في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يعاني الكثيرون من آلام الظهر، وتقدر دراسات أن نحو 23% من البالغين عالميا يعانون منها، ويعني هذا أن نحو 900 مليون إنسان على الكوكب يعانون من آلام الظهر، فما أبرز أسباب هذه الحالة؟ وما هي العلاجات المتاحة؟ ومتى يتم اللجوء إلى الجراحة للتعامل معها؟
هذه الاسئلة وغيرها أجاب عنها الدكتور عماد أبو ريان، استشاري أول جراحة العظام والمفاصل، وخريج جامعة وليام منستير في ألمانيا، في عيادة الجزيرة.
إذا ما أتينا لإحصائية بسيطة وهي عدد المرضى الذين نستقبلهم يوميا فمن المسلمات المتعارف عليها ان واحد من بين كل 3 مرضى يزورون عيادة طب العظام أو عيادة الأسرة هو مريض يعاني من آلام الظهر، هي الآن من الأمراض العصرية الشائعة وخاصة أسفل الظهر وهذا الأمر مرتبط بكيفية الحياة، بكيفية النشاط البدني، بكيفية العمل، كيفية عملنا.
قضية الجلوس مثلا هي من أكثر القضايا المؤثرة سلبا على أسفل الظهر كيفية الوقوف والمشي، وهذا أيضا ما نجده عند كثير من المرضى أنه يخبرك بأنه إذا تحركت بدأ يخف ألمي، وهذا من أرض الواقع وهذا ما نسمعه من أفواه المرضى مرارا وتكرارا.
قضية السمنة مثلا في وقتنا الراهن تعتبر من الأمراض التي يمكن أن تجدها شائعة جدا وهذا أيضا من الأمور التي تسبب هذا الألم في أسفل الظهر. قضية الاختلال ما بين قوة عضلات البطن وقوة عضلات الظهر وهذا ما يؤثر سلبا على العمود الفقري.
في ما يتعلق بجهازنا العظمي والعضلي هناك تناسق ما بين العضلات في أدوارها، فتشريحيا العمود الفقري هو موجود في منطقة محاطة بعضلات البطن وعضلات الظهر، وعملية شد عضلات البطن تساعد على المحافظة على استقامة العمود الفقري، وبناء عليه عند حدوث ازدياد الوزن تضعف العضلات الموجودة في البطن مما يسبب شيوع انحناء العمود الفقري أو تقعره ويصبح العمود الفقري محدبا للداخل وهذا يزيد الضغط على الفقرات.
من الأمور الثابتة في العلاج الطبيعي، وفي العلاج الفيزيائي في الطب الرياضي أن قوة عضلات البطن هي في صالح حماية العمود الفقري من أن يتعرض لتنكس ضغط زائد أو ميلان أو انحراف.
بتصوري الخاص لابد من الاتزان في الغذاء، لابد من التنوع المتوازن بالدرجة الأولى، والمحافظة على نشاط بدني وبذلك يمكن المحافظة على عضلات بطن قوية تستطيع أن تسند الظهر. كما أن النشاط البدني يجب أن يراعي الحالة الصحية للمريض، ما يقوم به مثلا الشباب في العشرينيات ليس مثل ما يقوم به المرضى في الأربعينيات.
إحدى الحالات الموجودة عندي والتي أتابعها لديه انزلاق غضروفي، المريض لا يعاني من آلام شديدة لكن بناء على التشخيص وعلى التصوير تبين أن هناك انزلاقا واضحا، إذا لجأ المريض للعلاج الفيزيائي يمكن أن تسوء حالته، لذلك ننصح المريض في هذه الحالة بتقوية عضلات نواة الجسم (core muscles). ولا نبدأ بإعادة المرونة للعمود الفقري وتحسين مستوى الحركة في العمود الفقري. نحاول أن نبدأ من هذه النقطة. وهي أمر مركزي في علاج المرضى إما قبل العمل الجراحي أو بعد العمل الجراحي أو أثناء العلاج التحفظي.
أتوقع أن استخدام أي زيت والقيام بحركات التدليك سيكون له نفس التأثير.
الإبر الصينية هي فعالة ومجربة وأصبحت الآن من المواضيع التي تدرس في الجامعات، وأيضا فيها شهادات طبية من نقابات طبية.
ما هو متعارف عليه وما أثبت نجاحه في هذا الموضوع هو العلاجات غير الجراحية، أي العلاج التحفظي، ويشمل الأدوية، ونقصد هنا بالأدوية مضادات الالتهاب بالدرجة الأولى، ولا نقصد بذلك الذهاب فورا إلى مسكنات الألم، مسكن الألم يتم استخدامه في نوبات الألم الحاد، وهذا ما يستدعي في الأغلب دخول المريض أو خضوع المريض لمراقبة سريرية وأن يكون موجودا في المستشفى. أما في حالة وجوده في العيادة للمريض بالعادة نلجأ لمضادات الالتهاب، والالتهاب هو سلسلة تفاعلات تكون موجودة في العضلات في الأعصاب في الهيكل العظمي تسبب هذا الالتهاب، وتسبب الوذمة (تجمع السوائل). ومن خلال مضادات الالتهاب ينحسر تجمع السوائل وبناء عليه يخف الألم تبعا لتأثير مضاد الالتهاب. وهذا يختلف عن وقف الإشارة العصبية أو الإشارة الحسية الألمية من مكان الألم إلى المركز والجهاز العصبي الموجود في جسم الإنسان، هذا ما يحدث في حالة المسكنات.
إذن هذه الخطوة الأولى. من بعد تحسين وضعية الألم وتحسين وضعية الالتهاب يكون المريض جاهزا لخوض رحلة العلاج الطبيعي. ودائما ننصح أن نتخلص من جزء من ألمنا قبل البدء بالعلاج الطبيعي. والسبب في ذلك الحفاظ على المريض من أي ردة فعل عكسية. على سبيل المثال إذا كان هناك تشنج عضلي حاد. يفضل أن نعطيه مرخيا عضليا للمريض. وسبب ذلك إن بدأ المريض في العلاج الطبيعي وما زال يعاني من توتر حاد وتشنج حاد في العضلات. سوف تكون ردة الفعل عكسية. وردة فعل المريض تبعا لذلك سوف تكون أيضا عكسية. بمعنى سوف يحاول تجنب العلاج الطبيعي وهو يحتاج له. لابد من تحضير المريض لخوض هذه الرحلة. ولذلك دائما نحاول أن نخلق جوا توعويا للمريض في العيادة. بمعنى ما هي الخطوة الأولى والثانية والثالثة. وما سبب ترتيب هذه الخطوات؟ وما هو المنتظر من هذه الخطوات؟
الخطوة الثالثة إذا لم يتحسن المريض هي حقن الكورتيزون. هذه خطوة ثالثة. ولكنها ليست بنفس شيوع. الخطوة الأولى والثانية.
وفي الحقن لا بد من وجود مادة مخدرة وذلك لكي نضمن أن يكون الإجراء دون آلام حادة، يكفي من المريض ما يعانيه من آلام ظهره. ولا نريد أن تزداد عليه آلامه. فلابد من تخدير المكان، و يتم حقن مادة الكورتيزون، ويفضل أن تكون مادة الكورتيزون. ذات وزن ثقيل، يعني أن تكون عبارة عن جزيئات بحيث لا تستطيع الوصول من مكان الحقن إلى الدورة الدموية في جسم المريض، وأن تبقى هي في الأنسجة، في الأغلب تكون عبارة عن بلورات كريستالية يتم حقنها في هذا المكان وتذوب مع الوقت، لذلك لا يكون مفعولها مفعولا فوريا، إنما المفعول في أول 72 ساعة يكون هو مفعول المخدر. ومن بعد ذلك (من بعد اليوم الثالث) تبدأ هذه الجزيئات الكريستال بالذوبان في مكانها.
بالاعتماد على الدراسات الموجودة أقل وقت نستطيع أن ننتظره من الإبرة هو 6 أشهر، وهناك بعض الحالات يستمر التحسن لسنوات، وبعض الحالات يمكن أن تأخذ الحقنة مرة واحدة والآن تمر عليها السنة السادسة والسابعة والثامنة الحمد لله من غير أي ألم.
إذا لم نستطع الحصول على 6 أشهر وهي الحد الأدنى. سيرجع المريض قبل 6 أشهر. وبذلك نكون نحن استفدنا من الشطر الآخر من هذه الإبرة. فالإبرة هي فحص وعلاج في نفس الوقت، بمعنى إذا كان التحسن أقل من 3 أشهر- 6 أشهر. وكان لأسابيع أو لأيام فهذا يثبت لنا أنه الحالة تستوجب تدخلا وعلاجا أكثر وفي هذه الحالة قد يكون العلاج الجراحي.
ولذلك في بعض الحالات التي تكون غير واضحة نحاول أن نجنب المريض الجراحة، حيث نخضعه للإبرة ويتم توعيته أنه لا بد من إجراء الإبرة بهدف العلاج أولا وأيضا بغرض الفحص. هي تكون اختبارا، فإذا الأمور هدأت والمريض تحسن، واستمررنا على فترة زمنية طويلة في التحسن هنا نتأكد أنه فعلا استطعنا أن نجنب المريض الإجراء الجراحي. لكن إذا أتى المريض بعد 3 أيام وكانت تجربته أنه خلال أول 24 أو 48 ساعة كان في تحسن هائل ورائع. ولكن بعد ذلك للأسف الأمور عادت إلى ما هي عليه. فهذا من الأدلة أنه لا بد من اللجوء إلى عمل علاجي وإجراء علاج أكثر من الإبرة.
طبعا في هذا الصدد لا بد من ذكرشيء ما، هناك بعض الحالات التي تصلنا تكون قد تفاقمت. بمعنى عند حضور المريض ويكون عنده عارض عصبي، بمعنى تأخر عضلي لا سمح الله، ضعف عضلي، شلل، تأخر حسي (ما يعرف بالخدر)، في هذه الحالة يكون الإجراء الجراحي حاجة وليس عبارة عن مقاربة، بمعنى أنه لن يكون عندي مجال أن أعرض على المريض بديلا عن الجراحة لأن الحالة لا تحتمل التأخير، والمقصود بضعف العضلة أن المريض يستطيع مثلا أن يمشي لكن إذا تعرض للدرج لابد من أنه يستند على الدرج، ولا يستطيع كالمعتاد أنه ينزل الدرج بسلاسة. أما قضية الشلل فلا يستطيع المريض الوقوف على قدمه ولا يستطيع تحريكها، هنا يوجد فترة زمنية محدودة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
في خضم هذا الحديث لابد من التأكد من أن المريض ما زال يتمتع ببعض الوظائف الحيوية التي قد لا نربطها بشكل مباشر مع آلام الظهر، مثلا التحكم بالبول والبراز، وبعض المرضى يتم سؤاله فورا هل تتفاجأ بخروج البول دون أي تحكم؟ ما يعرف بسلس البول، في هذه الحالة أنه لابد من القيام بالإجراء بأقصى سرعة. عضلات المثانة وعضلات الشرج تفقد قوتها وتفقد التحكم في الإخراج، لذلك في هذه الحالات وللمحافظة على نوعية الحياة لابد من إطلاع المريض على الحاجة القصوى للإجراء الجراحي.
نعم، هذا الشيء موجود، هناك بعض الالتهابات التي قد تصيب المعدة، الجهاز الهضمي، الجهاز البولي وقد تصيب أيضا الجهاز التنفسي يمكن أن تحدث آلاما في المفاصل، مثلا من المعروف أنه إذا تعرض الطفل للزكام يمكن أن يتعرض لآلام في الوركين، علما أنه لم تحدث أي إصابة للوركين، وحتى في حالة فحص الوركين لا نجد أي علامة التهاب حقيقي مباشر لهما لكن المعروف أنه إذا تعرض المريض لنوبة زكام أو نوبة حمى بالعادة ما يرافقه ألم في العضلات، وهذا يختلف قليلا عن ألم الدسك أو ألم الفقرات القطنية أو الفقرات العنقية عند المريض فيكون في أغلبه عبارة عن ألم عضلات وألم مفاصل أكثر من أي شيء آخر.
في بعض الأحيان تكون آلام الظهر هي العلامة الأخيرة للسرطان، وذلك من بعد انتشار السرطان مثلا من مصدره إلى العظم. وهناك الكثير من أنواع السرطانات التي تكون نهايتها إحداث إصابات سرطانية في العظم، وبالأخص العمود الفقري.
بالعادة يتم سؤال المرضى، هل هناك وجود أي مرض سرطاني؟ يتم أيضا سؤال المرضى عن الأسئلة الثلاثة المشهورة الذي يتعرض إليها أي مريض يشتبه في وجود هذا المرض الخبيث قضية نقص الوزن الحاد دون رغبة دون أي حمية، التعب البدني، والخمول المستمر، هذه عبارة عن أمور متلازمة وتأتي مع بعضها.