تسبب اندلاع حريق كبير مساء الخميس في محطة كهرباء بمنطقة هايز غرب لندن، في انقطاع شامل للتيار الكهربائي في مطار هيثرو، أحد أكثر مطارات أوروبا ازدحاما، وأدى إلى إغلاقه بالكامل حتى منتصف ليل الجمعة.
الحريق، الذي وصفه مسؤولو الإطفاء بـ"المرئي بشكل كبير"، تطلب تدخل نحو 70 رجل إطفاء وتمت السيطرة عليه بعد نحو 9 ساعات من الجهود المكثفة، حسب هيئة البث البريطانية.
وحسب هيئة الطيران البريطانية، كان من المقرر أن تشهد مرافق المطار الخمسة أكثر من 1350 رحلة قادمة ومغادرة يوم الجمعة، إلى نحو 80 وجهة حول العالم.
ويمر عبر هيثرو يوميا نحو 230 ألف راكب، ويخدم أكثر من 83 مليون مسافر سنويا، مما يجعل هذا الإغلاق كارثة تشغيلية عالمية غير مسبوقة، حسب صحيفة غارديان.
إغلاق المطار تسبّب في فوضى غير مسبوقة في قطاع الطيران الأوروبي والعالمي، إذ تم تحويل مئات الرحلات إلى مطارات بديلة مثل غاتويك وشانون.
كما أعلنت الخطوط الجوية التركية إلغاء جميع رحلاتها المقررة إلى هيثرو يوم الجمعة، في حين أعربت الخطوط الجوية البريطانية عن قلقها من "تداعيات كبيرة" على عملياتها وزبائنها.
الشركات المتضررة تضمنت مجموعة الخطوط الجوية الدولية (IAG)، التي انخفض سهمها بنسبة 2.7%، كما هبطت أسهم لوفتهانزا و"إير فرانس-كيه إل إم" وإيزي جت بنسب تراوحت بين 1.1% و2.3%.
وتراجعت الأسهم الأوروبية بقيادة قطاع السفر والترفيه، حيث انخفض المؤشر الفرعي للقطاع بنسبة 2.1%، في حين خسر مؤشر "ستوكس 600" الأوسع نطاقا 0.5%. وهذا التراجع يعكس المخاوف المتزايدة من تعطل سلاسل الإمداد والتجارة العالمية، خصوصا في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب .
ووفقا لمستشار الطيران فيليب باتروورث-هيز، فإن خسائر المطار وشركات الطيران ستتجاوز بالتأكيد 50 مليون جنيه إسترليني (65 مليون دولار). وتفاقمت المخاوف بشأن البنية التحتية في المطار، مع تزايد التساؤلات حول كيف يمكن لمحطة كهرباء فرعية واحدة أن توقف أكبر مطارات البلاد.
حكوميًا، أكد وزير الطاقة إد ميليباند أن الحكومة ستبذل أقصى ما بوسعها لإعادة الطاقة، لكنه أقر بأن ما جرى يكشف عن هشاشة منظومة الطوارئ.
ووصفت رئيسة لجنة النقل البرلمانية البريطانية روث كادبري ما حدث بأنه مؤشر على اعتماد خطير على بنية تحتية غير مؤمنة بشكل كافٍ. وقالت في مقابلة إذاعية إن "هناك أسئلة واضحة يجب طرحها، لا سيما أننا نتحدث عن مطار يعتمد على مصدر طاقة واحد".
وفي الوقت نفسه، انتقد المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) ويلي والش إدارة المطار قائلا: "إذا كانت هذه هي خطة الطوارئ لديهم، فهي فاشلة بوضوح".
وتحول الحريق في محطة كهرباء صغيرة في غضون ساعات إلى أزمة اقتصادية حقيقية، أثرت على الأسواق وشركات الطيران والركاب، وكشفت عن ضعف في بنية تحتية كان يُفترض أن تكون الأكثر تأمينا.
وفي ظل تزايد التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية عالميا، تظهر مثل هذه الأحداث كمحفزات إضافية للضغط على النمو العالمي والثقة بالمؤسسات.
وفي وقت تسعى فيه أوروبا لإنعاش اقتصادها عبر خطط تحفيزية كما حدث في ألمانيا مؤخرا، تأتي هذه الحادثة لتذكّر الجميع بأن البنية التحتية المتينة وخطط الطوارئ الفعالة ليست خيارا، بل ضرورة وطنية واقتصادية لا تحتمل التأجيل، حسب ما ذكرته غارديان.