بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته الجديدة -أمس الاثنين- بإصدار سلسلة من الأوامر التنفيذية بوقت قياسي، تحدد سياسة حكومته وتلغي ما أراد سلفه جو بايدن أن يرسيه لتجاوز سياسات ترامب بولايته السابقة.
وهذا يطرح تساؤلات حول أهمية اتخاذ كل رئيس أميركي للأوامر التنفيذية، وما إذا كانت قرارات ترامب ستحدد شكل الولايات المتحدة المستقبلي، لا سيما أن قراراته تمس شؤون المهاجرين والعرقيات والالتزام بقضايا عالمية مثل المناخ والتجارة.
كما أن إنهاء بايدن ولايته بإصدار عفو رئاسي عن 5 من أفراد عائلته، وبداية الرئيس الجديد حكمه بذلك بالعفو عن 1500 شخص شاركوا في اقتحام الكابيتول عام 2021، مما أثار خلطا بين الأمرين ودورهما بالنظام الأميركي.
يعتبر الدستور الأميركي الأمر التنفيذي جزءا من السلطة التنفيذية المنوطة بالرئيس. ويُعرّف بأنه توجيهات يصدرها رئيس الولايات المتحدة لإدارة عمل الأجهزة الفدرالية، بغرض رسم سياسات وإجراءات فورية جديدة.
لا يعتبر الأمر التنفيذي قانونا ثابتا، لذلك إلغاؤه أو تعديله ممكن مع تغيّر الرئيس الذي يملك صلاحيات تقييمها أو تعديلها وفق رؤيته السياسية، بشرط ألا تنتهك الدستور.
وباعتبار أن الأوامر التنفيذية لا يقرها الكونغرس ولا تحتاج موافقته، فيعد تغييرها سهلا ويمنح كل إدارة حرية توجيه السياسيات التنفيذية وفق رؤيتها.
تكمن فائدة الأمر التنفيذي بكونه أداة سريعة للرئيس لتطبيق سياساته دون الحاجة للمرور بإجراءات طويلة ومعقدة للتشريع بالكونغرس.
فبالرغم من إمكانية إلغائه مع تغير الإدارة أو إذا قرر الكونغرس معارضته قانونيا مما يجعله محدود القوة على المدى البعيد، يعد الأمر التنفيذي مهما للتعامل مع القضايا العاجلة، ولتجاوز الانقسام بالكونغرس، وإحداث تغيير سياسي مؤقت.
مع بداية ولاية بايدن عام 2021، ألغى أوامر تنفيذية أصدرها ترامب مثل الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وإلغاء حظر السفر الذي فرضه على بعض الجنسيات ذات الأغلبية المسلمة، وإلغاء حظر الخدمة العسكرية للمتحولين جنسيا، محددا بذلك سياسة إدارته.
وعاد ترامب فور تنصيبه ليلغي أوامر تنفيذية اتخذها بايدن، فانسحب مرة أخرى من اتفاقية المناخ، وأعاد كوبا لقائمة الدول الراعية للإرهاب. وكان ترامب بولايته الأولى ألغى أوامر تنفيذية لسلفه حينها باراك أوباما تتعلق بمجال الطاقة والصحة.
يمنح الدستور الأميركي الرئيس صلاحية إصدار عفو عن الأفراد، دون الحاجة للمرور عبر النظام التشريعي، وذلك لا يشمل السياسات العامة.
وهو يختلف عن الأمر التنفيذي بأنه لا يمكن إلغاؤه أو تعديله بمجرد إصداره، لذلك لا يمكن لرئيس إلغاء عفو رئاسي أصدره رئيس سابق، كما لا يمكن للكونغرس أو المحاكم الطعن به.
بالرغم من أن العفو الرئاسي لا يمكن الرجوع عنه، فإنه لا يعتبر قانونا. إذ لا يمكن لرئيس بالولايات المتحدة أن يصدر قانونا من تلقاء نفسه. لكن إذا وقّع رئيس على قانون بعد تشريعه بالكونغرس، يصبح تغييره شديد الصعوبة.
قد تبدو قدرة الرؤساء على إصدار عفو وإقرار وتغيير أوامر تنفيذية تحديا للنظام الديمقراطي ظاهرا، إلا أنها تخضع للرقابة الدستورية التي تضمن الفصل بين السلطات وتوازنها، مما يعزز النظام الديمقراطي الذي يمنح كل إدارة جديدة حرية تنفيذ السياسات وفق رؤيتها.