هذه إفريقيا المريضة، التي ترفض بعناد أن تقلع، بعد عشرات السنين من الاستقلالات، و تصرّ على تعليق كل عللها على مشانق الاستعمار و مآسيه.
لا شك أن الاستعمار يتحمّل مسؤولية تاريخية عمّا آل إليه حال القارة، بعد قرون من النهب و السّلب و الاعتداءات.
لكن ما علاقة كل هذا الإرث الثقيل بالخطوات غير المبرَّرة التي أقدمت عليها رئيسة تنزانيا، سامية صلح حسن؟ لا شيء.
فالسيدة الحديدية، البالغة من العمر 65 عامًا، أُعيد انتخابها في نوفمبر الماضي لولاية ثانية، في اقتراع شابته أعمال عنف و رفضته المعارضة.
و في النهاية، “زكّى” الناخبون رئيسة الدولة بنسبة 98%، مع نسبة مشاركة بلغت 88% (وحده رئيس رواندا يمكنه التفاخر بمثل هذه الأرقام).
و قد وصفت انتخابها بأنه «حر و ديمقراطي»، متهمةً منتقديها بأنهم «غير وطنيين».
لكنّ ما نشير إليه اليوم ليس مئات القتلى و الجرحى، بل التعيينات غير المعقولة التي قامت بها السيدة حسن.
ففي مناخ يسوده انعدام الثقة، بدا لها أنّ الحلّ الأمثل هو الاعتماد الكامل على محيطها العائلي.
وزير المالية : شقيق زوجها
وزير الصحة : صهرها
وزيرة مكلّفة بالتعليم : ابنتها
نائبة في مقعد خاص : ابنتها
وزيرة الدفاع : صديقة للعائلة لعبت دور الوسيط في زواج عائلي
وزيرة مكلّفة بالأشغال : ابنة أختها
باختصار، المقربون منها يمسكون بكل مفاصل الدولة، خاصة أكثرها حساسية، في محاولة لضمان ألّا يفلت شيء من عين رئاسة الجمهورية.
فأين هي الديمقراطية التي تتحدث عنها السيدة حسن القوية؟ ما زلنا نبحث عنها.
ما نراه، بالأحرى، هو الأمراض البنيوية المتجذّرة في هذا البلد، و في إفريقيا عمومًا، و التي تفسّر بشكل كبير تأخّرنا المزمن ، رغم الثروات الطبيعية اللامحدودة للقارة.
هكذا تمضي تنزانيا، الجمهورية الفيدرالية الواقعة في شرق إفريقيا على ساحل المحيط الهندي، بلد يفيض بالمقدرات على كل المستويات. رؤية التنزانيين يتصدّرون الأخبار بسبب ممارسات رئيستهم أمر محزن للغاية، و جرحٌ غائر.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب
المصدر:
الرقمية