استهدفت غارة إسرائيلية الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة، للمرة الأولى منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.
وأوردت الوكالة "أغار الطيران الحربي الاسرائيلي على حي الحدت في الضاحية الجنوبية" المكتظ بالسكان والذي أغلقت مدارسه أبوابها عقب إصدار الجيش الإسرائيلي أمر إخلاء للمنطقة بعد إطلاق صاروخين على إسرائيل في عملية لم تتبنّها أي جهة ونفى حزب الله مسؤوليته عنها.
وأدان الرئيس اللبناني جوزاف عون، الضرات الإسرائيلية على لبنان، ودعى في مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنس إيمانويل ماكرون، يوم الجمعة في العاصمة الفرنسية باريس، المجتمع الدولي إلى "تكثيف الدعم" من أجل إعادة استقرار لبنان وتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالوضع في المنطقة.
وقال عون، الذي يزور فرنسا في أول زيارة رسمية لدولة أوروبية، إن الضربات على الضاحية الجنوبية لبيروت "غير مبررة"، مؤكدا أن الجيش يحقق حاليا في هوية من أطلق الصواريخ باتجاه إسرائيل.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في منشور على حسابه على منصة إكس، تويتر سابقا، إن الجيش الإسرائيلي هاجم ما وصفه بـ "بنية تحتية لتخزين طائرات مسيرة تابعة للوحدة الجوية (الوحدة 121) في حزب الله اللبناني" في ضاحية بيروت الجنوبية.
وأضاف أن حزب الله وضع هذه البنية التحتية "في قلب المدنيين"، معتبرا أن هذا يشكل "دليلًا آخر على استغلال حزب الله.. للمدنيين في لبنان كدروع بشرية."
واتهم أدرعي الحزب بأنه ارتكب "خرقًا فاضحًا" للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان، "وتهديدًا مباشرًا" على مواطني دولة إسرائيل، وذلك بعد "عملية اطلاق القذائف الصاروخية نحو الجليل الأعلى."
وحمل الناطق باسم الجيش الإسرائيلي الدولة اللبنانية مسؤولية الحفاظ على الاتفاق.
وأثار تحذير الجيش الإسرائيلي حالة من الهلع في المنطقة، وسارع الأهالي لجلب أولادهم من المدارس، وفق ما أشار مراسلون في وكالة فرانس برس.
وتشكل ازدحام مروري خانق على مداخل الضاحية الجنوبية التي تعرضت لقصف شديد خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله، فيما كان العديد من السكان يحاولون الفرار، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.
وأعلن الجيش الاسرائيلي الجمعة أنه شن هجمات في جنوب لبنان بعدما توعّد وزير الدفاع يسرائيل كاتس بالرد "بقوة" عقب إطلاق صاروخين من لبنان نحو الدولة العبرية.
وسجلت عملية إطلاق الصاروخين بعد أيام من إطلاق ثلاثة صواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل السبت، في أول عملية من نوعها منذ دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ واضعا حدا لحرب مفتوحة استمرت شهرين بين الجيش الإسرائيلي والحزب الذي فتح جبهة ضد الدولة العبرية "إسنادا" لحماس منذ اندلاع حرب غزة.
لكن حزب الله نفى الجمعة "أي علاقة" له بإطلاق صاروخين مؤكدا التزامه وقف إطلاق النار بحسب بيان نشره على تلغرام.
من جهته، دعا رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام الجمعة إلى إجراء "التحقيقات اللازمة" لكشف "الجهات التي تقف خلف العملية اللامسؤولة".
وحذر رئيس مجلس الوزراء اللبناني الدكتور نواف سلام مجدداً من تجدد العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية. وأجرى الرئيس سلام اتصالاً بقائد الجيش العماد رودولف هيكل، للاطلاع على حقيقة الوضع في الجنوب، وطلب منه التحرك السريع لإجراء التحقيقات اللازمة لكشف الجهات التي تقف خلف العملية اللامسؤولة في إطلاق الصواريخ، التي تهدد أمن لبنان واستقراره.
وأجرى سلام سلسلة اتصالات بمسؤولين عرب ودوليين من أجل ممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المتكررة.
ودعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى "ضبط النفس" - بعد إطلاق صاروخين من لبنان باتجاه إسرائيل التي دعت سكان حي في الضاحية الجنوبية لبيروت لإخلائه، في أول إنذار من نوعه منذ بدء تطبيق الهدنة قبل أربعة أشهر.
وقالت ممثلة الأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت في بيان "العودة إلى صراع أوسع نطاقاً في لبنان سيكون مدمّراً للمدنيين على جانبَي" الحدود، "ويجب تجنبه بأي ثمن". وأضافت "من الضروري أن تتحلى جميع الأطراف بضبط النفس".
من جهته، نفى حزب الله اللبناني "أي علاقة" له بإطلاق الصاروخين على إسرائيل، وأكد "التزامه بوقف إطلاق النار".
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية أن صفارات الإنذار دوّت في بلدة كريات شمونة والمناطق المحيطة بها شمالي إسرائيل عقب إطلاق الصاروخين.
وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من أنه "إذا لم يعم الهدوء في بلدات الجليل، لن يكون هناك هدوء في بيروت"، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
وأضاف كاتس: "لن نسمح بالعودة إلى واقع ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول. سنضمن سلامة سكان الجليل وسنتحرك بقوة أمام أي تهديد"، في إشارة إلى الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأدى إلى اندلاع الحرب المدمرة في قطاع غزة، وامتدادها إلى لبنان.
وسُجلت عملية إطلاق الصاروخين بعد أيام من إطلاق ثلاثة صواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل، السبت الماضي، وهو ما دفع إسرائيل لشن عدة غارات على "أهداف لحزب الله" في لبنان، رغم نفي الحزب مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ.
وكانت عملية إطلاق الصواريخ يوم السبت - الأولى من نوعها منذ دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واضعاً حدّاً لحرب استمرت شهرين بين الجيش الإسرائيلي والحزب الذي فتح جبهة ضد إسرائيل "إسناداً" لحماس منذ اندلاع حرب غزة.
وصمد اتفاق وقف إطلاق النار عموماً رغم الاتهامات المتبادلة بحصول انتهاكات، فيما أبقى الجيش الإسرائيلي على قواته في خمسة مواقع استراتيجية في جنوب لبنان على طول الحدود مع شمال إسرائيل.
وتقول كارين طربيه مراسلة بي بي سي في بيروت
هذه هي المرة الثانية منذ بداية وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل التي تُطلق فيها صواريخ من جنوبي لبنان باتجاه شمالي إسرائيل.
وفي المرتين يُسارع حزب الله لنفي أي مسؤولية له عن إطلاق الصواريخ ويسارع مسؤولون إسرائيليون إلى تحميل الحكومة اللبنانية المسؤولية عما حدث وبإطلاق تهديدات تطاول العاصمة بيروت.
عقب إطلاق صاروخين اليوم الجمعة، سقط أحدهما داخل الأراضي اللبنانية، وبينما تم اعتراض الثاني، قصف الجيش الإسرائيلي بلدات جنوبية عدة – بينما أقفلت بعض المدارس في مدينة صور أبوابها تخوفا من توسّع القصف.
في المرة الأولى التي رُصد فيها إطلاق ثلاث صواريخ- يوم السبت الماضي، أُجريت الكثير من الاتصالات لا سيما مع الولايات المتحدة وفرنسا لاحتواء الرد الإسرائيلي. هذه المرة الرئيس اللبناني في فرنسا وسيكون هذا الموضوع على الأرجح من بين الملفات التي سيبحثها الرئيسان جوزاف عون وإيمانويل ماكرون.
يوم السبت الماضي أدان عون ما وصفه بـ"محاولات استدراج لبنان مجددا إلى دوامة العنف". ويوم الجمعة نُقل عن مسؤول في حزب الله قوله " إن هذه الحوادث تأتي في سياق افتعال ذرائع مشبوهة لاستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان."
هذا بينما يستمر الجيش الإسرائيلي، وبشكل متواصل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، إن كان من خلال غارات يقول إنها تستهدف مخازن أسلحة لحزب الله أو من خلال استهداف سيارات يقول الجيش الإسرائيلي إن من فيها هم أعضاء في حزب الله، وحتى من خلال استهداف منازل جاهزة، قام سكان مناطق كانت محتلة من قبل الجيش الإسرائيلي بتركيبها فيها، ريثما يعيدون بناء منازلهم.
وكانت "الدولية للمعلومات"، وهي شركة إحصاءات لبنانية خاصة، قد أشارت إلى أن عدد القتلى اللبنانيين نتيجة القصف الإسرائيلي منذ وقف إطلاق النار – أي منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني وحتى 23 مارس/آذار قد بلغ 99 شخصا، بينما قارب عدد الجرحى الثلاثمائة.