في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
عمّان– بالتأكيد على أهمية التنسيق العربي في دعم وحدة الأراضي السورية وسلامتها وسيادتها، والحفاظ على السلم الأهلي في البلاد، ورفض توغل الاحتلال الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة مع سوريا، اختتمت في الأردن "اجتماعات العقبة العربية الدولية لمناقشة مستقبل سوريا".
وشهدت مدينة العقبة (جنوب) حراكا سياسيا ودبلوماسيا لمسؤولين عرب ودوليين وإقليميين، بدعوة من وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ناقشوا تطورات الأحداث المتسارعة في الأراضي السورية بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في صباح 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، لقطع الطريق أمام أي محاولة لتقسيم الأراضي السورية، وبحث المخاوف الأمنية والسياسية التي تحيط بالمرحلة الانتقالية لدمشق.
وبالتزامن مع إصدار وزراء خارجية الدول الأعضاء في "لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا" بيانهم الختامي بعد انتهاء اجتماعاتهم في مدينة العقبة، دعا مراقبون الدول العربية لسرعة وضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحلال الاستقرار وتحقيق التنمية وعدم انزلاق سوريا للفوضى، فضلًا عن أهمية دعوة المجتمع الدولي إلى دعم المشروع الوطني السوري.
وهو ما يؤكد عليه رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد الشنيكات، بقوله إن "البيان الختامي لاجتماعات العقبة جاء مؤيدا للاشتباك الإيجابي مع الإدارة السورية الجديدة".
وأضاف الشنيكات مستدركا في حديثه للجزيرة نت "هناك معايير واضحة حددتها اجتماعات العقبة، وهي ضرورة الانتقال السلمي للسلطة، وأن تكون الحكومة السورية الجديدة ممثلة لكافة أطياف المجتمع السوري، وداعمة للتعددية السياسية والتنوع الاجتماعي بما يحفظ حقوق الجميع".
وتابع شنيكات قائلا إن الاجتماع شدد على وحدة الأراضي السورية، وسيادة الدولة السورية، ورفض الانقسام والتجزئة التي قد تحدث، وبناء نظام سياسي يستوعب الجميع ويحمي حقوق الجميع، مضيفا "إذا لم يحدث ذلك فقد يكون مدخلا للتدخل الدولي بل والإقليمي، خاصة أن المنطقة العربية هي منطقة رخوة، وكثيرا ما كانت عرضة للتدخلات الدولية والإقليمية".
وقال إن جميع دول العالم تراقب ما يحدث في سوريا بحذر شديد، بالنظر إلى مسار عملية الانتقال السياسي، ومسألة العدالة، وكيف تفكر الحكومة الانتقالية وفصائل المعارضة في علاقتها مع الخارج، بالإضافة إلى مسألة لها علاقة بحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، مشددا على أن هذه العوامل أساسية لضمان استقرار سوريا والإقليم.
وتناولت اجتماعات العقبة عدة محاور رئيسية من أبرزها:
وبشأن ذلك، يؤكد الخبير الإستراتيجي والعسكري اللواء المتقاعد محمود ارديسات، أن اجتماعات العقبة جاءت في وقتها المناسب، لجهة التحذير من الخطر الإسرائيلي الذي يسعى لاستغلال حالة الانتقال السياسي في سوريا باحتلال المزيد من الأراضي، وقال ارديسات للجزيرة نت إن "من مصلحة إسرائيل الإستراتيجية تدمير كل ما هو جيد في سوريا، حتى لا تقوم لها قائمة".
وحول مستقبل سوريا بالنظر للتطورات المتلاحقة هناك، قال ارديسات إن "سوريا تجمع المتناقضات الدولية والإقليمية، فلا أحد يعرف الاتجاه الذي تسير به الأمور فيها".
وأضاف أن "اجتماعات العقبة مهمة للتأكيد على أن ثمة موقفا عربيا إزاء ما يحدث في سوريا. والبيان الختامي للمؤتمر يؤكد أن هناك سعيا عربيا من جميع الأطراف للتأكيد على وحدة الأراضي السورية، وضمان أمنها واستقرارها، والخروج مما هي فيه بأقل الأضرار الممكنة، وبالتالي دمشق بحاجة إلى جهود الجميع".
وشدد الخبير الإستراتيجي على أن اجتماعات العقبة، وما صدر عنها -خاصة بعد سقوط نظام الأسد- واجتياح سوريا من قبل الاحتلال الإسرائيلي يأتي بهدف أن يكون هناك موقف عربي موحد، "لأن الأطماع الإسرائيلية في منطقتنا العربية لن تقتصر على سوريا، وبالتالي مطلوب من العرب المساهمة الفاعلة لإنقاذها" حسب قوله.
وختم ارديسات حديثه بالإشارة إلى أن "الخطوط العامة التي رسمت سوريا الحديثة ليست من دول عربية وإنما من قوى أجنبية، كتركيا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي يجب أن يكون هناك موقف عربي يحدد ما يخدم المصلحة السورية".
مشددا على القول" نحن بحاجة لموقف عربي يساهم في التأكيد على وحدة الأراضي السورية، لتجنب أي محاولة للتقسيم، أو أي مسعى يدخلنا في متاهات حرب أهلية"، لافتا إلى أن ما يحصل في سوريا ستكون له تأثيرات مباشرة على دول الجوار، وفي مقدمتها الأردن.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد أن اجتماع لجنة الاتصال الوزارية العربية في العقبة جاء "لمنع انزلاق الدولة السورية إلى الفوضى وعدم الاستقرار، ورسم معالم العلاقة مع الحكومة السورية الجديدة".
وأشار عياد في حديثه للجزيرة نت إلى أن البيان الختامي لاجتماعات العقبة كرر أكثر من مرة الإشارة إلى وحدة الأراضي السورية في أكثر من موضع، وبأكثر من طريقة، وهذا أمر في غاية الأهمية، وأضاف "بالقراءة الأولى أستطيع القول إن المؤشرات العامة تشير إلى تقارب عربي مع سوريا، بهدف ضمان إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية وحفظ وحدتها".
وأكد البيان الختامي لاجتماعات العقبة التي شاركت فيها كل من الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، والإمارات، والبحرين، وقطر، وبحضور أمين عام جامعة الدول العربية، على الوقوف إلى جانب الشعب السوري، وتقديم الدعم والعون له في هذه المرحلة، بالإضافة لضرورة أن تكون عملية الانتقال إلى السلطة الجديدة والدستور الجديد تحت رعاية أممية، ووفق قرار مجلس الأمن 2254.
وشدد البيان على ضرورة "الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية"، إضافة إلى "احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين".
وأدان البيان توغل الاحتلال الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، واعتبره "احتلالا غاشما، وخرقا للقانون الدولي، ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في العام 1974".
كما طالب البيان بانسحاب القوات الإسرائيلية، وإدانة غاراتها على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، والتأكيد على أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالبا مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.