قد يكون الرئيس دونالد ترامب وجّه ضربات لشريكه الجزائري — من خلال فرض رسوم جمركية بنسبة 30%، وضريبة مكافحة إغراق بنسبة 127% على حديد التسليح، وإبعاد السفيرة إليزابيث مور أوبان، المعروفة بقربها من الجزائر — غير أنّ الولايات المتحدة لا تغفل عن مصالحها العليا في الجزائر. فالأمريكيون يراهنون بقوة على قطاع المحروقات، لكن الرهان لا يقتصر عليه وحده؛ إذ تحظى الأتربة النادرة والمعادن الاستراتيجية بالأولوية القصوى.
فهذه الموارد تقع في صميم معركة اقتصادية عالمية ستعيد رسم التوازنات الجيوسياسية الكبرى. وواشنطن مهووسة بهذا الرهان، لا سيما في ظل هيمنة الصين على هذه الحلقة المفصلية. وستحتاج الولايات المتحدة إلى الدول الإفريقية، وتأتي الجزائر في طليعة هذه الدول.
و منذ سنوات، شرعت السلطات الجزائرية في التحول نحو تنويع الاقتصاد الوطني، ويُعدّ قطاع المناجم أحد ركائز هذا التوجه. ويسعى الأمريكيون إلى التموقع للاستفادة من هذه الدينامية. وفي هدوء، يضاعف مسؤولو البلدين الاتصالات واللقاءات لوضع أسس شراكة وازنة خلال الأشهر المقبلة.
و قد انطلقت هذه الدينامية بقوة عبر لقاء جمع، الاثنين الماضي، الرئيس المدير العام للمجمع العمومي «سونارام» رضا بلحاج، مع المسؤولة الأولى عن القسم التجاري بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في الجزائر، ديبرا ك. مارتن.
و يمثل هذا اللقاء أول لبنة في سلسلة اجتماعات عبر تقنية الاتصال المرئي، مبرمجة ابتداءً من جانفي 2026. وبحسب المعلومات التي أوردها موقع «الجزائر 360°»، قد تفضي هذه المشاورات إلى إطلاق مشاريع عملاقة في قطاع المناجم الجزائري. وقد عبّرت عدة مجموعات أمريكية بالفعل عن اهتمامها بالاستثمار في المناجم بالجزائر، خاصة وأن هذا القطاع لا يزال شبه غير مستكشف، مع آفاق واسعة لاستخراج مكامن غير مستغلة.
و أوضحت «سونارام» في بيان لها أن «هذا اللقاء أتاح تبادل وجهات النظر حول آفاق التعاون والاستثمار والشراكة في قطاع المناجم، ولا سيما في أنشطة الاستكشاف والاستغلال، وتثمين الموارد المنجمية، وتطوير المشاريع بالاعتماد على تكنولوجيات مبتكرة».
و ضمن قائمة الدول التي تسعى للدخول بقوة إلى هذا المجال، تبرز الولايات المتحدة كطرف لا يمكن تجاهله. فقد بلغت الدينامية المحلية مسامع المستثمرين الأجانب، وأسهم التقدم المحرز في المشروع الضخم لغار جبيلات، بدعم مباشر من السلطات، في إبراز قدرة الجزائر على إنجاز مشاريع هيكلية كبرى، وهو ما شكّل دعاية إيجابية بالغة الأهمية لصورة البلاد.
و يُسجَّل كذلك تطور لافت في أعمال البحث والاستكشاف عبر كامل التراب الوطني. إذ أطلق الديوان الوطني للبحث الجيولوجي والمنجمي برنامجًا طموحًا، شمل حاليًا 14 موردًا منجميًا قيد الدراسة.
و تشير النتائج الأولية إلى وجود كميات كبيرة من المعادن في عدة مناطق، من بينها الليثيوم والذهب والكبريت والحديد والرصاص والزنك والنحاس. ولم يَفُت هذا التطور انتباه المستثمرين الأمريكيين.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب
المصدر:
الرقمية