كشف باحثون كنديون عن إحدى أعقد آليات فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) التي يستخدمها للاختباء في أجزاء مختلفة من الجسم.
وأظهرت الدراسة المشتركة بين جامعة ويسترن وجامعة كالغاري أن الفيروس يندمج في الحمض النووي للخلايا بطريقة تختلف حسب نوع النسيج الفريدة لكل عضو، ما يقدم تفسيرا جديدا لصعوبة القضاء على الفيروس حتى بعد عقود من الإصابة والعلاج.
ويكمن سر صعوبة القضاء على فيروس نقص المناعة البشرية في قدرته الفائقة على الاندماج في الحمض النووي للخلايا المصابة، لكن الجديد في هذه الدراسة هو اكتشاف أن هذا الاندماج لا يتم عشوائيا، بل يتبع أنماطا نسيجية محددة. ففي الدماغ، يتجنب الفيروس المناطق الجينية النشطة ويختار الملاذات الآمنة في الأجزاء الأقل نشاطا من الحمض النووي، بينما يتبنى استراتيجيات مختلفة في الدم وأجزاء الجهاز الهضمي.
وما يميز هذه الدراسة اعتمادها على عينات نادرة تعود إلى حقبة تاريخية حرجة - حوالي عام 1993 - عندما كانت جائحة الإيدز في أوجها والعلاجات الحديثة لم تظهر بعد. وقدمت هذه العينات للباحثين فرصة فريدة لمراقبة سلوك الفيروس في حالته "الطبيعية" عبر أعضاء متعددة داخل نفس الشخص.
ويؤكد البروفيسور ستيفن بار من جامعة ويسترن أن "الفيروس لا يندمج عشوائيا، بل يتبع أنماطا فريدة في الأنسجة المختلفة تتشكل بفعل البيئة المحلية واستجابات المناعة". وهذه الرؤية العميقة تفتح الباب أمام تطوير علاجات مستهدفة، إما للقضاء على الخلايا المختبئة أو "إسكات" الفيروس الخامل فيها.
وتمثل هذه الدراسة نموذجا للتعاون العلمي البناء، حيث جمعت باحثين من جامعات ومؤسسات متعددة، بدعم من معاهد البحوث الصحية الكندية، في رحلة استمرت سنوات لتفكيك أحد أعقد ألغاز الطب الحديث. وهذا النموذج التعاوني يثمر اليوم فهما أعمق لآليات اختباء الفيروس، ويضع لبنات أساسية في المسيرة الطويلة نحو القضاء النهائي على هذا الوباء.
ويهدف الفريق الآن إلى تطوير علاجات مستهدفة تعتمد على هذه النتائج التاريخية.
نشرت النتائج في مجلة Communications Medicine.
المصدر: نيوز ميديكال