في ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس خلال الأيام الماضية، أعلن عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عن عزمه طرح مبادرة سياسية خلال الأيام المقبلة تتضمن ثلاثة مسارات قال إنها تهدف إلى الخروج من المأزق الوطني وتجاوز حالة الانقسام.
المبادرة التي أعلن عنها الدبيبة خلال اجتماع مجلس الوزراء تضمنت:
- إعادة هيكلة الحكومة على أساس الكفاءة بعيدا عن منطق المحاصصة والتوازنات السياسية الموازية.
- إطلاق مشروع الاستعلام الوطني، الذي اعتبره مسارا جامعا للتعبير عن الإرادة الشعبية.
- وضع آلية واقعية لتأمين الانتخابات، وإنهاء مبررات استمرار وجود حكومة موازية في البلاد، حسب قوله.
تحركات متزامنة لتغيير المشهد
تأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه المشهد الليبي تحركات سياسية متسارعة، حيث يواصل مجلس النواب مشاوراته مع المجلس الأعلى للدولة لتسمية رئيس جديد لحكومة موحدة، في إطار مساعٍ لإنهاء الانقسام التنفيذي القائم منذ سنوات.
كما يبرز في المشهد موقف رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الذي طرح من جانبه أحقية المجلس في تسمية رئيس الحكومة مستندا إلى التعديل الدستوري الحادي عشر، بينما تواصل البعثة الأممية للدعم في ليبيا عقد مشاوراتها مع لجنة استشارية مكونة من 20 خبيرا قانونيا لصياغة تصور نهائي لمسار الحل.
تصور واقعي أم محاولة للالتفاف؟
اعتبر الدكتور عبد الوهاب الحار أستاذ العلوم السياسية الليبي في حديثه لـموقع "سكاي نيوز عربية" أن إعادة هيكلة الحكومة باتت ضرورة بعد ما شهدته طرابلس من توترات، مضيفا أن فكرة المسارات الثلاثة مقنعة كونها تعتمد على الكفاءة وتتجاوز المحاصصة.
وأشار الحار إلى أن مشروع الاستعلام الوطني يحاكي ما طرحه المجلس الرئاسي بشأن الاستفتاء على الدستور، ما قد يفتح الباب أمام توسيع دور المجلس الرئاسي في المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل التوتر القائم بينه وبين مجلس النواب.
وتابع أنه من الممكن أن نشهد بعد عيد الأضحى ملامح مشهد جديد في العاصمة وقد توضع آليات عملية لتأمين الانتخابات موضحا أن هذا قد يفضي إلى استمرار حكومة الدبيبة ولكن بشكل معدل، ضمن تفاهمات جديدة بين أطراف الشرق والغرب، خاصة في ظل توافق دولي وداخلي على ضرورة تقليص نفوذ الميليشيات.
ولفت الحار إلى أن سماح الدبيبة للمحكمة الجنائية الدولية بملاحقة مرتكبي الجرائم في ليبيا، قد يكون رسالة موجهة لقيادات ميليشيات في ظل مخاوف من الملاحقة القانونية وتجميد الحسابات البنكية في الخارج.
تحذير من إطالة أمد الأزمة
حذر الدكتور الهادي بوحمرة عضو لجنة صياغة الدستور من ما اعتبره انحرافا عن المسار الدستوري، معتبرا أن أي مسار بديل هو متاهة جديدة.
وأوضح بوحمرة في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الدستور الدائم وحده هو القادر على إنهاء الصفقات الانتقالية التي يغيب فيها الشعب تماما، وتدار من متنفذين في الداخل.
وأشار بوحمرة إلى أن استمرار استغلال الفراغ الدستوري يؤدي إلى مزيد من تقاسم السلطة والثروة على حساب استقرار الدولة والسلم الاجتماعي.
رفض شعبي ومخاوف من الالتفاف
عبد اللطيف القويري، أحد قادة حراك مصراتة ضد الظلم، قلل من أهمية مبادرة الدبيبة، واصفا إياها بأنها "رقصة المذبوح"، مضيفا في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الشارع، وخاصة في المنطقة الغربية، غاضب بشدة، ولن يقبل بأي دور للدبيبة بعد أربع سنوات من انعدام الثقة في إدارته.
وفي السياق ذاته رأى المستشار مفتاح القيلوشي أحد أعيان الغرب الليبي أن المبادرة لا تعدو كونها محاولة لإعادة تدوير حكومة انتهت شعبيا وشرعيا.
وأضاف القيلوشي حكومة الدبيبة سقطت من الداخل بعد استقالة غالبية وزرائها ولم يتبقَ سوى نحو 10 وزراء من أصل 30، متوقعا أن الشعب ينتظر فقط انتهاء عيد الأضحى للخروج بقوة إلى الشارع لإنهاء هذه الأزمة.