لا شك في أن استعادة الجيش السوداني السيطرة على القصر الجمهوري تعد خطوة رمزية كبيرة، لا سيما وأن قوات الدعم السريع ظلت مسيطرةً عليه منذ اندلاع الحرب على مدار عامين.
وتنبغي الإشارة إلى أن قوات الدعم السريع كانت مكلَّفةً قبل اندلاع الحرب حراسةَ القصر بالاتفاق مع الجيش، إضافة إلى حراسة مناطق استراتيجية أخرى مثل مقر قيادة الجيش والمطار ومباني الإذاعة والتلفزيون.
السيطرة عليه تعني أن الجيش ماضٍ في خطته الرامية إلى دحر قوات الدعم السريع في المناطق الأخرى المتبقية في العاصمة التي لا تزال تتواجد فيها قوات للدعم السريع؛ كالمطار والسوق العربي المقرن وبري وامتداد ناصروجزيرة توتي وأحياء الرياض والطائف ومنطقة سوبا وجبل أولياء.
المؤسسة الوحيدة الأهم التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع هي، مطار الخرطوم. وكما يقال إن القوات تختبئ في بعض مباني الوزارات والشركات والمحال التجارية في العاصمة.
عدة عوامل من بينها حصول الجيش على مسيّرات وأسحلة من تركيا وإيران وروسيا، إضافة إلى عودة قائد قوات درع السودان إلى صفوف الجيش بعد تمرّده على قوات الدعم السريع، وإسهامه في استعادة السيطرة على ولاية الجزيرة التي كان قد سيطر عليها من قبل لصالح قوات الدعم السريع.
قوات الدعم السريع تقول إنها انسحبت تكتيكياً من القصر، وإنها ستقاتل من أجل استرداده، وإن كان ذلك مستبعداً في الوقت الراهن.
والمرجح أن الجيش سيواصل المعارك في بقية المناطق الأخرى التي تتواجد فيها قوات الدعم السريع في العاصمة.
لا يستبعد ذلك الدعم السريع. ويقول أيضاً إنه سيخوض معارك لاستعادة السيطرة على محيط مقر الجيش، إضافة إلى القصر الجمهوري.
وليس من الواضح بعد ما إذا كان ذلك يعد كونه مجرد حرب كلامية أم لا.
من الناحية الرمزية واضحٌ أن الجيش حقق انتصارات كثيرة في الأشهر الأخيرة، لذا يبدو أن ميزان القوى في صالحه لا سيما وأنه يتفوق على قوات الدعم السريع من حيث المدفعية والطيران والمسيّرات.
ولا تزال قوات الدعم السريع تمتلك أسلحة وقوة مقاتلة لا يستهان بها.
كانت قوات الدعم السريع تسيطر على القصر الجمهوري ومعظم العاصمة منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، لكن القوات المسلحة السودانية عادت في الأشهر الأخيرة وتقدمت ببطء نحو القصر على طول نهر النيل.
واحتدم القتال حول القصر الجمهوري على مدى الأسابيع القليلة الماضية، حيث قاتلت قوات الدعم السريع بشراسة للحفاظ على السيطرة، بما في ذلك من خلال القناصة المنتشرين حول المباني المحيطة به في وسط المدينة.
منذ أبريل/نيسان 2023، تدور الحرب في السودان بين الجيش النظامي، بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي".
وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، فيما وصفته المنظمة الدولية للهجرة بأنه أكبر أزمة نزوح في العالم.
وأدخل القتال المستعر منذ نحو عامين السودان في ما تصفه الأمم المتحدة بأكبر كارثة إنسانية في العالم.
وانتشرت المجاعة في خمس مناطق في السودان، وفقاً لوكالات أممية استندت إلى التقرير المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الذي تدعمه الأمم المتحدة.
ويُتهم طرفا الحرب - الجيش وقوات الدعم السريع - باستخدام التجويع كسلاح في الحرب.