في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بجمال هندستها ولونها الأزرق الطاغي على مبانيها، تجذب مدينة شفشاون شمالي المغرب السياح المحليين والأجانب، لتحتفظ بإرث تاريخي عريق يخفي الكثير من الأسرار الأندلسية.
المدينة المليئة بالمعالم الأندلسية في طراز البناء والمأكولات والملابس التقليدية، تضم دروبا ومنازل عتيقة، فضلا عن نهر "رأس الماء" الذي يمر من وسطها. وتحتضن المدينة عدة معالم تاريخية أخرى مثل ساحة "وطاء حمام" وبحيرة جوفية تحت الجبال، الأمر الذي يملأ أزقتها بالسياح.
وفي شوارعها التي يتنوع بها الجمال والهندسة، تُعرض اللوحات الفنية والمنتجات التقليدية مثل الفوانيس والشاشيات (قبعات الرأس التقليدية).
الباحث المغربي المتخصص في تاريخ المدينة، جمال الدين الريسوني، قال للأناضول إن المؤرخين يعتقدون أن المدينة بُنيت شمال المغرب لاستقبال المسلمين الأندلسيين الذين طُردوا من إسبانيا، ويطلقون عليها اسم "أخت غرناطة" و"فاس الصغرى".
واعتبر الريسوني المدينة "أندلسية بامتياز لأن سكانها قدموا من الأندلس، بمن فيهم مؤسسها علي بن موسى بن راشد الذي شيدها عام 1471، لاستقبال الأندلسيين والدفاع عن الوطن واسترجاع مدينة سبتة"، التي لا تزال حتى اليوم تخضع للسيادة الإسبانية ويطالب المغرب باسترجاعها.
وقال إن الموريسكيين (المسلمين الذين بقوا في الأندلس تحت الحكم المسيحي وغادروها لاحقا) حافظوا على تراثهم الفكري والهندسي، وانعكس ذلك في مدينة شفشاون التي انتقلوا إليها، من خلال شوارعها ونظام توزيع المياه المطابق لما كان بالأندلس. كما تتشابه شفشاون مع مدن الأندلس في المأكولات والتراث الفكري، بحسب الباحث المغربي.
وأوضح أن شفشاون كانت "آخر مدينة تُحتل من الاستعمار الإسباني بسبب صعوبة تضاريسها وشجاعة سكانها، مما استدعى الإسبان إلى الاستعانة بالطائرات الحربية الأميركية لإخضاع المدينة، وكانت كذلك أول مدينة يخرج منها الاحتلال".
وأضاف الريسوني أن مؤسس المدينة عاش في الأندلس، وبعد وصوله إلى المغرب أسس شفشاون لتكون صورة طبق الأصل للمدن الأندلسية، وبعد سقوط الحكم الإسلامي بالأندلس، نقل الكثير من المسلمين تراثهم من غرناطة إلى شفشاون.
كل شيء بالمدينة مصبوغ بالأزرق، المنازل والدروب والأزقة، وكأنها لوحة زرقاء لفنان يعشق لون البحر والسماء. كما يحرص التجار على عرض منتجات باللون الأزرق أيضا ليتناسق المعروض مع المسكون.
ويتم طلاء المنازل باللون الأزرق السماوي عبر مزج مادة الجير وصبغة النيلة الطبيعية، وتعمل النساء على طلاء الأبواب ومداخل الأحياء بهذا اللون ليضفي على المكان جمالا وهيبة. ويحرص السياح، خاصة أولئك القادمين من أوروبا وآسيا، على التقاط صور داخل الشوارع الملونة.
أصبحت شفشاون وجهة سياحية شهيرة وقبلة للباحثين عن الراحة النفسية بلونها الأزرق الذي أصبح أكبر مروّج للسياحة والاقتصاد في المدينة.
فاطمة الزهراء الغيوان، مستشارة بلدية بمدينة مكناس، قالت للأناضول إنها تزور رفقة عائلتها مدن الشمال، وخاصة شفشاون. وأوضحت أن المدينة من أبرز المدن الجبلية التي تتمتع بمناظر طبيعية خلابة، وتتميز بطيبة أهلها وكرمهم.
وقالت إن بعض المحلات تعرض على جوانب المدينة ملابس محلية تعكس طريقة النسج التقليدية، ودعت إلى زيارة شفشاون وباقي المدن المغربية.
وأوضحت أن المدينة مليئة بالأبواب التاريخية، مثل "باب السوق"، و"باب المحروق"، و"باب العنصر"، و"باب الصبانين"، و"باب الملاح"، و"باب الموقف"، و"باب النقبة"، و"باب السور".