آخر الأخبار

حرب غزة: ماذا نعرف عن الخطة الجديدة لتقديم المساعدات في القطاع؟ ولماذا ترفضها الأمم المتحدة؟

شارك
مصدر الصورة

أكدّت الولايات المتحدة أن نظاماً جديداً لتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة، عبر شركات خاصة، يجري العمل على إعداده.

وقال السفير الأمريكي في إسرائيل مايك هاكابي، إن "مراكز للتوزيع" ستقدّم الغذاء وغيرَه من المساعدات لقُرابة مليون شخص مبدئياً.

ونّوه هاكابي إلى أن ذلك سيتمّ تحت حماية "متعهدين أمنيين"، في إطار محاولة لمنع حماس من "سرقة المساعدات"، على حدّ تعبير السفير الأمريكي.

ونفى هاكابي اضطلاع إسرائيل بأيّ دور في توصيل المساعدات أو توزيعها، لكنّه استدرك بالقول إن القوات الإسرائيلية ستؤمّن محيط مراكز التوزيع.

وقال السفير الأمريكي إن الرئيس دونالد ترامب يرى في إغاثة غزة "ضرورة ماسّة"، وإن فريقه "لن يدّخر جهداً لتسريع وتيرة هذه الإغاثة".

وتحاول إدارة ترامب، بحسب مراقبين، بناء زخمٍ على هذه المبادرة الجديدة الخاصة بإدخال المساعدات إلى غزة، قُبيل زيارة ترامب المرتقبة الأسبوع المقبل لمنطقة الخليج الثريّة - والتي يمكن أن تموّل تلك المبادرة.

وتأتي تصريحات هاكابي للصحفيين، في القدس، بالتزامن مع تنديد الأمم المتحدة بـخُطة "مثيرة للجدل" تفيد بسيطرة إسرائيل على توزيع المساعدات في غزة.

مصدر الصورة

قالت الأمم المتحدة إن المساعي الإسرائيلية للسيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع من شأنها أن تعرّض حياة مدنيين للخطر وأن تتسبب في نزوح جماعي، بينما تستخدم إسرائيل المساعدات كـ"ورقة ضغط".

وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، جيمس إلدر إن المقترح الإسرائيلي بإقامة حفنة من المراكز في جنوب القطاع لتوزيع المساعدات، سيترك "الاختيار مستحيلاً بين النزوح والموت" على حدّ تعبيره.

وأضاف إلدر، في تصريحات للصحفيين بجنيف، أن الخطة الإسرائيلية "تتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية"، وتبدو مصمَّمةً "لإحكام السيطرة على سِلَع ضرورية للبقاء على قيد الحياة كوسيلة للضغط".

ورأى إلدر أنه "من الخطورة أن نطلب من المدنيين التوجُّه إلى مناطق مُسلّحة لالتقاط حِصَص الإعاشة ... إن المساعدات الإنسانية لا ينبغي أبداً أن تُستخدَم كورقة للتفاوض".

ويخضع قطاع غزة لحصار كامل منذ ثلاثة أشهر، وسط تحذيرات متكررة من نفاد القطاع من الطعام، والمياه، والأدوية والوقود.

وأوضح المتحدث بأن الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات، تقترح دخول 60 شاحنة مُحمّلة بالمساعدات فقط يومياً إلى غزة – "وهو عُشر العدد الذي كان يستقبله القطاع أثناء الهدنة" بين إسرائيل وحماس، خلال الفترة من 19 يناير/كانون الثاني إلى 18 مارس/آذار.

"مؤسسة غزة الإنسانية"

وسُجّلت مؤخراً "مؤسسة غزة الإنسانية" (جي إتش إف)، من أجل هذا الغرض، فيما يبدو.

واطّلعتْ بي بي سي على وثيقة من 14 صفحة صادرة عن هذه المؤسسة، تتعهد عبرها بتدشين أربعة مواقع لتوزيع الدقيق، والطعام، والمياه والأدوات الصحية لنحو 1.2 مليون نسمة - من حيث المبدأ - حوالي 60 في المئة من سُكان القطاع.

وتقول الوثيقة: "شهوراً من الصراع دمّرتْ قنوات الإغاثة التقليدية في قطاع غزة ... وقد تمّ تدشين مؤسسة غزة الإنسانية لاستعادة هذا الدور الإغاثي عبر نموذج مستقل وخاضع لنظام مراجعة صارم يُقدّم المساعدة للمحتاجين إليها فقط وبشكل مباشر".

وتنوّه الوثيقة إلى أن مؤسسة غزة الإنسانية "تسترشد بمبادئ الإنسانية والحيادية والاستقلالية".

لكن الوثيقة لم تشتمل على التفاصيل المتعلّقة بآلية عمل تقديم المساعدات على الأرض.

"تهديد وجوديّ"

وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لايركه: "لن نشارك إلا في جهود تتفق مع مبادئنا".

وأضاف لايركه، في حديث لبي بي سي: "لا مبرّر لتنفيذ نظام يتناقض مع صميم مبادئ أيّ منظمة إنسانية".

ويرى مراقبون في الأزمة الراهنة بشأن إدخال المساعدات إلى غزة، تهديداً وجوديا للأعمال الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، لا يقتصر على الأراضي الفلسطينية وحدها.

وبحسب هؤلاء المراقبين، فإن الأمم المتحدة إذا قبِلتْ خطة تقضي بتولّي أحد الطرَفين في صراعٍ مهمة توزيع مساعدات إنسانية في منطقة النزاع، فإن ذلك يطعن في حياديتها – في سابقة خطيرة قد تتكرر في مناطق نزاع أخرى حول العالم.

مصدر الصورة

"الوضع مأساوي"

في غضون ذلك، قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) إن لديها أكثر من ثلاثة آلاف شاحنة مُحمّلة بالمساعدات تقف على مسافة بضعة كيلومترات خارج غزة في انتظار الإذن بالدخول. وتعدّ الأونروا هي أكبر مزوّد مساعدات في قطاع غزة.

وقالت جولييت توما، مديرة الاتصال في الأونروا، إنه لمن دواعي الأسف أن تضيع كل هذه المساعدات هَدراً، بينما كان يمكن أن يصل ما بها من طعام إلى الأطفال الجوعى، وما بها من دواء إلى المرضى.

وأضافت جولييت: "الوقت ينفَد، والبوابات يجب أن تُفتَح مُجددا، والحصار يجب أن يُرفع في أسرع وقت".

كما دعت مسؤولة الأونروا إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في القطاع، وعودة المساعدات الإنسانية إلى التدفق للقطاع بالمعدّلات المعتادة.

وفي داخل القطاع، تقول فِرق الإغاثة إن الوضع مأساوي؛ "فحتى مراكز الغذاء أغلقت أبوابها إذْ لم يعُد هناك ما تقدّمه للناس"، وفقاً لـجولييت.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الخميس، بأن أكثر من 80 من المطابخ المجتمعية اضطرت إلى إغلاق أبوابها منذ أواخر أبريل/نيسان الماضي بسبب عدم وجود ما تطبخه.

ونوّه المكتب إلى أن عدد المطابخ المجتمعية التي تغلق أبوابها يتزايد يومياً - ما يُفاقم انتشار الجوع في قطاع غزة.

وفي غضون ذلك، سجلتْ أسعار السلع الغذائية الأساسية في الأسواق المحلية بغزة ارتفاعات هائلة؛ حيث وصل سعر جوال الدقيق زِنة 25 كغم إلى 415 دولار – ما يعادل 30 ضِعفاً لسِعره في فبراير/شباط الماضي، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وفي جباليا، شمالي غزة، أعربتْ عائلات فلسطينية لبي بي سي، عن يأسها من الحصول على طعام، سواء من التَكايا أو من المطاعم المجتمعية بعد أن أصبحت تسودُها الفوضى.

مصدر الصورة

أنظمة تسليم شاملة

وفي ردّ على ذريعة إسرائيلية مفادها أن الجماعات المُسلحة في غزة تستولي على المساعدات الإنسانية الداخلة للقطاع، قدّمت جولييت توما -جنباً إلى جنب مع المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مرغريت هاريس- مقترحاً بأنظمة تسليم شاملة "من البداية إلى النهاية" للمساعدات.

وتتّهم كلٌّ من إسرائيل والولايات المتحدة حركة حماس بتحويل وجهة المساعدات. وفي ذلك قال السفير الأمريكي هاكابي: "قوبلتْ محاولات إغاثية سابقة بسرقة حماس للطعام الذي كان موجّهاً للجوعى من المدنيين".

وقالت مرغريت: "ليست المشكلة في تسليم المساعدات داخل غزة؛ إنما المشكلة في السماح بدخول المساعدات إلى القطاع".

وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، هاجمت حركة حماس مناطق حدودية جنوبيّ إسرائيل، فقتلت حوالي 1,200 شخص واختطفت 250 آخرين، وفقاً لمصادر في الجيش الإسرائيلي – مُشعلةً بذلك شرارة حرب لم تنطفئ حتى الآن، وراح ضحيتها أكثر من 52,700 شخص في غزة، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا