تفتح مجلة فوربس ملفا ماليا حساسا، مؤكدة أن ملايين الناس حول العالم ما زالوا يؤمنون بخرافات مالية تكررها الأجيال رغم التغيير العميق في الاقتصاد وأسواق المال. وتقول المجلة -في تقريرها التحليلي للكاتب جيم وانغ- إن هذه المعتقدات "تبدو منطقية لأنها تتوارث مع الزمن"، لكنها في الواقع تُعطل بناء الثروة وتُكرس أنماطا مالية خطأ.
ويضيف التقرير أن "كثيرين يستمدون قراراتهم المالية من خبرات الآباء لا من بيانات الواقع"، مشيرا إلى أن ما كان صحيحا في ثمانينيات القرن الماضي لم يعد ينطبق على عالم اليوم الذي تحكمه التكنولوجيا، وأسواق استثمار منخفضة الكلفة، وثقافة مالية أكثر انفتاحا.
وتؤكد فوربس أن قرار الإيجار أو التملك يجب أن لا يُحكم بمعايير عاطفية، فالإيجار يمنح حرية التنقل ويخفف من الأعباء الخفية، مثل الصيانة والإصلاح، بينما يوفّر التملك استقرارا طويل الأجل ومزايا ضريبية.
وتوضح المجلة أن "الإيجار ليس تبديدا، بل إستراتيجية مالية قد تكون الأنسب في مراحل معينة من الحياة".
وتشير فوربس إلى أن بطاقات الائتمان والديون ليست مشكلة بحد ذاتها، بل المشكلة تكمن في طريقة إدارتها. فهي تساعد على بناء سجل ائتماني والحصول على معدلات فائدة أفضل مستقبلا، لكنها تصبح عبئا حين تُستخدم بلا ضبط، وتوضح المجلة أن "الأداة ليست الخطر، بل السلوك".
وتقول المجلة إن ما يُعرف بـ"عامل اللاتيه" مبالغ فيه، فشراء القهوة اليومية لا يُفلس أحدا. المشكلة تكمن في غياب التخطيط المالي العام، وليس في الإنفاق الصغير. وتنقل فوربس عن الخبير راميت سيتي قوله: "اسأل أسئلة الـ30 ألف دولار لا الـ3 دولارات"، في إشارة إلى التركيز على القرارات الجوهرية لا التفصيلية.
وتوضح فوربس أن الاستثمار لم يعد حكرا على أصحاب الثروات، فاليوم يمكن لأي شخص البدء بدولار واحد فقط. وتلفت إلى أن صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة مثل "صندوق فانغارد لإجمالي سوق الأسهم المتداولة" تفرض مصروفات سنوية لا تتجاوز 0.03%، أي ما يعادل 3 دولارات لكل 10 آلاف دولار مستثمرة. وتشدد على أن "كل تأجيل في الاستثمار يعني خسارة تراكمية في المستقبل".
وتؤكد فوربس أن الادعاء بأن المنزل هو أفضل استثمار "مضلل جزئيا"، لأن عائد العقارات تاريخيا تجاوز التضخم ، لكنه ظل أقل من عوائد الأسهم.
وتنقل المجلة عن بيانات جامعة نيويورك للفترة بين 1928 و2024 أن سوق الأسهم "تفوق بوضوح على العقارات" في العائد الحقيقي. كما تشير إلى أن التكاليف الخفية من ضرائب وصيانة وعمولات "تلتهم جانبا من الأرباح المزعومة".
وتختتم فوربس تقريرها بالتنبيه إلى أن العالم المالي لا يعرف القواعد المطلقة، وأن القرارات الرشيدة لا تُبنى على نصائح عامة، بل على فهم السياق الشخصي "في الحياة المالية"، وتقول المجلة إن "الوضوح أهم من الحظ، والتخطيط أهم من التقليد". وتدعو القراء إلى التعامل مع المال بوصفه أداة مرنة للتوازن بين الطموح والأمان، لا مقياسا للنجاح وحده.