آخر الأخبار

"فحل دمشق" أم "فجل دمشق؟".. نقطة أطاحت بلقب حاكم فاطمي

شارك الخبر
تعبيرية

تتحدث المصادر التاريخية، عن أحد حكام دمشق لقّبوه بفحل، أو الفحل، أو بفحل دمشق، عيَّنه الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي روّع الحياة العربية والإسلامية، بحسب غالبية المصادر التي اتفقت على عنفه وعشقه لسفك الدماء وإصداره أغرب قرارات منعت الناس من تناول فاكهة أو خضروات معينة، وكان صورة لأغرب وأعنف حكّام التاريخ الذي خرج ولم يعد واختفى فجأة ولم تعرف له جثة أو قبر، سنة 411 هجرية.

قام الحاكم بأمر الله والذي كان صغير السن في ذلك الوقت، بإصدار قرار على عجل، لأسباب تتعلق بالوضع العسكري والأمني في مدينة دمشق سنة 390هـ، بتعيين ما عُرف بـ"فحل دمشق" حاكما على المدينة، بعدما سبق وكان والياً عليها في سنة 387 هـ وذلك إثر وفاة حاكم سابق عليها "عقب إغراقه في الظلم وإيغاله في سفك الدماء والجور"، كما وصف المؤرخ الدمشقي ابن القلانسي في تاريخه المشهور.

"فحل" مريض حكَم مرتين

وورد في كتاب "الألقاب الإسلامية" للدكتور حسن الباشا، أن لقب "فحل دمشق" أطلق على القائد الذي عينه الحاكم بأمر الله الفاطمي، والياً على دمشق، وهو تميم بن إسماعيل المغربي. فيما يرد لقب الفحل على الرجل المذكور والذي يوصف مرة بقائد، ومرة بوالي دمشق، ومرة بأمير، في رؤوس المصادر العربية والإسلامية، التي تتفق جميعها، على أن الفحل، لقبه.

وتشير المصادر التي تحدثت عن تلك المرحلة التي عين فيها فحل دمشق واليا عليها، أن الرجل دخل المدينة ليحكمها بالتعليمات التي حمله بها الحاكم بأمر الله، فاستقبل الناس، وشاع لقبه على الفور، أكثر من اسمه، وهذا تسبب بتعدد أسماء الرجل في عدد من المصادر، وكذلك تعدد ألقابه.

ظهر "فحل دمشق" ضعيفاً غير قادر على ممارسة الحكم، فلم يمكث بالحكم أشهراً، وقبل أن يتم الإعلان عن وفاته، أظهر ضعفاً كبيرا تسبب به المرض الذي لم تعرف هويته، ويبدو أن الرجل "هلك لعلة أصابته" لم تعرف ما هي، ولم يحددها المصنفون. خاصة أن الفحل المذكور، حكم دمشق أكثر من مرة.

من فحل إلى فجل أو العكس

وتشير مصادر إلى أن "فحل دمشق" تعرض اسمه لتغيير ما في الرسم، أو لتصحيف ما، جعله فجلاً، من "الفِجل" بلفظه العامي المشهور، أو الفُجل أو الفُجُل بحسب أمهات العربية، وهو نوعٌ من ثمار الخضروات زهيدة الثمن، كما يقال في الشام عن الشيء زهيد الثمن، أرخص من الفجل. وعوضاًَ من أن يكون اسم الرجل "فحل دمشق" ظهر في بعض الوثائق بأنه "فجل" دمشق.

فبحسب محققي إحدى نسخ كتاب "تاريخ مدينة دمشق" للحافظ والمؤرخ ابن عساكر (499-571هـ) فإنه قد تمت كتابة لقب الرجل، بالفجل، لا الفحل. وعوضا من أن يكون اللقب "فحل دمشق" على هذا، سيصبح "فجل دمشق" أو الفجل أو ابن الفجل.

وكما عبّر عدد من المحققين، فإنهم ذكروا لقب "الفجل" على الرجل، من دون أن يقولوا بأنه تصحيف، بل ينقلون عن مصادر مختلفة، بأن من ألقاب الرجل، الفجل، أو ابن الفجل، حتى لا يُعرَف ما إذا كان المحققون يعتبرونها، تصحيفا بكتابة لقب الرجل، أم أنه فعلاً، لقبه الحقيقي، بحيث يمكن أن يكون اللقب الأصلي، هو الفجل، لا الفحل. وهو ما يُستَقى من المصادر التي قالت عن الرجل، بأنه أصيب فور حكمه دمشق بمرض و"هلك" فيه. أي حكم، ثم اعتلّ على الفور، ثم هلك، ثم "مضى" في حال سبيله، بحسب مؤرخين. وحاكم بهذه المواصفات، لا يتفق معه لقب الفحل، بقدر ما يتفق معه لقب الفجل.

ثم مضى في حال سبيله

وورد اسم الملقب بـ"فحل دمشق" بالفجل، وابن الفجل، في هوامش محققي "تاريخ دمشق" لابن عساكر، أي ما يتناقض مع ما ورد في "الألقاب الإسلامية" في أن فحل دمشق، هو لقبٌ للأمير الفاطمي الذي أرسله الحاكم بأمر الله ليحكم دمشق التي عانت الكثير من جور الفاطميين، وقاومتهم في جميع المراحل، على ما تقوله المصادر التاريخية.

ويشار إلى أن من لقّب نفسه أو لقّبوه بـ"فحل دمشق" عينه فيها الفاطميون واليا على المدينة التي أقام بها "شهوراً" ثم "هلك من علة عرضت عليه" كما قال ابن عساكر، قد مات في السنة ذاتها التي عين فيها، وهي سنة 390 ه، وهي السنة التي "مضى فيها إلى حال سبيله" بعدما "هلك" بحسب نص ما يعرف بتاريخ ابن القلانسي الذي عرض للرجل، وعرض كغيره لقبه بالفحل، والذي ظهر في مصادر أخرى، بأنه فجل أو ابن الفجل، على ما أفادت بعض المصادر التاريخية.

التصحيف وارد بمكان النقطة

ويشار إلى أن التصحيف، إن حدث، يمكن له أن يغيّر اللقب من فحل إلى فجل، أو العكس، سواء عمداً أو سهواً غير مقصود بتغيير مكان النقطة. لكن بحسب ما ذكرته المصادر التاريخية عن صفات حامل اللقب، وضعفه كما قال المؤرخون، ثم مضيه في "حال سبيله" بعد "هلاكه" يرجّح بأن من لُقّب بالفحل، كان لقبه الأصلي فجلاً، أو ابن الفجل، أو فجل دمشق، وحسب.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا سوريا اسرائيل أمريكا لبنان

إقرأ أيضا