آخر الأخبار

بين النووي والصواريخ.. إيران ترسم حدود التفاوض

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

نتائج إيجابية للجولة الأولى من المحادثات الأميركية الإيرانية

في تحوّل نادر بنبرة التصريحات المتبادلة، اتسمت الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، التي استضافتها سلطنة عمان، بنوع من الإيجابية غير المألوفة، بحسب ما أفاد الطرفان.

وبينما أبدى الجانبان حرصاً على استمرار المسار التفاوضي، برزت نقطة مركزية كشفت الكثير مما لم يُقال: البرنامج الصاروخي الإيراني خارج طاولة التفاوض.

ففي تصريح لافت، أكدت صحيفة المونيتر الأميركية، نقلاً عن مصادر إيرانية مطلعة، أن "الجولة الأولى لم تتناول ملف إيران الصاروخي أو دعمها للفصائل المسلحة في المنطقة"، وهو ما يعكس تصميم طهران على حماية ما تعتبره جزءاً لا يتجزأ من قوتها الردعية واستقلالها الدفاعي.

في مداخلة مع برنامج "التاسعة" على قناة "سكاي نيوز عربية"، وصف المحلل السياسي محمد صالح صدقيان هذه التطورات بأنها "اختراق كبير في العلاقات الإيرانية الأميركية"، رغم تأكيده أن التحديات لا تزال كبيرة، خصوصاً في الداخل الإيراني، حيث يسيطر التيار المحافظ المتشدد على مؤسسات مؤثرة مثل البرلمان والصحف الراديكالية.

وأشار صدقيان إلى أن هؤلاء المعارضين يرون في أي تفاوض مع واشنطن "مضيعة للوقت"، مستشهداً بموقف صحيفة كيهان التي كتبت في افتتاحيتها: "يجب عدم وضع كل العنب في سلة المفاوضات... هذه السلة مجرّبة".

الصمت كإستراتيجية

من أبرز ملامح الجولة التفاوضية الأولى، التي استمرت نحو ساعتين ونصف، هو التكتم الإعلامي الشديد. فقد امتنعت كل من طهران وواشنطن عن إعلان تفاصيل ما دار خلال الجلسة، ما فتح الباب أمام تكهنات كثيرة حول مضمون الرسائل المتبادلة.

صدقيان فسّر هذا الصمت باتفاق مسبق بين الطرفين، قائلاً: "التفاهمات التي سبقت اللقاء أكدت على عدم الإفشاء بتفاصيل المحادثات، لأن الكشف عنها قد يفتح الباب لتدخلات من معارضين متشددين قادرين على التأثير السلبي على المفاوضات".

البرنامج النووي أولاً... الصواريخ خط أحمر

يرى صدقيان أن الملف النووي سيأخذ الأولوية، فيما ستُؤجل النقاشات الأكثر تعقيداً كالمسألة الصاروخية إلى وقت لاحق، إن لم تُستبعد كلياً.

ويقول في هذا السياق: "إيران منذ البداية قالت إنها لا يمكن أن تناقش قوتها العسكرية مع أي طرف، سواء كان الولايات المتحدة أو غيرها".

هذا الموقف ينسجم مع العقيدة العسكرية الإيرانية التي تعتبر الصواريخ مكوناً أساسياً في استراتيجيتها الدفاعية، خاصة في ظل البيئة الإقليمية المتوترة. كما أن تجربة انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018 بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب، دفعت طهران للتشدد أكثر في ضمان عدم المساس بمفاتيح الردع لديها.

معارضة من الداخل والخارج

لا تقتصر التحديات على موقف إيران من الصواريخ أو تفاصيل الاتفاق النووي، بل تمتد إلى معارضات داخلية قوية، سواء داخل إيران أو الولايات المتحدة.

يرى صدقيان أن أحد أكبر التحديات يتمثل في "الداخل الإيراني"، موضحاً: "التيار الأصولي المتشدد يسيطر على البرلمان وله نفوذ في كافة مراكز القرار، ويرى أن التفاوض مع واشنطن لا يجلب إلا الفشل".

من جهة أخرى، لا تزال السياسة الأميركية أيضاً تعاني من الانقسامات، حيث يجد أي اتفاق محتمل مع إيران معارضة قوية من قبل الجمهوريين وبعض الديمقراطيين الذين يطالبون بتوسيع نطاق التفاوض ليشمل قضايا إقليمية وصاروخية.

الضمانات... حجر الأساس في مفاوضات الغد

من بين المطالب الإيرانية الأساسية، والتي أشار إليها صدقيان، تأتي مسألة الضمانات التي تقي أي اتفاق جديد من التراجع الأميركي كما حدث في 2018.

وأوضح أن: " الرئيس بايدن لم يتمكن من تقديم مثل هذه الضمانات لطهران، لكن ربما يتمكن الرئيس ترامب من ذلك، عبر التزام مكتوب يمرر عبر الكونغرس".

وبالتالي، يبدو أن الثقة المفقودة هي العقبة الأساسية أمام أي اتفاق دائم، وأن تحقيق اختراق حقيقي مرهون ليس فقط بالإرادة السياسية، بل بقدرة الأطراف على تجاوز تعقيدات الداخل وتقديم ضمانات قانونية تحصّن الاتفاق من تقلبات السياسة.

يبدو أن ما جرى في مسقط ليس سوى تمهيد لمسار طويل ومعقد، يتمحور حول ملف نووي قابل للنقاش، وآخر صاروخي محظور على الطاولة.

وبين التفاؤل الأميركي الحذر، والتشبث الإيراني بالخطوط الحمراء، تبقى الجولة القادمة في فيينا اختباراً حقيقياً لقدرة الطرفين على المضي قدماً في خريطة تفاوض غير مألوفة ولكنها ضرورية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا