(CNN) -- خرج الفلسطيني من شمال غزة، بلال أبو زيد، إلى الشوارع مع مئات آخرين، الثلاثاء، للاحتجاج على الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" المسلحة اللتين يُحمّلهما مسؤولية الدمار الذي لحق بالقطاع .
ويقول إن إسرائيل هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن بؤس غزة، لكن "حماس" تتحمل المسؤولية أيضا .
وقال أبو زيد لشبكة CNN : "نحن مُضطهدون من قبل جيش الاحتلال (إسرائيل) وحماس"، وأضاف: "شنّت حماس عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول، واليوم ندفع الثمن"، في إشارة إلى هجوم الحركة على إسرائيل في 2023 الذي أدى إلى الحرب .
وتظاهر فلسطينيون ضد حركة "حماس" في بيت لاهيا، شمال غزة، الثلاثاء، فيما بدا أنه أكبر احتجاج ضد الحركة المسلحة منذ هجوم 7 أكتوبر .
وأظهر مقطع فيديو حشودًا غفيرة، قدر مراسل CNN الميداني عددهم بالمئات، وهم يسيرون في شوارع بيت لاهيا، وهم يهتفون: "حماس برا"، و"نريد نهاية للحرب " و وصفوا عناصر الحركة بـ"الإرهابيين".
وانتشرت رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى 9 مظاهرات ضد الحرب و"حماس" في أنحاء غزة الأربعاء، حيث قال منظمو الاحتجاجات: "يجب أن تصل أصواتنا إلى كل الجواسيس الذين باعوا دمنا ".
وقُتل أكثر من 1200 شخص في هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل، واختُطف 251 آخرون، وفقًا للسلطات الإسرائيلية.
وأسفرت حرب إسرائيل اللاحقة على "حماس" في غزة حتى الآن عن مقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني، وفقًا لوزارة الصحة هناك، وتدمير مساحات شاسعة من القطاع، وتسببت في أزمة إنسانية مدمرة .
وارتفعت حصيلة القتلى في القطاع خلال الأيام الأخيرة عقب انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين، مع استئناف إسرائيل عملياتها البرية في غزة وتعهدها بتكثيفها.
وتفاقمت الأزمة بقرار إسرائيل وقف جميع المساعدات عن دخول القطاع .
وغالبًا ما يمتنع العديد من الفلسطينيين الذين لا يدعمون "حماس" عن انتقادها علنًا، خوفًا من النبذ الاجتماعي، إذ يعتبرها البعض الطرف الوحيد الذي يقاوم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بنشاط، ويُخفي آخرون دعمهم للحركة خوفًا من استهدافهم من قبل إسرائيل .
وذكر رائد أبو حمودة، وهو فلسطيني من شمال غزة، لـ CNN أنه أراد المشاركة في الاحتجاج لكنه لم يتمكن من الوصول إلى التجمع، وأضاف أن "حماس" والفصائل الأخرى في القطاع لا تستمع لأصوات الشعب .
وقال أبو حمودة: "يجب أن تسود أصوات الشعب قبل صوت البارود"، مضيفا أنه ينبغي أن يكون للفلسطينيين حكومة موحدة واحدة قادرة على تلقي الدعم الدولي والإقليمي .
وقال: "لطالما رغب الناس في الاحتجاج"، وأضاف أن الكثيرين ترددوا، خوفا من "انعدام الحماية" في الشوارع و"اتهامات الخيانة" من قبل فلسطينيين آخرين .
كما أعرب أبو حمودة عن قلقه من أن الحكومة الإسرائيلية قد تستغل الاحتجاجات، مما قد يقوض حركتهم .
وفي خطاب ألقاه الأربعاء في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى احتجاجات غزة، قائلا إن هذا "يُظهر أن سياستنا ناجحة " .
وأضاف: "في الأيام الأخيرة، شهدنا شيئًا لم نشهده من قبل احتجاجات واسعة في قطاع غزة ضد حكم حماس " .
حماس تقول إن الاحتجاجات "عفوية "
وفي المقابل، ذكر المكتب الإعلامي الحكومي لـ"حماس" أن الشعارات المناهضة للحركة التي رُفعت في مظاهرة الثلاثاء كانت "عفوية" و"لا تعكس الموقف الوطني العام " .
وقال المكتب لـCNN في بيان: "أي شعارات أو مواقف عفوية يصدرها بعض المتظاهرين ضد نهج المقاومة لا تعبر عن الموقف الوطني العام، بل تأتي نتيجة للضغط غير المسبوق الذي يتعرض له شعبنا ومحاولات الاحتلال المستمرة لإثارة الفتنة الداخلية وصرف الانتباه عن جرائمه المستمرة " .
وذكر المكتب أن من حق الفلسطينيين في التعبير عن آرائهم والمشاركة في المظاهرات السلمية هو "حق مشروع وجزء أساسي من القيم الوطنية التي نؤمن بها " ، مضيفا أن الاحتجاجات تعكس "الضغط الهائل والمجازر اليومية التي يتعرض لها شعبنا " .
وقال عبدالله أحمد، ناشط من جباليا، إن هناك مخاوف من أن "حماس" ستقمع الاحتجاجات إذا استمرت، وقال لـ CNN : "هناك خوف وقلق من المشاركة في هذه المظاهرات " .
وأضاف أحمد أن الضغط على سكان غزة تزايد، وأن الكثيرين اضطروا للعودة شمالًا ليجدوا منازلهم قد تحولت إلى أنقاض .
ومع ذلك، لا تزال "حماس" تتمتع بقاعدة تأييد واسعة في غزة.
وصرح أحد مؤيدي الحركة في غزة، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لـ CNN بأنه يعتقد أن "حماس لا تزال قوية وأن هناك أشخاصًا في القطاع لا يزالون مهتمين بالانضمام إلى حملة حماس ضد إسرائيل"، كما قلّل من شأن الاحتجاجات، قائلاً إن غالبية سكان غزة "قلقون للغاية بشأن توفير الطعام والماء" من المشاركة في الاحتجاجات.
وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن قال، في يناير/كانون الثاني، إن "حماس جندت عددا من المسلحين الجدد يقارب عدد من فقدتهم".
وأضاف في خطاب ألقاه في المجلس الأطلسي قبل أيام قليلة من تركه منصبه: "في كل مرة تُكمل فيها إسرائيل عملياتها العسكرية وتنسحب، يُعيد مسلحو حماس تنظيم صفوفهم ويعودون للظهور لأنه لا يوجد شيء آخر لملء الفراغ".
ويبدو أن دعم سكان غزة لهجوم ٧ أكتوبر/تشرين الأول قد تذبذب في الأشهر الأخيرة، فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في يونيو/حزيران أن 57% من سكان غزة يعتقدون أن الهجوم كان القرار الصحيح، بانخفاض عن 71% قبل 3 أشهر فقط.
ومع استمرار الحرب، تدهورت الظروف المعيشية في غزة أكثر فأكثر، قال أبو زيد لـ CNN : "مطالبنا هي إطعام شعبنا، وإرواء عطشهم، ورؤية أطفالنا يتعلمون ولا يموتون، ممزقين أمام أعيننا".
وعندما سُئل عما إذا كان يخشى انتقام "حماس" لاحتجاجه، رد أبو زيد بأنه من الصعب الخوف من الاضطهاد عندما يعجّ القطاع بالمعاناة.
وقال: "لم يعد هناك خوف، فالموت قد يحدث في أي لحظة، لقد رأينا الموت بأم أعيننا، ورائحة الدم في كل مكان كفى حربًا، كفى إرهاقا، كفى إذلالا".