في أول اجتماع لرئيس الحكومة الانتقالية السورية محمد البشير، ظهر خلفه علمان: أحدهما "علم الثورة" باللون الأسود والأبيض والأخضر تتوسطه ثلاث نجوم حمراء. أما العلم الآخر فأبيض وكتبت عليه الشهادة باللون الأسود، يشبه إلى حد كبير العلم الذي أعادت حركة طالبان تبنيه في أفغانستان بعد استعادة سيطرتها على البلد عام 2021.
منذ أن أسقطت هيئة تحرير الشام نظام بشار الأسد في سوريا في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، ترسل الهيئة المعروفة بتوجهها الإسلامي رسائل طمأنة إلى مختلف مكونات الشعب السوري واعدة بدولة موحدة تتسع للجميع وتضمن حقوق الأقليات والطوائف المختلفة.
لكن ظهور العلم الأبيض المقترن بحكومة طالبان، خلف رئيس الحكومة أثار قلقا وجدلا لدى كثيرين حول الدلالات التي يحملها بشأن مستقبل الحكم والنظام في سوريا.
مراسل بي بي سي الخاص فراس كيلاني رصد خلال وجوده في العاصمة السورية دمشق حالة من "الصدمة لدى كثيرين" بسبب ظهور هذا العلم.
"قد يكون ذلك مؤشراً على أن الحكومة السورية القادمة قد تتخذ من حكومة طالبان في أفغانستان نموذجاً، ويكون حكمها مبنياً على الشريعة الإسلامية"، يقول فراس كيلاني.
لجأ سوريون كثر إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن "خيبة أمل" و"خوف" ما قد يعنيه ظهور هذا العلم.
اعتبر الصحافي والناشط السياسي رامي جراح ظهور علم إسلامي خلف البشير وهو يخاطب السوريين "إهانة".
وكتب جراح في تغريدة على "إكس" : "من المفترض أن يمثل هذا الرجل السوريين من مختلف الديانات، هذه إهانة فادحة لنا جميعاً".
تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع Twitter. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع Twitter وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر "موافقة وإكمال"
Accept and continueنهاية Twitter مشاركة, 1
المحتوى غير متاح
Twitter اطلع على المزيد فيبي بي سي ليست مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية.عبر البعض عن رفضهم رفع "أي علم غير علم الثورة" في مؤسسات الدولة.
وكتب الصحافي نضال العماري في هذا الإطار على حسابه على "إكس": "لقد تخلصنا من نظام البعث ولا نريد الدخول في حلقة جديدة من الاضطرابات".
تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع Twitter. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع Twitter وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر "موافقة وإكمال"
Accept and continueنهاية Twitter مشاركة, 2
المحتوى غير متاح
Twitter اطلع على المزيد فيبي بي سي ليست مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية.لكن بعض السوريين لم يروا "ضرراً" في رفع "علم التوحيد" في سوريا معبرين عن اعتقادهم بأن تبني العلم لا يعني بالضرورة أن الحكومة السورية الجديدة ستتبع نموذج طالبان.
ورأى البعض أنه يمكن اعتبار هذا العلم "علم حزب الهيئة" ولا بأس في ذلك "إذا كانوا سيسمحون بتمثيل الأحزاب الأخرى".
تعتنق حركة طالبان في أفغانستان فكراً سُنياً متطرفاً "جهادياً".
وتتبنى الجماعة العلم الأبيض منذ أن سيطرت على الحكم في أفغانستان عام 1996. وأعادت رفعه في البلاد مجدداً عام 2021.
ولطالما تبنت هيئة تحرير الشام العلم نفسه. وكان قد رُفع فوق مؤسسات مدنية في إدلب في السابق.
التشابه بين العلم الذي ترفعه طالبان وذلك الذي تتبناه هيئة تحرير الشام واضح، لكنّ مسؤولاً رفيعاً في حركة طالبان قال لبي بي سي إن "الجماعتين لم تنسخا العلم من بعضهما".
أقامت حكومة طالبان احتفالات في أفغانستان فرحاً بمكاسب هيئة تحرير الشام سياسياً وعسكرياً، وعبرت عن أملها في أن يكون انتصار الهيئة بداية "لحكومة إسلامية" في سوريا.
ووزع أنصار طالبان وحلفاؤهم الحلوى في شوارع مقاطعات أفغانية احتفالا بانتصار هيئة تحرير الشام وسقوط بشار الأسد.
وكتب مسؤول رفيع في مكتب الرئاسة في طالبان على "إكس" : "قصة كابل هي قصة دمشق، سقط الاثنان يوم أحد واستغرقت السيطرة على كل منهما 11 يوماً وهرب زعيماهما من البلاد".
وظهر العلم نفسه أيضا بجانب "علم الثورة" في خلفية لقاء إعلامي خص به زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع (الذي كان يعرف باسم أبو محمد الجولاني) قناة سي إن إن الأمريكية الأسبوع الماضي. في اللقاء دعا الشرع السوريين إلى عدم الخوف من نظام الحكم الإسلامي وحاول طمأنتهم بأن كل الطوائف في سوريا ستكون ممثَلة.
ويقول أيمن التميمي، الخبير في الجماعات الإسلامية في سوريا، لبي بي سي إن اختيار الهيئة للعلم الأبيض يتماشى مع الصورة التي تسعى دائماً لتقديمها عن نفسها كممثل للمسلمين السُنّة في سوريا.
ويرى التميمي أن ظهور العلم في أول اجتماع للحكومة يظهر تمسك الهيئة "بتقديم نفسها كممثل لمشروع حوكمة إسلامية".
لكن يعتقد التميمي أنه "قد يكون من الصعب جداً على الهيئة أن تفرض نفس نظام حكم طالبان في سوريا لأن المجتمع السوري في عمومه لن يقبل بقيود كالتي تفرضها طالبان على الحريات، مثل حرمان النساء من التعليم وإقامة حكومة شمولية تمنع إقامة انتخابات عامة".