آخر الأخبار

جبريل الرجوب.. وقائع استبدال البزة العسكرية بشورت رياضي

شارك

في ذروة المشاحنات السياسية بين حركتي فتح وحماس، يقول المطلعون عن قرب إن "أبو رامي" اعتاد أن يحمل معه أكياس الزعتر والميرمية وزجاجات زيت الزيتون خلال رحلاته لمقابلة الشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في جميع اللقاءات التي جمعتهما ضمن مساعي التوصل إلى اتفاق مصالحة لم يبصر النور حتى الآن.

جبريل الرجوب أو "أبو رامي" كما يُكنى، صاحب الملامح الحادة والصوت الأجش، المتجرد في لقاءاته العلنية والمغلقة من ضوابط المنصب والدبلوماسية، المتحدث باللهجة الفلسطينية العامية، بصراحة ودون أي مواربة أو مداهنة في أي من المواضيع، يراه الفتحاويون قائدًا مقربًا إلى صفوف القاعدة بخطابه الشعبوي، ويعرفه خصومه كشخصية لا تخشى المواجهة، وهو مَن فتح نيرانه على الجميع، من العواصم العربية إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم " الفيفا "، وهو في ذات الوقت القادر على تصفير المشاكل، والحفاظ على حضوره ونفوذه في كل مكان، فالجنرال الذي يدير معركته من قلب المستطيل الأخضر اليوم، ليس رقمًا عابرًا في معادلة المشهد السياسي الفلسطيني.

طفولة صهرتها السجون

ولد جبريل محمود الرجوب في بلدة دورا الخليل يوم 14 مايو/أيار 1953، وفيها أمضى سنوات طفولته التي اصطدمت بواقع الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في الأشهر الأولى التي أعقبت نكسة يونيو/حزيران، حيث اعتقل عام 1968 وهو في سن 15، بشبهة مساعدة ضباط مصريين من بقايا الجيش المصري في فلسطين، وأمضى إثر هذه التهمة 4 أشهر في السجون الإسرائيلية.

إعلان

كان السجن أولى محطات لقاء الطفل الرجوب مع حركة فتح ، إذ تعرف هناك على القائد الفتحاوي "أبو علي شاهين" الذي ساهم في انضمامه إلى الحركة التي كانت تعمل سرًا في الضفة الغربية، وفور إطلاق سراحه صار جبريل الرجوب أحد كوادر فتح في الخليل، وعمل ميدانيًا في تقديم المساعدة اللوجستية للخلايا والمقاتلين.

بعد عامين على إطلاق سراحه، عاد الرجوب عودته الأطول إلى السجون، بعد اعتقاله في سبتمبر/أيلول 1970 خلال تنفيذه عملية استهداف حافلة للجيش الإسرائيلي بقنبلة يدوية، وأدين من قبل المحكمة الإسرائيلية بعدة تهم، حكم عليه إثرها بالسجن مدى الحياة، لتبدأ خلف أسوار السجون، الرحلةُ التي ستصقل شخصية الرجوب وتغيّر مسارها إلى الأبد.

في سجون الاحتلال التي تنقّل الرجوب بين معظمها، تعلم اللغة العبرية وأتقنها بطلاقة، وتوّجها بترجمة كتاب "ثورة" ل مناحيم بيغين ، وشارك في الإضرابات عن الطعام وموجات العصيان والاشتباكات مع مصلحة السجون، والتي كانت تندلع للمطالبة بتحسين أوضاع الأسرى وانتزاع حقوقهم الآدمية.

تحرر جبريل الرجوب من سجون الاحتلال إثر صفقة التبادل التي أجرتها الجبهة الشعبية-القيادة العامة في مايو/أيار 1985 رفقة أكثر من 1100 أسير فلسطيني وعربي مقابل إطلاق سراح 3 جنود أسرى في لبنان، لكنه سرعان ما عاد إلى السجن مجددًا بعد أقل من 6 شهور على إطلاق سراحه.

تعرض جبريل الرجوب للاعتقال ثلاث مرات متتالية في سجون الاحتلال بسبب نشاطه الدائم على الأرض، وخلال هذه الاعتقالات خاض إضرابات فردية عن الطعام وتنقل بين السجون وزنازين العزل الانفرادي، إلى أن قررت سلطات الاحتلال إبعاده

مصدر الصورة ياسر عرفات يحيي قوات أمن السلطة عام 2001 (رويترز)

إلى لبنان في يناير/كانون الثاني 1988، بعد شهر واحد من اندلاع الانتفاضة الأولى.

كان الإبعاد خارج فلسطين، المحطة التي ستنقل الرجوب للصعود في المراتب القيادية لحركة فتح، إذ انتقل إلى تونس، وعمل تحت إمرة خليل الوزير "أبو جهاد" الرجل الثاني في الحركة، وبعد اغتياله، أصبح جبريل الرجوب، من المقربين لرئيس منظمة التحرير وقائد حركة فتح، ياسر عرفات ، الذي عينه مساعدًا له لشؤون الأرض المحتلة عام 1988، ثم تولى منصب أمين سر لجنة الضفة في جهاز الأرض المحتلة حتى عام 1994.

إعلان

بعد توقيع اتفاق أوسلو، وعودة قوات منظمة التحرير إلى غزة والضفة، وتأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، عاد الرجوب ضمن قوافل العائدين، وتولى في الضفة قيادة جهاز الأمن الوقائي، الذي كان أحد المحطات المفصلية في سيرته وتاريخه

العشرية السوداء.. سنوات الصدام مع الجميع

بقيادة العقيدين جبريل الرجوب في الضفة الغربية، و محمد دحلان في قطاع غزة، واللواء مصباح صقر -الذي اصطدم بعرفات ولم يستمر طويلًا في منصبه- تحوّل جهاز الأمن الوقائي إلى يد السلطة الضاربة ضد خصومها السياسيين في الداخل.

كان الأمن الوقائي رأس حربة الحملة الأمنية التي شنتها السلطة الفلسطينية ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي عام 1996، والتي جرى خلالها اعتقال المئات من قادة وكوادر الحركتين، ضمن التزام السلطة الفلسطينية بتطبيق اتفاق أوسلو، وكبح العمليات التفجيرية داخل العمق الإسرائيلي.

كان الأمن الوقائي بجناحيه الرجوب ودحلان، في عين عاصفة الصراع المباشر مع حركة حماس، التي اتهمت الجهاز بممارسة التعذيب والتصفية الجسدية ضد كوادرها، وتعدى ذلك إلى إصدار بيانات مباشرة تتهم الرجوب بتسليم "خلية صوريف" التابعة ل كتائب القسام إلى الجانب الإسرائيلي عام 1997، واغتيال القيادي في الكتائب محيي الدين الشريف عام 1998 تحت التعذيب في سجون الأمن الوقائي، وهي الاتهامات التي ردت عليها السلطة الفلسطينية بروايات مضادة في حينه، ودأب الرجوب شخصيًا على نفيها.

مصدر الصورة محيي الدين الشريف (مواقع التواصل الإجتماعي)

مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وانفلات عقال المواجهة مع "إسرائيل" واستعادة حماس والجهاد الإسلامي لحضورهما العسكري، وإطلاق سراح المعتقلين في سجون السلطة، خاض الرجوب مواجهات شرسة مع الجميع، ابتداءً بالرئيس ياسر عرفات، وصولًا إلى حماس والجهاد الإسلامي مجددًا. وكان الرجل كما أظهرت تسجيلات صوتية منسوبة له، يرى أنه مستهدف من الجميع.

في أبريل/نيسان 2002، وفي ذروة الاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية في عملية " السور الواقي "، اقتحم الجيش الإسرائيلي سجن بيتونيا التابع لجهاز الأمن الوقائي، واعتقل عددًا من كوادر كتائب القسام المحتجزين داخله، وهو ما اعتبرته حماس في حينه "تسليما مباشرا"، وفقًا لشهادة عدد من عناصرها، من بينهم سليم حجة الذي اعتقل من داخل السجن، بينما أبدى الرجوب حينها استعداده للمثول أمام لجنة تحقيق مستقلة، موزعًا الاتهامات على جميع أركان السلطة الفلسطينية وفي مقدمتهم الرئيس ياسر عرفات. وقد انتشر في حينه بين الفلسطينيين تسجيل صوتي لمكالمة يقال إنها بين الرجوب والقيادي في حركة حماس عبد العزيز الرنتيسي ، دارت حول تفاصيل ما جرى في بيتونيا، وقد ظهر الرجوب حينها متمسكًا برفضه أي اتهام له "بتسليم المعتقلين"، مشددًا على موقفه الوطني الذي لا يقبل الطعن أو التشكيك فيه.

بحلول عام 2003، شهدت الضفة الغربية عددًا من الحوادث المفصلية التي تزامنت مع حصار الرئيس ياسر عرفات في مقر المقاطعة، منها اقتحام مئات الفلسطينيين لسجن الأمن الوقائي في الخليل وتحرير 17 معتقلًا من قيادات وكوادر حماس والجهاد الإسلامي، واقتحام محكمة جنين التي يحرسها الأمن الوقائي، وقتل 3 من المتهمين بالتعاون مع الاحتلال خلال جلسات محاكمتهم. كانت هذه الأحداث القطرة التي أفاضت كأس العلاقة المتدهورة بين عرفات والرجوب، وانتهت بمرسوم يعلن إقالته من منصبه في قيادة الجهاز في يوليو/تموز 2002، وتعيينه محافظًا لمدينة جنين.

إعلان

لم يكن قرار إقالة الرجوب في حينه عابرًا، فالرجل الذي قاد الجهاز طوال سنوات، بعقلية الأخ الأكبر أو الأب إن شئت، كان قد صنع له ولاءً واسعًا في صفوف ضباط وقيادة الجهاز، الذين أعلن المئات منهم نيتهم الاستقالة احتجاجًا على إقالة الرجوب، ومنَع آخرون خلَفَه العميد زهير مناصرة من دخول المقر الرئيسي للجهاز، في حين اختار وفد من ضباط الأمن الوقائي التوجه إلى مقر المقاطعة لمقابلة الرئيس المحاصر ياسر عرفات، للإعراب عن رفضهم إقالة قائدهم الرجوب.

اختار الرجوب تجنب الصدام مع عرفات في حينه، وخرج في تصريحات صحفية بعد لقاء استمر ساعتين مع الرئيس أبو عمار، ليعلن أنه يقبل القرار الذي وصفه " بالمقدس ولا يقبل النقاش "، مؤكدًا أنه لن يسمح لأي ضابط في الوقائي بالتمرد على قرار عرفات.

بعد عام من إقالته، أصدر عرفات مرسومًا رئاسيًا بتعيين العقيد جبريل الرجوب في منصب مستشار الرئيس للأمن القومي ، وترقيته إلى رتبة عميد في أغسطس/آب 2003، وقد جاء هذا القرار في أوج المواجهة على الصلاحيات بين عرفات ورئيس الوزراء الأول في تاريخ السلطة، محمود عباس.

مصدر الصورة محمود عباس مع نتنياهو (الجزيرة)

عقب وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وفوز محمود عباس بالرئاسة مرشحًا عن حركة فتح، قدم الرجوب في يناير/كانون الثاني 2005 استقالته من منصبه ، قائلًا في نص بيان الاستقالة التي قدمها لعباس إنها تأتي "لتكون لكم فرصة كاملة متاحة لتعيين مستشاريكم الذين تتوسمون فيهم القدرة والنفاذ"، مقدمًا مجموعة من التوصيات للرئيس الجديد حول ضبط الحالة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

شهدت الأشهر الأولى من عهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، موجة انفلات أمني واسعة في الضفة الغربية، نتيجة قراراته بحل كتائب شهداء الأقصى وإبعاد المطاردين من داخل مقر المقاطعة، وإجراء إعادة هيكلة كاملة لقيادات الأجهزة الأمنية. وخلال هذه الفترة وقعت مواجهات مسلحة عنيفة طالت مقر الرئاسة في المقاطعة، وتسببت في إقالة عدد من قادة الأجهزة الأمنية، بينهم قائد قوات الأمن الوطني في رام الله، يونس العاص، و قائد قوات الأمن الوطني الحاج إسماعيل جبر في غزة والضفة، الذي خاض ملاسنات حادة مع الرجوب في حينه.

مصدر الصورة كتائب شهداء الأقصى (الجزيرة)

في أكتوبر/تشرين الأول 2005 أصدر الرئيس عباس مراسيم رئاسية متتالية، بترقية العميد جبريل الرجوب إلى رتبة لواء، وتشكيل مجلس الأمن القومي الفلسطيني، الذي انضم إليه الرجوب بصفته "مقررًا"، إلى جانب قيادات الصف الأول سياسيًا وأمنيا في السلطة الفلسطينية ومن بينهم محمد دحلان، ووزير الداخلية نصر يوسف، وأحمد شنيورة، وناصر القدوة وسلام فياض والطيب عبد الرحيم وصائب عريقات وأحمد قريع.

إعلان

استمر اللواء جبريل الرجوب في منصبه مستشارًا للأمن القومي حتى يناير/كانون الثاني 2006، حيث تقدم باستقالته من المنصب في حينه، للترشح ضمن قوائم حركة فتح للانتخابات التشريعية، وهي الانتخابات التي خسر فيها الرجوب فرصة دخول المجلس، وخسرتها حركته فتح بشكل قاسٍ أمام حركة حماس التي اكتسحت البرلمان الفلسطيني وشكلت الحكومة برئاسة إسماعيل هنية.

بعد الانتخابات التشريعية، قال الرجوب إنه يعكف على مواصلة دراسته الجامعية في كلية الدراسات العليا بجامعة القدس، وإنه رفض كل العروض التي قدمها له الرئيس عباس لتولي مناصب أمنية في السلطة الفلسطينية، رافضًا التعليق في حينه على تعيين غريمه محمد دحلان خلفًا له في منصب مستشار الأمن القومي، لكنه لم ينقطع في اللقاءات الإعلامية عن تصريحاته شديدة اللهجة ضد خصومه في قيادة الأجهزة الأمنية وحركة فتح.

الكابتن الجنرال.. رحلة العودة من ألف باب

بعد عام ونصف من الاقتتال الداخلي، والتحريض والإعدامات والاتفاقيات ولجان التواصل، انفجر برميل البارود بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالكامل منتصف يونيو/حزيران 2007، وطُردت السلطة الفلسطينية وقوات أمنها، وبدأ ما سيعرف بعدها "بالانقسام الفلسطيني".

كان للرجوب في حينه مواقفه المنفلتة عن حالة الإجماع الفتحاوي، إذ لم يتردد خلال مقابلة مع تلفزيون فلسطين الرسمي، في مهاجمة قادة الأجهزة الأمنية في غزة، والإشارة بشكل مبطن إلى غريمه محمد دحلان، محملًا مسؤولية ما جرى لتصرفاتهم ضد الفلسطينيين عمومًا في القطاع. وخلف المواقف الإعلامية، تداول الفلسطينيون بشكل واسع في حينه، مكالمة مسلجة يُزعم أنها للرجوب مع أحد ضباط الأمن الوقائي في رفح، الذي اتصل به مستنجدًا، فكال خلالها الرجوب شتائم ثقيلة لكل من محمد دحلان ورشيد أبو شباك وغيرهما، متهمًا إياهم بالهرب من غزة إلى فندق "غراند بارك" في رام الله، والتصرف وكأن شيئًا لم يحدث.

مصدر الصورة محمد دحلان يمين الصورة ومحمود عباس وإسماعيل هنية (رويترز)

شهران فقط عقب الحدث المفصلي في التاريخ الفلسطيني المعاصر، وحالة الشحن الإعلامي والسياسي، والإجراءات الانتقامية المتبادلة في غزة والضفة الغربية، كان جبريل الرجوب القيادي الوحيد في فتح الذي يفتح قنوات اتصال مع قيادات في حماس سعيًا لإنهاء الانقسام، مستمرًا في الدعوة إلى الحوار مع الحركة، دون أن تلقى دعواته أي آذان صاغية في قيادة السلطة وفتح، التي كانت حينها تتعامل مع حماس "كتنظيم محظور" في الضفة الغربية، قبل أن تبدأ رحى المصالحات المكوكية بالدوران دون جدوى في عواصم العالم بعدها بسنوات قليلة.

إعلان

في مايو/أيار 2008، فجر اللواء جبريل الرجوب أولى مفاجآت عودته إلى المشهد السياسي مجددًا، ولكن من بوابة الرياضة هذه المرة، بعدما أعلن ترشحه لمنصب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في دورته الأولى 2008-2012، وانتزع الرئاسة بالتزكية بعد انسحاب منافسه الوحيد.

الرجوب في حينها قال إن ترشحه للمنصب جاء بطلب مباشر من الرئيس محمود عباس، ومفوضية التعبئة والتنظيم في حركة فتح، مؤكدًا أن احتلاله لهذا المنصب "مهمة وطنية" وأن "الحراك في الشارع الفلسطيني لمطالبته بالترشح له يعكس أهمية هذا الموقع وهذه المهمة".

منذ ذلك التاريخ، يسيطر الرجوب على مقاليد الاتحاد لأكثر من ثلاث ولايات متعاقبة، إلى جانب إحكام قبضته على رئاسة المجلس الأعلى للشباب والرياضة، واللجنة الأولمبية الفلسطينية، وجمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية.

انهمك الرجوب في إدارة شؤون المنتخب الفلسطيني لكرة القدم، وهو القادم من مقرات الأمن الوقائي وإرث العمل الأمني، بينما بدأت حركة فتح في الضفة الغربية وبعد خسارة غزة؛ محاولات لملمة صفوفها واستعادة حضورها، أو إن شئت فقل، إحكام قبضة الرئيس محمود عباس على كافة المفاصل السياسية والتنظيمية، فجرى عقد المؤتمر العام السادس عام 2009، والذي انتخب فيه جبريل الرجوب لعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، ونائبًا لأمين سر اللجنة حتى عام 2017.

كان جبريل الرجوب يومها واحدًا من ضمن 14 وجهًا جديدًا ينتخبون لعضوية اللجنة المركزية، أبرزهم محمود العالول، ومروان البرغوثي، ومحمد دحلان، ومحمد اشتية، وحسين الشيخ، وتوفيق الطيراوي، إلى جانب من احتفظ بمنصبه من الأعضاء القدم، ليشكلوا بالمجموع 19 عضوًا.

بالعودة إلى ملاعب الساحرة المستديرة، كان قدوم الرجوب من رئاسة جهاز أمني ليكون ثاني رئيس في تاريخ الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، نقطة فارقة في مسيرة الاتحاد والمنتخب، فالرجل الذي ظن الكثيرون أنه سيعامل لاعبي كرة القدم كجنود وضباط الوقائي، استطاع تحقيق اختراقات تاريخية، وحصد إنجازات واضحة للكرة الفلسطينية، التي شهدت ولا تزال في عهده انتظام البطولات والمسابقات، وتدشين دوري المحترفين الفلسطيني، ودوري السيدات، وتطوير البنية التحتية والمرافق ومقرات النوادي المختلفة.

إعلان

حقق الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إنجازات غير مسبوقة في عهد الرجوب، من بينها اعتماد "الملعب البيتي" لمنتخب فلسطين ومنحه حق استضافة البطولات والمنتخبات، والتتويج ببطولة كأس التحدي عام 2014 التي منحته بطاقة التأهل إلى نهائيات كأس آسيا 2015، وجائزة أفضل اتحاد وطني ناشئ من "الفيفا" عام 2009، ومنح الرجوب جائزة الهرم الذهبي لأفضل شخصية رياضية عام 2011، وجوائز دولية وإقليمية أخرى.

كما تجاوز الرجوب رياضيًا عقبات الانقسام الفلسطيني، بإعادة تفعيل دوريات كرة القدم في قطاع غزة، وضم أنديته مجددًا إلى الدوري الفلسطيني، وعقد المباريات النهائية بين أندية القطاع والضفة، عبر تنسيق مباشر مع عبد السلام هنية، الشخصية الرياضية الأبرز في غزة ونجل قائد حركة حماس إسماعيل هنية، الذي صدر قرار رئاسي بتعيينه مساعدًا للرجوب في المجلس الأعلى للشباب والرياضة، كما مُنح عضوية اللجنة الأولمبية الفلسطينية التي يرأسها الرجوب أيضًا.

رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم واللجنة الأولمبية الفلسطينية جبريل الرجوب يتحدث خلال حفل توديع الوفد الفلسطيني إلى دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 في مدينة رام الله (الفرنسية)

هذه السيرة الحافلة للرجوب، لم تصنع طريقًا ورديًا، فالرجل الذي يتبنى العفوية المطلقة، دون أي اعتبارات بروتوكولية أو مجاملات سياسية، أثار العواصف داخليًا وخارجيًا مرارًا وتكرارًا خلال قيادته للاتحاد، عبر الاصطدام مع الأردن في إحدى المحطات بعد اتهامه بالتصويت لجوزيف بلاتر ضد الأمير علي في انتخابات رئاسة الفيفا، وهو ما نفاه الرجوب علنًا وأجبر الرئيس محمود عباس على السفر إلى الأردن ولقاء الأمير علي في بيته لنزع فتيل الأزمة، عدا مشاحنات أخرى قوبلت بردود من نواب وشخصيات أردنية، خلال بطولات قارية.

رئيس الشاباك السابق عامي أيالون (يمين) وجبريل الرجوب (رويترز)

كما كان الرجوب عام 2015 هدفًا لدعوات تطالب بإقالته من منصبه، انضمت إليها حركتا حماس والجبهة الشعبية ومنظمات فلسطينية مثل "حركة المقاطعة"، بعد إقدامه على سحب الطلب المقدم للفيفا بإسقاط عضوية "إسرائيل" من الاتحاد الدولي بسبب انتهاكاتها ضد الرياضة والرياضيين الفلسطينيين، وقد قال الناطق باسم حركة حماس في حينه، فوزي برهوم، إن الرجوب "خيّب آمال الفلسطينيين وآمال أصدقاء فلسطين وكل المحبين الداعمين لشعبنا وعدالة قضيته"، مطالبًا برحيله من رئاسة الاتحاد ومحاكمته على تصرفاته، في حين اكتفى الرجوب حينها بالقول إنه جاهز لأي مساءلة فلسطينية، متهمًا من أسماهم "أشخاصا لا يريدون التطور والنهوض للرياضة الفلسطينية" بقيادة "الحملات المشبوهة ضده"، ومؤكدًا أن الموضوع برمته "شأن رياضي لا علاقة للسياسة به".

إعلان

تحت ظل الرئيس.. جمر يشتعل بصمت

في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، عقدت حركة فتح مؤتمرها السابع، الذي احتفظ فيه 12 عضوًا من اللجنة المركزية بمقاعدهم في حين انضم ستة أعضاء جدد إلى اللجنة، وفي هذه الانتخابات حل جبريل الرجوب في المركز الثاني بعد الأسير مروان البرغوثي، متمسكًا بمقعده في اللجنة المركزية التي أعلنت مطلع فبراير/شباط 2017 تكليفه بمنصب أمين سرها.

كان محمد دحلان، العنوان الأهم في المؤتمر السابع، حيث تمسك الرئيس الفلسطيني، وزعيم حركة فتح، محمود عباس، برفض توصيات الرباعية العربية "الإمارات، السعودية، مصر، الأردن" بالتصالح مع دحلان، وطي صفحة الخلاف الذي وصل ذروته بطرد الأخير وعشرات من مؤيديه من حركة فتح، وإسقاط عضوياتهم وإحالة ملفاتهم إلى القضاء، وقد ذكرت بعض المصادر في حينه، أن الرجوب كان أحد المتشددين في رفض عودة دحلان، وهو من أقنع الرئيس الفلسطيني برفض الضغوط العربية.

بعد قرابة أسبوعين من تكليف الرجوب بمنصب أمين سر اللجنة المركزية، منعته مصر من دخول أراضيها بعد وصوله مطار القاهرة لحضور اجتماع دعت إليه الجامعة العربية ، وهو الحدث الذي تزامن مع عقد محمد دحلان مؤتمرين موسعين لكوادر وأنصار تياره "تيار الإصلاح الديمقراطي" على الأراضي المصرية في تلك الفترة. وقد عزت مصادر عدة منع الرجوب إلى غضب مصري متصاعد من رفض قيادة حركة فتح دعوات القاهرة إلى المصالحة مع دحلان، والاتهامات المباشرة للرجوب في هذا الصدد.

كان دحلان خلال ذلك العام، في عين عاصفة تصريحات الرجوب للإعلام المحلي، حيث رد الرجوب على سؤال حول إمكانية عودة دحلان إلى الحركة بأنه فصل بسبب "قضايا لها علاقة بالقتل أو المشاركة بالقتل والاستقواء بالإقليم"، مضيفًا في ذات التصريح أن "مدخل دحلان للرجوع إلى الحركة ليس من خلال الدول العربية، وليس من خلال أموال الخليج"، في إشارة إلى دولة الإمارات التي يقيم فيها دحلان ويعمل مستشارًا لرئيسها.

إعلان

الرجوب هاجم في تصريحات أخرى "الرباعية العربية"، متهمًا إياها بالسعي للتدخل في المعادلات الداخلية الفلسطينية، معتبرًا أن هذا التدخل "مرفوض بالنسبة لمؤسسات حركة فتح"، مُصعدًا في تصريحاته لمهاجمة ضباط الأمن المكلفين من الرباعية للقاء قيادة فتح حيث اعتبرهم "ضباط مخابرات لا يفهمون شيئًا".

الرجوب في حينه هاجم القرار المصري، وعاد بعد قرابة عام كامل ليجدد هجومه على الدور المصري في ملف المصالحة الفلسطينية، متهمًا القيادة المصرية بتجاهل حركة فتح والرئيس محمود عباس، والسعي لفرض اتفاق للمصالحة بين حركتي فتح وحماس وفقًا للمتطلبات المصرية ودون استشارة فتح.

من مصر إلى الفيفا، امتدت صراعات الرجوب مع الجميع، في ذلك العام، بعدما قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم فرض عقوبة الإيقاف عن العمل الرياضي بحق الرجوب لمدة 12 شهرًا، وغرامة بنحو 20 ألف دولار، بتهمة "التحريض على الكراهية والعنف"، بعدما أطلق دعوات إلى حرق صور وقمصان نجم المنتخب الأرجنتيني، ليونيل ميسي، ردًا على نية المنتخب لعب مباراة ودية مع المنتخب الإسرائيلي جرى إلغاؤها قبل موعد انعقادها.

وفي يوليو/تموز 2020، وخلال مؤتمر صحفي مشترك عبر "اجتماع عبر الفيديو" من رام الله والضاحية الجنوبية، بثه التلفزيون الرسمي الفلسطيني وكبرى القنوات الإخبارية، ظهر اللواء جبريل الرجوب، مع صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، للإعلان عن اتفاق فتح وحماس على "استراتيجية موحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة" للتصدي لمخططات ضم الضفة الغربية .

لقاء الرجوب-العاروري توسع لاحقًا إلى زيارات شخصية أجراها الرجوب لمقر إقامة العاروري في تركيا، وجمعت الرجلين علاقة مودة شخصية، كما يروي عدد من الشهود على اللقاءات أن الرجوب اعتاد إحضار "الزعتر وزيت الزيتون والميرمية" من الضفة الغربية كهدايا للعاروري في كل اللقاءات التي جمعتهما ضمن مساعي التوصل إلى اتفاق مصالحة بين حركتي فتح وحماس.

إعلان

هذه اللقاءات المكوكية بين الرجلين آتت ثمارها الأولى بالتوصل إلى اتفاق عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، وإصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 15 يناير/كانون الثاني 2021 مرسومًا رئاسيًا بعقدها على التوالي ابتداءً بالانتخابات البرلمانية في 22 مايو/أيار، ثم الرئاسية في 31 يوليو/تموز، وانتهاءً بانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب من ذات العام.

وفي نهاية مارس/آذار 2021، أصدر الرئيس محمود عباس، قرارًا بترقية اللواء جبريل الرجوب إلى رتبة فريق في قوى الأمن الفلسطينية، وإحالته إلى التقاعد. وكانت رتبة الفريق التي منحت للرجوب هي الثانية التي تُمنح لضابط فلسطيني منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، وكان القرار في حينه تمهيدًا لترشح الرجوب رفقة محمود العالول لرئاسة قائمة حركة فتح للانتخابات التشريعية.

جبريل الرجوب وصالح العاروري يعلنان في مؤتمر صحفي الاتفاق بين الحركتين على العمل سويا ضد مخطط الضم (رويترز)

تسارع الزخم الانتخابي في الأراضي الفلسطينية بإعلان تشكيل 36 قائمة لخوض الانتخابات التشريعية، وبينما أعلنت حركة حماس عن قائمة موحدة للانتخابات، انقسمت حركة فتح على نفسها مشكلة 3 قوائم، الأولى يرأسها محمود العالول وجبريل الرجوب، والثانية برئاسة ناصر القدوة الذي صدر قرار بفصله من حركة فتح ولجنتها المركزية مع فدوى البرغوثي زوجة الأسير مروان، والثالثة شكلها تيار الإصلاح الديمقراطي الذي يقوده محمد دحلان.

في 29 أبريل/نيسان 2021، أعلن الرئيس الفلسطيني بعد لقاء طارئ للقيادة الفلسطينية؛ عن تأجيل عقد الانتخابات التشريعية، متذرعًا بالرفض الإسرائيلي لإجرائها في القدس. وخلف الكواليس كان جبريل الرجوب أشد المعارضين لإلغاء الانتخابات، بينما دافع ماجد فرج وعزام الأحمد عن قرار الإلغاء، وسط أحاديث متصاعدة من داخل حركة فتح عن خوف واضح من تلقي هزيمة جديدة أمام حركة حماس في هذه الانتخابات.

إعلان

وروت مصادر مطلعة أن الرجوب في حينه اعتبر أنه تعرض للتغرير في ملف المصالحة، وأن جهات تعمدت إفشال جهوده بهدف الانتقاص من قوته في الشارع الفلسطيني، وتحييده عن دائرة الصراع حول خلافة محمود عباس داخل حركة فتح، وقد انعكس ذلك بعزوف الرجوب لفترة من الوقت عن الظهور الإعلامي أو الإدلاء بأي تصريحات كما اعتاد خلال جهود عقد الانتخابات وتعزيز المصالحة مع حركة حماس.

من سيف القدس إلى طوفان الأقصى

فجر قرار الرئيس الفلسطيني إلغاء الانتخابات التشريعية، موجة جديدة من القطيعة والسجال بين حركتي فتح وحماس، ودشن تراشقًا إعلاميًا تصاعد بعد اندلاع معركة "سيف القدس" التي أطلقتها الحركة بعد 10 أيام فقط من مرسوم عباس، واستمرت 11 يومًا اشتعلت فيها جبهات غزة والضفة الغربية والداخل المحتل عام 48، وشكلت محطة فارقة في تاريخ المواجهات بين حماس والاحتلال.

الرجوب الذي هاجم رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، خالد مشعل، بتصريحات صحفية في يناير/كانون الثاني 2022، أشاد في ذات التصريحات التي وصفتها حماس "بالتوتيرية المؤسفة" بالقيادي صالح العاروري، وأجرى زيارة جديدة له في تركيا، ضمن المساعي لعقد مصالحة جديدة في الجزائر لم يترجم على الأرض في حينه.

مضت الأيام والسنوات سريعة، وجاء صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ليقلب كل الموازين والمعادلات، ويضع المنطقة برمتها في أتون معركة لم تهدأ رحاها حتى الآن، توسعت لتمتد من طهران وصنعاء إلى سيناء وبيروت، مرورًا بغزة ودمشق وبيروت، لكن السلطة الفلسطينية وقيادة فتح التزمت الصمت المطبق منذ تلك اللحظة بانتظار ما ستؤول إليه الأمور.

بعد أسابيع من الصمت الذي لف أركان السلطة وفتح، اختار أن يكسره كل من محمود العالول وجبريل الرجوب في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بتصريحات حملت إشادات علنية بعملية "طوفان الأقصى" التي وصفها الرجوب خلال مؤتمر له في السفارة الفلسطينية بالكويت بأنها كانت "زلزالًا وحدثًا غير مسبوق، وحربًا دفاعية مليئة بالملاحم والبطولات التي يخوضها الشعب الفلسطيني".

إعلان

وفي يوليو/تموز 2024، قال الرجوب خلال ندوة عقدت في رام الله، إن عملية 7 أكتوبر "حطمت مساعي تصفية القضية الفلسطينية وتعزيز مكانة إسرائيل كقوة إقليمية"، مضيفًا أن "طوفان الأقصى" أظهر أن "إسرائيل" مجرد "أكذوبة" بعدما "كشف ضعفها في توفير الحماية الأمنية لذاتها ومستوطنيها، وخلق لها أزمة وجودية غير مسبوقة".

في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2025، سيُتم الرئيس الفلسطيني محمود عباس عامه التسعين، ومنذ سنوات تتلاطم أمواج الصراع على خلافة الرجل الممسك بتلابيب الرئاسات الثلاث، السلطة وحركة فتح ومنظمة التحرير. وخلف أسوار المقاطعة، يبدو الصراع محتدمًا، بينما لم ترجح الكفة حتى الآن لمن سيوصف بالرجل الأقوى وخليفة عباس المحتمل، لكن جبريل الرجوب، الذي يتولى الآن منصب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، لا يبدو في موضع القوة الذي وضعته فيه تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية عام 2016 ، بكونه صاحب الحظوظ الأكبر من محمد دحلان ومروان البرغوثي في خلافة عباس، لأن وجوهًا أخرى صعدت بشكل صاروخي نحو الدائرة اللصيقة لمحمود عباس، وتبدو اليوم المهيمنة على القرار الرئاسي.

ولعل هذا التيار الذي يضم أمين سر اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات، ماجد فرج، يشكل المحور المضاد لأمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، ومحمود العالول نائب رئيس حركة فتح، اللذين يمثلان تيار الصقور والحرس القديم في فتح اليوم، وآخر وجوه العهد العرفاتي الباقية حتى الآن في الصف القيادي الأول.

واليوم، لا يملك المحللون السياسيون والمطلعون على المشهد الفلسطيني عن قرب؛ القدرة على الفصل في تحديد الشخصية المرشحة لخلافة محمود عباس، في ظل مجموعة من الأسماء الثقيلة الحاضرة في المشهد، والصراعات الممتدة منذ عقدٍ وأكثر، ومكانة عباس الذي يمسك بثلاثة مناصب ثقيلة، لا يبدو أحد من خلفائه قادرًا على الجمع بينها مجددًا.

إعلان

وبين هذه الأسماء، تبدو حركة فتح -كحال غيرها- مترقبة لمن سيؤول إليه قرار الحركة، ومن هو أو هم الذين سيرثون تركة محمود عباس، في ظل كم المتغيرات المتسارع بشكل مطرد منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، والمراسيم الرئاسية المتتالية التي تعيد تشكيل المشهد والتوازنات في السلطة الفلسطينية وحركة فتح، في ظل التحديات الداخلية وموقف القوى السياسية الفلسطينية، والمتغيرات العالمية والإقليمية، وتهديدات نتنياهو بضم الضفة الغربية، وجهود "إسرائيل" لتحييد مكانة ونفوذ وكيان السلطة الفلسطينية، وحالة انسداد الأفق والمستقبل المجهول.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا سوريا اسرائيل أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا