آخر الأخبار

تطورات أمنية تقترب من دفع السودان لمغادرة صناعة النفط

شارك

الخرطوم- بعد انحسار الحرب في السودان من العاصمة ووسط البلاد، شرعت الحكومة في اتصالات مع شركاء سابقين في قطاع النفط من أجل تأهيل الحقول المدمرة، وزيادة إنتاج الحقول العاملة، وإنشاء مصفاة جديدة للتكرير.

والهدف من ذلك هو الحد من استيراد المشتقات النفطية واستئناف الصادرات لإنعاش الاقتصاد، ولكن تطورات أمنية جديدة باتت تهدد بتوقف الإنتاج في آخر الحقول الكبيرة، وهو "حقل هجليج"، الأمر الذي قد يدفع البلاد عمليا إلى مغادرة صناعة النفط.

احتياطيات ضخمة وإنتاج متراجع

ويمتلك السودان احتياطيا نفطيا يناهز:


* 6 مليارات برميل.
* استُخرج منها نحو 20% فقط.
* ويضم 12 حوضا رسوبيا متنوعا.
* ويضم أيضا احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي في وسط السودان وشرقه. مصدر الصورة إنتاج النفط السوداني تراجع من 350 ألف برميل يوميا إلى 21 ألفا فقط خلال الحرب (رويترز)

لكن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والآبار والخطوط الناقلة والمصافي بسبب الحرب يشير إلى أن عودة القطاع إلى الإنتاج الكامل قد تحتاج سنوات طويلة وأموالا ضخمة.

وكان إنتاج السودان من النفط قبل انفصال الجنوب في عام 2011 يعتمد بشكل أساسي على الحقول الواقعة في منطقة الجنوب، حيث شكّلت 85% من الإنتاج الكلي.

وبلغ الإنتاج ذروته في 2011 حيث وصل 350 ألف برميل يوميا، قبل أن يفقد السودان ثلاثة أرباع قدراته الإنتاجية بعد الانفصال. ولاحقا انخفض الإنتاج إلى نحو 150 ألف برميل يوميا، ثم تراجع أكثر لعدم تطوير الحقول، وتراجعت معه العائدات ورسوم عبور نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية إلى ميناء بشائر على البحر الأحمر.

وقبل اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023 كان السودان ينتج نحو 60 ألف برميل يوميا، لكنه تدهور إلى أقل من 40 ألف برميل. ومع امتداد نيران الحرب إلى الحقول في غرب البلاد، وصل الإنتاج حاليا إلى 21 ألف برميل يوميا، مع توقعات بانخفاض جديد إذا أُغلق حقل هجليج.

الحرب تنتقل إلى الحقول

ونقلت قوات الدعم السريع الحرب من المواجهات العسكرية في الجبهات إلى حقول النفط في إقليمي دارفور وكردفان، إضافة إلى استهداف منشآت مصفاة التكرير في شمال الخرطوم.

إعلان

وبتوقف مصفاة الخرطوم، التي كانت توفر 32% من جملة الاحتياجات النفطية، أصبح السودان بحاجة إلى حوالي 200 مليون دولار شهريا لتمويل استيراد المشتقات النفطية.

دمار وتخريب شامل

ويوضح تقرير رسمي اطلعت عليه الجزيرة نت أن الأضرار شملت المنشآت النفطية والحقول غربي كردفان وشرقي دارفور، وتخريب محطات الكهرباء ونهب الخام والمشتقات من المستودعات الإستراتيجية التابعة لمصفاة الخرطوم، مما يستلزم أكثر من مليار دولار لإصلاحها.

مصدر الصورة توقف مصفاة الخرطوم للتكرير فرض على البلاد استيراد وقود بقيمة 200 مليون دولار شهريا (رويترز)

ويقدّر التقرير أن إعادة تأهيل القطاع بعد الدمار الذي لحق به خلال الحرب ستكلف 5 مليارات دولار، كما أدى تدني الإنتاج طوال الفترة الماضية إلى فقدان حوالي 7 ملايين برميل نفط خلال عامين من الحرب.

في ولاية غرب كردفان خرجت 10 حقول من الخدمة هي: دفرة، نيم، أم عدارة، موقا، برصاية، سفيان، شارف، أبو جابرة، زرقة، أم حديد. كما طال النهب السيارات والأثاث والكوابل الخاصة بالآبار، وسكن العاملين ومخازن قطع الغيار ومحطات الكهرباء.

وفي إقليم دارفور استهدفت قوات الدعم السريع حقول النفط، ومنها حقل سفيان بولاية شرق دارفور، حيث تم نهب مخازن الشركات ومحطات الكهرباء، وتدمير آليات التشغيل.

الأمل الأخير في هجليج

ويعتمد غالب الإنتاج الحالي للسودان على حقل هجليج، الذي تراجع إنتاجه من 40 ألف برميل يوميا قبل الحرب إلى حوالي 20 ألف برميل حاليا.

لكن الحقل بات مهددا بالتوقف بعد استهدافه الأسبوع الماضي بمسيّرات من قوات الدعم السريع مرتين في غضون أسبوع، مما أدى إلى وفاة 5 عمال وتدمير صالة المطار بالمنطقة.

وقد أبلغت وزارة الطاقة السودانية نظيرتها في جنوب السودان في 31 أغسطس/آب الماضي أنها أصدرت توجيهات للشركات العاملة في هجليج بتفعيل خطة إغلاق طارئة وتنسيق إجلاء الموظفين.

وجاء ذلك بعد تكرار الهجمات بالطائرات المسيّرة التي طالت معسكر العمليات وصالة المطار، وأثارت ذعرا واسعا بين العاملين في محطة التصدير التي تعالج نفط جنوب السودان قبل تصديره عبر السودان.

وحذرت شركتا "بترولاينز" و"بتكو" العاملتان في حقل الوحدة بهجليج من أن تصاعد التهديدات الأمنية خطر على البنية التحتية الحيوية للنفط في السودان وجنوب السودان.

ويضم حقل هجليج:


* 75 بئرا نفطية.
* ينتج 20 ألف برميل من النفط السوداني يوميا.
* ويحوي محطة معالجة مركزية لـ130 ألف برميل من نفط جنوب السودان.

وتوقُّف الحقل سيعني خسارة جنوب السودان لمعظم إيراداته من العملات الأجنبية، حيث يشكل النفط 90% من الإيرادات، وخسارة السودان رسوم العبور والتصدير التي تقدَّر بمليوني دولار يوميا.

استثمارات ضخمة وتحديات أمنية

وأوضح الخبير الاقتصادي محمد الناير أن الدولة في عهد الرئيس السابق عمر البشير استثمرت ما بين 18 و20 مليار دولار في قطاع النفط، شملت منشآت وأنابيب بطول أكثر من ألف كيلومتر من غرب كردفان وجنوب السودان، ومصفاتين للتكرير في الأُبَيّض والخرطوم.

مصدر الصورة توقف هجليج سيحرم جنوب السودان من 90% من إيراداته من العملات الأجنبية (رويترز)

وأكد الناير أن الأولوية ينبغي أن تُمنح لإعادة تشغيل مصفاة الخرطوم بعد صيانتها، حيث توفر نحو نصف احتياجات البلاد من المشتقات النفطية، مما سيقلل الطلب على العملات الأجنبية للاستيراد.

إعلان

ورأى أن إصلاح حقول النفط يستلزم تحرير مناطق الإنتاج في كردفان ودارفور من سيطرة المليشيات، حتى يتسنى استئناف العمل.

ويشير إلى أن السودان كان ينتج بعد الانفصال نحو 115 ألف برميل يوميا تزيد على حاجته ويصدرها للخارج.

الحاجة لتقنيات حديثة

وشدد الخبير على أن تطوير حقول النفط بعد الحرب يتطلب استخدام تقنيات حديثة لزيادة الإنتاج، وطرح مربعات جديدة للاستثمار، والاستفادة من الخبرات السودانية لإعادة تشغيل الحقول المتأثرة.

ونقلت الجزيرة نت عن خبير نفطي ووكيل سابق لوزارة الطاقة -طلب عدم الإفصاح عن اسمه- أن البلاد فقدت حوالي نصف إنتاجها بسبب قلة العاملين والمقاولين، إضافة إلى توقف بعض الحقول كليا.

وأشار إلى أن توقف مصفاة الخرطوم، التي كانت تغطي نحو ثلث الطلب المحلي أجبر البلاد على الاستيراد، مما زاد الضغط على العملات الأجنبية وأسهم في تآكل قيمة الجنيه السوداني.

واعتبر الخبير نفسه أن تحسين الأوضاع يتطلب وضع خطط سريعة لاستعادة العاملين والمقاولين لمناطق الإنتاج، وتسهيل استيراد مدخلات الإنتاج، وتنفيذ خطة إعادة تشغيل مصفاة الخرطوم، والتفاوض السريع مع الشركة الصينية لاستعادة إنتاج "حقل بليلة" الذي توقف كليا منذ بداية الحرب، حيث كانت بكين من أكبر شركاء السودان في استخراج النفط.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار