قال موقع ميديا بارت إن إسرائيل استأنفت قصفها ل قطاع غزة بعد رفض حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) للشروط الإسرائيلية الجديدة التي تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 15 يناير/كانون الثاني، وهذا أسفر عن مقتل مئات المدنيين خلال الساعات القليلة الأولى من الهجوم، والعودة لاقتراف الإبادة الجماعية التي لم تكد تتوقف خلال التهدئة.
ووصف الموقع -في مقابلة مع المحامي الغزاوي راجي الصوراني- كيف قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شن غارات جوية على سكان غزة الذين كانوا يحاولون قدر استطاعتهم، وسط الحرمان المفروض والحداد الذي لا نهاية له، الاحتفال بشهر رمضان.
وذكّر الموقع بأن نتنياهو كان أول من خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه مع حماس، متذرعا -حسب بيان أصدرته حكومته- "برفض حماس المتكرر إطلاق سراح الرهائن ورفضها لكل المقترحات التي تلقتها من المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف والوسطاء".
واستعرض ميديا بارت الأحداث التي سبقت استئناف الحرب، عندما شكك نتنياهو في جدية اتفاق وقف إطلاق النار، وطالب بتمديد المرحلة الأولى منه، والإفراج فورا عن جميع المحتجزين، مدعوما من قبل المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، ثم قطع كل المساعدات الإنسانية عن القطاع قبل أن يقطع الكهرباء، بعد قتل ما لا يقل عن 100 شخص خلال الهدنة.
في هذه السياق التقى موقع ميديا بارت في باريس مع مؤسس ومدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني، وسألته غوانيل لونوار هل تفاجأ باستئناف القصف الإسرائيلي على قطاع غزة والمجزرة التي ارتكبت الليلة الماضية؟ ليرد بالنفي.
وأوضح الصوراني أن الإبادة الجماعية التي استمرت 18 شهرا أو أكثر لم تتوقف خلال فترة وقف إطلاق النار، وإن كان مستوى القتلى قد انخفض، والآن تعود إسرائيل بكامل قوتها لتلك الإبادة، لأنه لا أحد يحاسبها، ولا حتى ينتقد الإبادة الجماعية المستمرة، بل ولا أحد يريد إنهاءها، ولذلك تعتبر إسرائيل أن لها الحق في القتل وفعل ما تريد.
وأشار الموقع إلى أن المحامي عمل مع جنوب أفريقيا في إعداد وتقديم شكوى الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية ، ولكن حتى الآن لم تسفر قرارات هذه الهيئة وقرارات المحكمة الجنائية الدولية ، وأوامر الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت ، عن أي نتائج ملموسة، وسألته هل فشلت العدالة الدولية؟
وفي رده، ذكر المحامي أن جنوب أفريقيا قامت بعمل جيد وصنعت التاريخ عندما عرضت القضية على محكمة العدل الدولية نيابة عن فلسطين والفلسطينيين، ولفتت انتباه العالم إلى مفهوم سيادة القانون، مشيرا إلى أنها لقنت درسا قاسيا للدول الغربية الاستعمارية والعنصرية التي لم تكتف بمشاهدة الإبادة الجماعية من دون أن تفعل شيئا، بل دعمتها بالقول إن إسرائيل تمارس الدفاع عن النفس.
أما من الناحية القانونية، فأكد الصوراني أن هناك شيئا يتحرك، مشيرا إلى أن العدالة بطيئة في هذه المحاكم، ولا أحد يتوقع أن تنتهي الأمور في 6 أشهر ولا عام، خاصة أن المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لا تمتلكان جيشا ولا هيئة لإنفاذ القانون وإنما تستعينان بالدول، وإذا كانت الديمقراطيات الغربية المستنيرة لا تحترم قراراتها فمن الذي سينفذها؟
ونبه الصوراني إلى أن القانون الدولي أصبح انتقائيا ومسيسا، وذكّر بأن حق تقرير المصير الذي اعتمدته الأمم المتحدة، يعني أن أي شعب يتعرض للقمع أو الظلم أو الاستعمار له الحق في تقرير مصيره ومستقبله بأي وسيلة، وهو ما حصلت عليه أوكرانيا عندما غزتها روسيا واحتلتها.
وتساءل المحامي الغزاوي هل على الفلسطينيين من لوم إذا لجؤوا إلى القانون الدولي؟ وأكد أن المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية والقانون الدولي و القانون الإنساني الدولي ليست من اختراع الفلسطينيين، وليسوا كذلك هم من اخترع اتفاقية منع الإبادة الجماعية، ولكنهم يستخدمونها بفعالية، إلا أن العالم اليوم يسود فيه قانون الغاب، لا حكم القانون.
وعند سؤاله هل مات القانون الدولي في غزة؟ وهل عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للبيت الأبيض وتصريحاته ومواقفه من شأنها أن تضعف القانون الدولي، رد الصوراني بأنهم "يريدون ذلك. يريدون أن تصبح غزة مقبرة للقانون الدولي".
وأشار الصوراني إلى أنه لا يجب على العالم أن يتصرف وفقا لمزاج ترامب الذي شن هجوما شديدا وغير مسبوق على نظام العدالة العالمي، ولا وفقا لمزاج قادة فرنسا الذين قالوا، في خضم الإبادة الجماعية، إن نتنياهو سيكون في موضع ترحيب إذا زار فرنسا.
وقال المحامي الفلسطيني: "نحن لا نطلب منكم إرسال الأسلحة إلى فلسطين. نحن لا نطلب منكم إرسال متطوعين لحمل السلاح والقتال إلى جانبنا. نحن لا نطلب منكم دعمنا قانونيا ولا غير ذلك، ولكن على الأقل اتخاذ موقف أساسي ومناسب ضد ما يحدث"، وذكّر بأن هناك إبادة جماعية تجري، ويتم بثها على الهواء مباشرة، والعالم أجمع يشاهدها، والفرنسيون يعرفون ذلك وأوروبا تعرفه، وهم يعرف أن هذه جريمة ضد الإنسانية، و"مع ذلك لا يفعلون شيئا لوقف ذلك. هذا غير عادل".
وفي نهاية المطاف، كانت ردود الصوراني صرخة استغاثة أمام الفظائع المرتكبة في غزة، وتحذيرا من احتمال تلاشي القانون الدولي أمام غياب المساءلة، ودعوة لاتخاذ خطوات حقيقية لوقف الإبادة الجماعية، وإعادة احترام حقوق الإنسان، وضمان العدالة للفلسطينيين، وللوقوف ضد أبعاد أخلاقية وقانونية تتجاوز المنطقة وتهدد نزاهة النظام القانوني الدولي بأسره.