في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
شهدت دمشق تطورا دبلوماسيا لافتا مع زيارة وفد أميركي رفيع المستوى، ضم دبلوماسيين وممثلين عن الخارجية الأميركية، حيث أجرى لقاء مع أحمد الشرع، قائد هيئة تحرير الشام، في أحد الفنادق الكبرى بالمدينة.
اللقاء، الذي وصفه الطرفان بأنه "إيجابي"، أثار العديد من التساؤلات حول أبعاد هذا الانفتاح الدولي، ودلالاته على مستقبل سوريا.
أبعاد اللقاء وأهدافه
أعلنت واشنطن خلال اللقاء إلغاء المكافأة المالية التي كانت مرصودة للإبلاغ عن الجولاني، مشيرةً إلى "التقدم الإيجابي" في تعهداته بمحاربة الإرهاب. كما أكدت أن على دمشق إنهاء أي دور لإيران في المنطقة.
بحسب الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، الدكتور سمير التقي خلال حديثه لغرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، يعكس هذا اللقاء انعطافا نسبيا في الموقف الأميركي، وإن كان يتسم بالحذر.
وأضاف: "رفع المكافأة عن الجولاني لا يعني رفع اسمه من قوائم الإرهاب، كما أن هيئة تحرير الشام ما زالت مدرجة على تلك القوائم".
وأكد التقي أن هذا التطور يحمل أبعادا سياسية انتقالية دون الاعتراف بالهيئة كدولة ذات سيادة، مشددًا على أهمية أن تكون أي قرارات مستقبلية نابعة عن إجماع وطني.
تعقيدات الفصائل المسلحة
من جانبه، يرى الخبير في الجماعات المتشددة بمركز "تريندز"، علي بكر، أن التركيبة الهيكلية للفصائل المسلحة في سوريا تشهد تباينات عميقة، حيث تضم هيئة تحرير الشام 5 فصائل ذات اختلافات فكرية وتنظيمية.
وأضاف: "التحديات الحقيقية ستظهر عندما تبدأ هذه الفصائل بمناقشة قضايا الدولة الحديثة، مثل الديمقراطية ودور المرأة، وهي اختبارات لم تُخضع لها حتى الآن."
وأشار بكر إلى صعوبة تحقيق الدمج بين الفصائل المسلحة في إطار موحد كالجيش الوطني السوري، بسبب تباين الرؤى والتصورات.
التحديات أمام الجولاني
من جهته، أوضح الكاتب والباحث السياسي، الدكتور حسام شعيب، أن الجولاني يحاول تقديم سوريا كنموذج جديد بعيدًا عن إرث النظام السابق، معتمدًا على خطاب سياسي يوازن بين الطابع الثوري ومتطلبات المرحلة الانتقالية.
وأكد شعيب أن الثورة انتهت بسقوط الأسد، وأن المرحلة الحالية تتطلب إعادة بناء وطنية شاملة، تتجاوز الحسابات العسكرية نحو مشروع سياسي واقعي.
رؤية أميركية للمستقبل
من جهة أخرى، وصف مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، زيارة الوفد الأميركي بأنها تحمل رمزية عالية في الرغبة بالمشاركة في تشكيل مستقبل سوريا.
وأضاف شينكر أن هناك تفاؤلًا بتوجهات القيادة الجديدة في سوريا نحو العلمانية، مشيرًا إلى أن التعاون مع تركيا قد يكون محوريًا في هذا السياق.
وتظل التساؤلات قائمة حول مدى قدرة هذه الجهود على تحقيق انفراجة حقيقية، خصوصًا في ظل ضغوط القرار 2254، الذي يتطلب توافقًا دوليًا ومحليًا على مسار سياسي يضمن سلامة البلاد واستقرارها.
ويرى الخبراء أن نجاح الجولاني في إقناع الغرب بقدرته على قيادة التحول الديمقراطي في سوريا يعتمد على قدرته في التعامل مع تحديات داخلية وخارجية معقدة، تتراوح بين توحيد الفصائل المسلحة وتقديم تنازلات ملموسة نحو بناء دولة مدنية حديثة.
ويعكس اللقاء بين الوفد الأميركي والجولاني بداية مرحلة جديدة من الانفتاح الدولي تجاه سوريا، قد تحمل في طياتها فرصًا وتحديات لبلد مزقته الحرب لأكثر من عقد.