نبدأ جولة عرض الصحف بأبرز المقالات التي نشرتها الصحف العالمية والعربية والإسرائيلية، والتي ما تزال تسلط الضوء على سقوط حكم بشار الأسد، وتبعات ذلك على المنطقة والإقليم.
ونبدأ بصحيفة التلغراف البريطانية، ونقرأ مقالاً بقلم تشارلز مور، بعنوان "سقوط الأسد يكشف الضعف الحقيقي لروسيا".
أشار الكاتب إلى أن سقوط حكم الأسد في سوريا هو نتيجة للضربات المباشرة التي وجهتها أوكرانيا وإسرائيل ضد روسيا و"حلفائها مثل إيران وحزب الله"، بدعم "مستمر" من الولايات المتحدة. ورغم أن الدعم الأمريكي كان حاسماً، إلا أنه كان محاطاً بالتردد والشكوك.
الكاتب يوضح أن الضغوط على إيران وروسيا أدت إلى "تفكك" تحالفاتهما في المنطقة، فيرى الكاتب أن القوة الإيرانية قد تراجعت في سوريا وبدأت روسيا تضعف في المنطقة.
ووضح مور، أن الدرس المستفاد يكمن بـ"هزيمة القوة الإيرانية"، التي بدأت باغتيال الولايات المتحدة القائد السابق لفيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، عام 2020 إبان إدارة دونالد ترامب الأولى، واستمرارها للتدمير "المحترف" الذي نفذته إسرائيل لقيادة حزب الله، على حد تعبيره.
ويؤكد أنه "تم كسر الروابط الجسدية والسياسية لإيران مع سوريا، ومعها قدرتها على السيطرة على لبنان وتنظيم الهجمات على إسرائيل".
ويشير الكاتب إلى أن روسيا "استغلت تردد الغرب في مواجهة فظائع الأسد لسحق المعارضين السوريين باستخدام قوة وحشية ساحقة".
ويرى الكاتب، أنه من الممكن أن يرى الحكّام الجدد في سوريا، فائدة في السماح لروسيا بالحفاظ على قاعدتها البحرية في طرطوس، والسيطرة على الأجواء السورية، إلا أن التحالفات "المعقدة للمعارضة السورية" لا تزال غير واضحة. بحسب المقال.
يشير الكاتب إلى أن خسائر روسيا في حرب أوكرانيا "ضخمة"، بينما إنجازاتها "ضئيلة"، موضحاً أنها تتحول تدريجياً إلى "قوة عظمى قد تتمكن من القتال على جبهة واحدة فقط في كل مرة".
في إطار تحليله، يرى الكاتب أنه عندما غزت روسيا أوكرانيا قبل نحو ثلاثة أعوام، كان بوريس جونسون أسرع القادة الغربيين في تقديم الدعم. ويؤكد أنه يجب على رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أن يكون أول من يستغل الفرصة التي تتيحها "إهانة روسيا في سوريا". ويطرح تساؤلاً: لماذا نفترض أن قدرة بوتين على التحمل لا تنتهي؟، بحسب المقال.
ونقرأ في اقتتاحية صحيفة هآرتس الإسرائيلية، والتي جاءت بعنوان "انتصار نتنياهو على الحدود السورية: هل هو خطأ تاريخي سيكلف إسرائيل ثمناً باهظاً؟".
تبدأ الافتتاحية بالحديث عن التبريرات التي قدمها الجيش الإسرائيلي لدخوله منطقة "منزوعة السلاح"، وسيطرته على الجانب السوري من جبل الشيخ، بأن كل ذلك مرتبط "بالجانب الأمني".
تشير الافتتاحية، إلى أن التحركات الإسرائيلية على الجانب السوري من مرتفعات الجولان، التي بررها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقول إن "الجنود السوريين قد تركوا مواقعهم"، تؤكد أن هذا التغيير في الأراضي المعترف بها كأراضٍ سورية سيخلق "ذريعة جديدة للاشتباك".
كما شددت هآرتس على أن السيطرة على الأراضي لا تساهم في تحسين الأمان، وفقًا لما جاء في الافتتاحية.
تؤكد هآرتس في افتتاحيتها أن نتنياهو يسعى لتقديم "صورة نصر" لنفسه على الحدود السورية.
وتشير الصحيفة إلى تصريحاته التي وصف فيها يوم سقوط حكم الأسد بأنه "يوم تاريخي في تاريخ الشرق الأوسط"، موضحاً أن "سقوط نظام الأسد يعني سقوط حلقة رئيسية في محور الشر الإيراني".
وترى هآرتس أن نتنياهو "معتاد على نسب هذا الإنجاز لنفسه"، مقتبسةً تصريحاً آخر له قال فيه: "سقوط نظام الأسد يفتح فرصاً جديدة وهامة لإسرائيل".
تحذر هآرتس من أن ما وصف به نتنياهو يوم سقوط حكم بشار الأسد بأنه "تاريخي" ويخلق "فرصاً جديدة" لإسرائيل، يعد "مزيجاً خطيراً وقابلاً للانفجار".
وتوضح أن اليمين المتطرف في الحكومة، ووسائل الإعلام بدأوا في الدعوة لاحتلال جبل الشيخ السوري حتى قبل تحرك الجيش، معتبرين أن هذا اليوم "التاريخي يفتح أمام إسرائيل فرصاً للانطلاق في حملة احتلال جديدة".
تختتم هآرتس بالقول إن "إدارة المخاطر الأمنية قد تتحول في ظل حكومة غير مسؤولة ورئيس وزراء متهور إلى خطأ تاريخي سيكلفنا ثمناً باهظاً".
وتشير إلى أن تاريخ السابع من أكتوبر، كان بمثابة درس تعلمت منه إسرائيل "ثمن اللامبالاة والغرور". على حد تعبيرها. لافتة إلى أنه من الضروري "ألا تستغل الفرص الجديدة"، بل أن تدافع عن نفسها ضد "التهديدات الجديدة".
وننتقل إلى صحيفة القدس العربي، ونقرأ مقالاً للكاتب توفيق رباحي بعنوان "اتعظوا من طاغية دمشق!"
يقول الكاتب إن أصدقاءه السوريين "عانوا من ويلات نظام سلالة الأسد" بطرق مختلفة، لكنهم يشتركون في رغبتهم برؤية سقوط الأسد، على حد تعبيره.
وبالرغم من ذلك، يرى الكاتب أن قلة من السوريين يعتقدون أنهم سيرون هذا السقوط في حياتهم. نظراً للـ"يأس" الذي يسيطر على معظمهم، لافتاً إلى أن مجرد الحديث عن سقوط حكم الأسد "كان يثير السخرية لدى الآخرين".
"سقط نظام الأسد، مخالفاً كل التوقعات والتحليلات السياسية"، يشير رباحي إلى أن الأسد "سقط بعد 13 عاماً من التوقعات بفشل هذا السقوط، عندما كان الجميع يعتقدون أن النظام قد تجاوز مرحلة الخطر".
وفي مقاله يؤكد رباحي أن ما وصفهم بالـ "الطغاة" لهم درس "مجاني وثمين وعبرة بليغة"، على حد وصفه. ويدعو الحكّام العرب بأن "يحوّلوا الخوف الذي ينتاب بعضهم اليوم إلى ناقوس إيجابي".
ويكرر الكاتب تحذيره بالقول إنه سيكون "من الغباء السياسي بعد الآن أن يقول أحدهم، ليس أنا".
كما يرى رباحي أن حلفاء الأسد كانوا قد "تباهوا" بأن الأسد نجح في أن يكون "الاستثناء لقاعدة السقوط بحنكته وذكائه"، إلا أنه يؤكد أن الأمر "مجرد تأجيل لسقوط محتوم".
ويشير الكاتب إلى أنه من الخطأ التمسك بالاعتقاد أن الأسد كان "ضحية" عوامل خارجية اجتمعت ضده، معتقداً أن سبب سقوط حكم الأسد كان بسبب "إفراطه في الاستبداد وقمع شعبه".
ويستمر الكاتب في إطاره التحليلي، حول أسباب سقوط حكم الأسد، ويشير إلى أن "فشله الاقتصادي وعجزه عن فعل أيّ شيء لاقتصاد سوريا عدا توفير مسببات النهب والفساد وثراء العائلة والأقارب" ساهمت في سقوط حكمه.
ومن وجهة نظر الكاتب، الذي يرى أن أسلوب حكم "القمع" الذي اتبعه "الحكّام العرب، باستثناء دول الخليج"، ساهم بجعل "بلدانهم في أوضاع اقتصادية لا تقل سوءاً عن وضع سوريا".
ويختتم الكاتب مقاله بالقول بأن "الظروف الاقتصادية والمعيشية للناس هي الصاعق الذي سيشعل ثورة تفعل بهم ما فعل زحف السوريين بالأسد".. معرباً عن أمله بأن تكون "نهاية طاغية دمشق فرصة لأقرانه العرب ليتذكروا بأنهم يشبهونه، وبأن لا شيء يمنع من أنهم قد يلقون مصيره" - بحسب المقال.