين مصطفى، للجزيرة نت، "شعبنا في كردفان ودارفور سينتصر قريبا، ونعده بكسر الحصار المفروض على الفاشر".
وأضاف "عاهدنا أنفسنا على الدفاع عن قضية الوطن، وسنظل سندا لشعبنا، ويدا واحدة في وجه هذه التحديات".
في المقابل، وبينما ترزح الفاشر تحت حصار خانق وانهيار في الأنشطة التجارية، تشهد مناطق أخرى في دارفور، لا سيما ولايتي غرب وشرق دارفور، انتعاشا اقتصاديا ملحوظا تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وتشير مصادر محلية إلى أن النشاط التجاري في مدينة الجنينة ازداد بشكل لافت، رغم النزوح الكبير لسكانها إلى شرق تشاد .
وقد تحوّل معبر "أدري" الحدودي إلى مركز رئيسي للحركة التجارية، حيث تنشط جماعات تجارية يعتقد أنها مقربة من الدعم السريع، في مناطق مثل أدكون وفوبرنقا.
وفي شرق دارفور، وبالأخص في مدينة الضعين، شهدت الأسواق انتعاشا ملحوظا مع تدفق الشاحنات من جنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى محملة بالبضائع والسلع الأساسية.
ويقول أحد التجار، فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إن "عشرات الشاحنات تصل يوميا إلى الجنينة، محملة بالوقود والدقيق والزيت والسكر، وحتى الأجهزة الإلكترونية والعطور"، لافتا إلى أن شاحنات أخرى تغادر نحو ليبيا وتشاد محملة بمنتجات زراعية مثل السمسم والفول السوداني والماشية.
ورغم هذا النشاط، تفرض قوات الدعم السريع قيودا صارمة على عمليات الاستيراد والتصدير، حيث تجبر التجار على دفع رسوم تحت مسميات متعددة مثل "الجمركة"، و"رسوم العبور"، و"الطوف"، فيما يُصادر بعضها أحيانا دون مبرر.
ورغم تلك القيود، ازدهرت تجارة الذهب والسيارات والسلع المنهوبة في بعض مناطق دارفور، في ظل غياب الرقابة القانونية، ما أسفر عن نشأة سوق سوداء ضخمة عززت ثروات بعض التجار.
وفي 14 مايو/أيار 2025، وافقت الحكومة السودانية على تمديد فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد لثلاثة أشهر إضافية، في خطوة تهدف لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى دارفور عبر الجنينة.
ويُعد معبر أدري أحد المنافذ الحدودية الرئيسية بين السودان وتشاد، وتكمن أهميته في موقعه الجغرافي الإستراتيجي الذي يسهّل العمليات اللوجيستية للمنظمات الإنسانية، كما يُعد نقطة ارتكاز للتبادل التجاري بين البلدين.