آخر الأخبار

حرية المعتقد : ما الذي يقوله القرآن حقاً عن الإيمان والإكراه واعتناق الإسلام

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

في النقاشات المعاصرة حول الإسلام، يبرز سؤال متكرر: هل يفرض الدين الإسلامي الإيمان على الناس، أم يترك لكل فرد حرية الاعتقاد من عدمه؟ بالعودة إلى النص القرآني، تبدو الإجابة واضحة: الإيمان لا يمكن أن يُفرض، والحكم النهائي يعود إلى الله وحده. مبدأ كثيراً ما يُساء فهمه، رغم وضوحه الصريح في العديد من الآيات.

«لا إكراه في الدين»: مبدأ جاء بوضوح تام
الآية الأكثر شهرة في هذا الباب وردت في سورة البقرة:
﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ (2:256)

ترسّخ هذه الآية مبدأ أساسياً: الإيمان لا يمكن أن يكون نتاج ضغط خارجي، بل يجب أن يقوم على وضوح الحقيقة وقناعة داخلية. فالنص لا يتحدث عن مجرد تسامح ظرفي، بل عن رفض مبدئي للإجبار الديني.

إيمان يقوم على اختيار داخلي
يُصرّ القرآن أيضاً على حرية الفرد في الإيمان أو عدمه:
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ (18:29)

هنا يُقدَّم الإيمان خياراً شخصياً يتحمّله الفرد وحده. دور الرسالة هو البيان، لا الإكراه. لذلك فإن التحوّل إلى الإسلام لا يمكن إلا أن ينبع من الداخل، من بحث عن المعنى وتأمل وروحانية صادقة. وفي السياق ذاته، يذكّر القرآن بأن الحكم النهائي ليس بيد البشر:
﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ۝ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ (88:25-26)

أي إن مصير الإنسان الروحي شأنٌ بينه وبين الله وحده. فلا أحد مخوّل ليحلّ محلّ الحكم الإلهي.

الاعتراف بالتعددية الدينية
يعترف القرآن بوضوح بوجود معتقدات مختلفة:
﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ (109:6)

الآية تؤكد وجود اختلاف مشروع لا يُواجَه بالقوة أو الإقصاء. كما يقول النص الإلهي:
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (10:99)

فإذا كان الله لم يشأ أن يُكره الناس على الإيمان، فكيف يحق للبشر أن يفعلوا ذلك؟

دور النبي: تبليغ لا تسلّط
تُحدَّد مهمة النبي محمد ﷺ بوضوح في القرآن:
﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ۝ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾(88:21-22)

دور النبي هو التذكير والهداية بالكلمة، لا السيطرة والتحكّم في العقول. الإكراه لا يصنع إيماناً، بل خوفاً وانقياداً سطحياً.

عندما يخالف المتطرفون القرآن
بناءً على الآيات السابقة، يتضح أن فرض الإسلام بالقوة أو التهديد أو الضغط الاجتماعي يتناقض مع روح القرآن ونصّه. من يدّعون حماية الدين عبر العنف، إنما يخالفون تعاليمه الأساسية.

في الواقع، شهادات من اعتنقوا الإسلام تتشابه دائماً: رحلة بحث فردية، قراءة وتأمل، أزمات وجودية أحياناً، ثم قناعة داخلية تنبثق من القلب. ليس من فوهة السلاح ولا من ضغط الجماعة.

قراءة القرآن تغيّر النظرة
الكثير من منتقدي الإسلام يعتمدون على صور نمطية أو أفعال مشوّهة نُسبت للإسلام ظلماً. في المقابل، يشهد كثير من الباحثين والمهتمين أن قراءة القرآن بعمق تغيّر نظرتهم كلياً لهذا الدين.

بالنسبة للمسلمين، تكمن قوة الإسلام في أن معجزته الأساسية كتاب مفتوح للجميع: القرآن الكريم. منذ أكثر من 14 قرناً، يُقرأ ويُحفظ ويُتلى ويُدرس، وكل جيل يكتشف فيه معاني جديدة تتفاعل مع العلوم والواقع المتغيّر.

هذه ليست برهاناً علمياً بالمعنى التجريبي، لكنها ملاحظة واقعية: النص في ذاته نقطة تحوّل عند الملايين.

دين مبني على الوعي لا على الإكراه
الرسالة القرآنية واضحة:
الإيمان اختيار شخصي،
ولا يجوز لأي أحد أن يُكره غيره على الاعتقاد،
والحكم النهائي لله وحده.

المتطرفون الذين يزعمون فرض الإسلام بالقوة لا يشوّهون صورته فحسب، بل يواجهون مبادئه القرآنية وجهاً لوجه. كثير ممن ينتقدون الإسلام لم يقرأوا كتابه الأساسي أصلاً. أما من يفتح القرآن ويتأمل آياته، فيشهد غالباً تغييراً جذرياً في فهمه.

وهنا، يرى المسلمون جوهر الدعوة: كتاب يدعو كل إنسان للتفكير بحرية، دون قسر، أمام ضميره وأمام الله.

هذا النص يمثّل بداية سلسلة مقالات تُنشر كل يوم جمعة، تسلّط الضوء على مسارات لشخصيات اعتنقت الإسلام، وتستعرض أسباب هذا التحوّل الذي غالباً ما يبدأ من لقاء صادق مع القرآن الكريم.

اشترك في النشرة الإخبارية اليومية لتونس الرقمية: أخبار، تحليلات، اقتصاد، تكنولوجيا، مجتمع، ومعلومات عملية. مجانية، واضحة، دون رسائل مزعجة. كل صباح.

يرجى ترك هذا الحقل فارغا

تحقّق من صندوق بريدك الإلكتروني لتأكيد اشتراكك.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا