يوم 7 ديسمبر (كانون الأول) 1941، هاجمت اليابان بشكل مباغت قاعدة بيرل هاربر الأميركية الواقعة بجزر هاواي بعرض المحيط الهادي معلنة بذلك الحرب على الولايات المتحدة الأميركية. وخلال هذا الهجوم، خسر الأميركيون عدداً هاماً من قطعهم البحرية إضافةً إلى مئات الطائرات الحربية. فضلاً عن ذلك، قُتل حوالي ألفي أميركي خلال هذا الهجوم الذي صُنِّف بتلك الفترة كأعنف هجوم أجنبي على منطقة أميركية.
وخلال الأشهر التالية، تلقت أستراليا حصتها من الهجمات اليابانية. فبعملية شبيهة ببيرل هاربر، قصفت مئات الطائرات اليابانية خلال شهر فبراير (شباط) 1942 مدينة داوين (Darwin) الأسترالية متسببةً بأضرار جسيمة بميناء ومطارات المدينة.
بعد يوم واحد عن هجوم بيرل هاربر ومهاجمة اليابانيين للمصالح البريطانية بالمحيط الهادي، لم تتردد أستراليا يوم 8 ديسمبر (كانون الأول) 1941 في إعلان الحرب على اليابان. وبوقت سابق، كانت أستراليا قد أعلنت دخولها الحرب العالمية الثانية خلال شهر سبتمبر (أيلول) 1939 عقب إعلان الحرب على ألمانيا على إثر واقعة اجتياح بولندا.
وفي خضم ذلك، كان الأستراليون قد أنشأوا خلال الثلاثينيات قاعدة عسكرية بحرية هامة بمدينة داروين المطلة على بحر تيمور بالشمال الأسترالي. وعلى الرغم من عدد سكانها الضئيل، والذي لم يتجاوز عتبة 6000 ساكن، تحولت داروين لمنطقة استراتيجية بفضل موقعها وإطلالها على بحر تيمور والجرز الموجودة بالمنطقة. فضلاً عن ذلك، أنشأت البحرية وسلاح الجو الأسترالي بنى تحتية هامة بالقاعدة البحرية بداروين التي سرعان ما احتضنت عدداً كبيراً من القطع البحرية الحربية والطائرات العسكرية الأسترالية.
ومع اندلاع الحرب مع أستراليا، تحوّل ميناء داروين لمعضلة بالنسبة لليابانيين الذين تخوفوا من إمكانية استغلال المنطقة كميناء ومطار من قبل الأميركيين لشن هجمات ضد المصالح والمستعمرات التي سيطر عليها اليابانيون منذ مطلع الحرب. وأمام هذا الوضع، قرر اليابانيون شن عملية عسكرية ضد داروين بهدف تدمير بناها التحتية وإخراج مينائها عن الخدمة تزامناً مع تخريب أهم القطع البحرية التي امتلكتها البحرية الأسترالية.
خلال شهر يناير (كانون الثاني) 1942، أرسل اليابانيون عدداً من غواصاتهم لتفخيخ المناطق المحيطة بداروين. وبحلول فبراير (شباط) من العام نفسه، اتجه اليابانيون لشن هجوم مباغت، مماثل لذلك الذي حصل ببيرل هاربر، ضد داروين.
لإنجاح هجومهم على داروين، استعان اليابانيون بأربعة حاملات طائرات تواجدت بينها كل من أكاجي (Akagi) وكاغا (Kaga) اللتين شاركتا بوقت سابق بهجوم بيرل هاربر. ولحماية حاملات الطائرات، جهز اليابانيون أسطولاً كبيراً من الطرادات والبوارج الحربية والغواصات.
بحدود الساعة العاشرة صباحاً يوم 19 فبراير (شباط) 1942، حلّت 188 طائرة حربية يابانية فوق سماء داروين قبل أن تبدأ بإلقاء قنابلها على الميناء ومدارج هبوط الطائرات بالمدينة. حاولت الدفاعات الجوية الأسترالية الرد لكن جهودها باءت بالفشل بسبب تأخر إطلاق صفارات الإنذار وسرعة الطائرات اليابانية.
وفي حدود منتصف النهار، حلت نحو 100 طائرة يابانية أخرى بسماء داروين لتبدأ بشن موجة قصف ثانية استهدفت البنية التحتية للمدينة والميناء.
أسفرت عملية قصف داروين عن مقتل 236 شخصاً وإصابة حوالي 400 آخرين. فضلاً عن ذلك، دمرت 30 طائرة حربية أسترالية وأميركية، كما أغرقت 11 قطعة بحرية كان من ضمنها عدد من السفن والناقلات الأميركية والبريطانية. أيضاً، تعرضت 25 سفينة، كانت راسية بميناء داروين، لأضرار جسيمة. وفي مقابل ذلك، خسر اليابانيون نحو 7 طائرات حربية فقط.
وصِفت عملية قصف داروين بأسوأ قصف بتاريخ أستراليا كما لقبت أيضاً ببيرل هاربر أستراليا. من ناحية أخرى، تسبب القصف في تدمير عدد كبير من سفن الإمداد التي كانت متوجهة لدعم البريطانيين والأميركيين بكل من الفلبين وجزيرة جاوة. وبالأشهر التالية، سقطت هذه المناطق، التي حُرمت من الإمدادات، بقبضة اليابان.