يتجه الاقتصاد العالمي بشكل لا رجعة فيه نحو نظام متعدد العملات، مع استمرار جهود الصين الحثيثة لتدويل اليوان والتغيرات التكنولوجية التي تُضعف الهيمنة المطلقة للدولار الأميركي ، بحسب ما نقله موقع "scmp" واطلعت عليه "العربية Business".
وقالت جين كيوي، اقتصادية شغلت منصب أستاذة دائمة في كلية لندن للاقتصاد لمدة 15 عامًا، خلال جلسة نقاشية استضافها معهد ميلكن الأميركي: "ارتفعت نسبة الفواتير التجارية المقومة باليوان من صفر إلى 30% خلال السنوات العشر الماضية، ونصف التدفقات الرأسمالية الصينية تتم الآن باليوان، وهو رقم أعلى بكثير مما كان عليه سابقًا."
وأضافت أن البيانات تُظهر تراجعًا بطيئًا للدولار، مشيرة إلى أن العملات الاحتياطية غير التقليدية – بما في ذلك تلك غير المرتبطة باليوان – قفزت من 2% إلى 11%. وأكدت أن هناك إجماع بين الاقتصاديين على أن العالم يسير نحو توازن متعدد العملات على المدى الطويل.
وأشارت جين إلى أن ظهور بدائل لنظام المدفوعات العالمي "سويفت" (Swift) يُشكل "تيارًا خفيًا هائل يُسرّع عملية التنويع المالي، مضيفة أن أهمية هذا التطور لم تحظَ بالتقدير الكافي.
وقد اكتسبت عدة أنظمة دفع جديدة زخمًا خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك منصة mBridge – وهي منصة للعملات الرقمية للبنوك المركزية تعتمد على تقنية البلوكشين – إضافة إلى نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود (CIPS) الذي صممته الصين.
وتسعى بكين منذ فترة طويلة إلى تحويل اليوان إلى عملة عالمية لضمان بيئة نقدية مستقرة تدعم تنميتها الاقتصادية، والحد من الهيمنة الأميركية على النظام المالي العالمي.
ووصف رئيس قسم أبحاث الائتمان في شركة بيمكو (Pacific Investment Management Company) كريستيان ستراكي، نظام سويفت بأنه "بقايا تكنولوجية من الماضي"، مؤكدًا أن العالم سيتجه نحو "اللامركزية المالية" في نهاية المطاف.
وأضاف ستراكي أن التحول نحو هذا النظام قد يستغرق وقتًا طويلاً، لكنه أمر لا مفر منه.
وكان العمدة السابق لمدينة تشونغتشينغ هوانغ تشي فان، قد توقع في منتدى التمويل الدولي العام الماضي أن حصة اليوان من المدفوعات العالمية ستزداد بمقدار نقطة مئوية واحدة سنويًا خلال العقد القادم، لتصل إلى حوالي 17% بحلول عام 2035.
وبحسب تقرير صادر عن معهد التمويل الدولي، أصدرت الصين حتى فبراير/شباط سندات "باندا" باليوان الخارجي بقيمة 45 مليار دولار أميركي، متجاوزة بذلك حجم السندات اليابانية المقومة بالين المعروفة باسم "ساموراي".
وأفاد بنك الشعب الصيني في تقريره الصادر في فبراير/شباط بأنه وقع اتفاقيات لمبادلة العملات الثنائية مع أكثر من 40 بنكًا مركزيًا أو سلطة نقدية أجنبية.
وفي سياق متصل، قال ستراكي: "قد يكون هناك عناوين إخبارية حول التوترات الجيوسياسية، لكن في النهاية، تتعلم الولايات المتحدة والصين من بعضهما البعض، وتستفيد كل منهما من أدوات وابتكارات الأخرى – أعتقد أن هذا جانب إيجابي فيما يتعلق بالنمو المتوقع."
وترى جين أن الصين يمكن أن تلعب دورًا في توفير المزيد من الأصول الآمنة للمستثمرين، مشيرة إلى أن هناك نقصًا في الأصول الآمنه، لذا سيكون هناك خيارين: إما أن يستمر هذا النقص، أو أن تقوم الصين بسد الفجوة.