تصف مجلة "إيكونوميست" في تقرير حديث حالة من "سوء التقدير البنيوي" في الطريقة التي تنظر بها الصين إلى أوروبا، إذ لا تزال بكين ترى القارة بوصفها "قوة من الماضي"، في حين ترى أوروبا في الصين "منافسا إستراتيجيا" يتطلب مقاربة أكثر حزما.
وتشير المجلة إلى أن الصينيين يعيدون الترويج للانتقادات الذاتية الأوروبية، لكن "بصوت أعلى وبنبرة أشدّ قسوة".
فبينما ينشغل الأوروبيون بمناقشة كيفية تجنب الوقوع بين أميركا والصين، يعتقد كثير من الأكاديميين في الصين أن النقاش ذاته غير ضروري، لأن أوروبا -وفق رأي نُقل في التقرير- ليست أكثر من "تابع أميركي".
وفي مثال ورد في "إيكونوميست"، كتب باحث من جامعة فودان أن "أوروبا عاجزة عن التحرر الحقيقي من أميركا لتصبح مستقلة"، وفي مقالة في صحيفة "إيكونوميك ديلي" الصينية جاء أن "أوروبا تفتقر ببساطة إلى القوة اللازمة لمواجهة التحديات".
ويذهب بعض المعلقين الصينيين إلى أبعد من ذلك، إذ تساءل الأكاديمي القومي تشانغ وي وي على التلفزيون في سبتمبر/أيلول الماضي: "ما إذا كان الاتحاد الأوروبي يمكن أن يبقى قائماً حتى 2035 "، أما في اللقاءات المغلقة، كما نقلت "إيكونوميست"، فتظهر الآراء "أشدّ سخرية" حدّ تشبيه أوروبا بشريك قديم لا يتقبل تراجع مكانته لدى واشنطن.
وترى المجلة أن هذا التحليل يحتوي على جزء من الحقيقة، لكنه يبقى "كاريكاتوريا"، حيث إن أول ثغرة في الرؤية الصينية تكمن في الاعتقاد بأن أوروبا تتبع أميركا في كل شيء.
وتنقل "إيكونوميست" أن بكين تقلل من أهمية المخاوف الأوروبية من النموذج الاقتصادي الصيني، في حين انتقل الميزان التجاري بين ألمانيا والصين من شبه توازن إلى "عجز ضخم في طريقه إلى تجاوز 100 مليار دولار هذا العام".
وترى الشركات الأوروبية الكبرى في السوق الصينية "أشرس منافس لها" بدلاً من كونها فرصة، وهنا تشير "إيكونوميست" إلى أن قيود الصين على تصدير المعادن النادرة أحدثت الأثر نفسه على أوروبا كما على أميركا.
وتسجل "إيكونوميست" أن أوروبا ألغت في يونيو/حزيران الماضي حوارا اقتصادياً مع الصين، وفي أكتوبر/تشرين الأول، أجّل وزير الخارجية الألماني يوهان فاديبول زيارته إلى بكين.
وتذكر المجلة أن الخارجية الصينية بدأت ترفض طلبات عقد اجتماعات رسمية في خطوة تُعدّ "غير مألوفة دبلوماسيا".
وتنقل المجلة عن دبلوماسي أوروبي في بكين "إن الصين تشعر بالملل من محاضرات أوروبا، وتعتبر أنها تستطيع تجاهلها".
ومن منظور بكين، لا ترى الحكومة الصينية سبباً للقلق من تدهور علاقاتها مع أوروبا، بل تعتبر أنها تفوقت فعلا على ترامب في الحرب التجارية، في حين ترى "التعامل مع أوروبا أسهل".
وبحسب المجلة تواصل بكين تفكيك تماسك الاتحاد الأوروبي بتعزيز العلاقات مع دول "أكثر تقبلاً" مثل المجر وإسبانيا.
وترى "إيكونوميست" أن بكين قد تكون في طريقها إلى "سوء تقدير خطِر"، فطالما استمرت الحرب في أوكرانيا وبقيت الصين داعمة لـ فلاديمير بوتين فـ "لن يتحسن" المزاج الأوروبي تجاه الصين.
وبينما يتطور الوضع التجاري بسرعة، فإن استمرار تدفق الصادرات الصينية إلى أوروبا "قد يدفع الأوروبيين لاتخاذ إجراءات -ربما تكون عدوانية- لحماية صناعاتهم"، تقول المجلة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة