صعّدت اليابان لهجتها تجاه واشنطن، حيث أعلنت طوكيو نهاية هذا الأسبوع أنه لا يمكن التوصل إلى أي اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة دون مراجعة شاملة للإجراءات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب.
وفي ختام جولة جديدة من المفاوضات الثنائية، أكد المفاوض الياباني ريوجي أكازاوا، الذي يشغل أيضًا منصب وزير التعافي الاقتصادي، للصحافة أن الشروط الحالية تُعتبر “غير مقبولة” من قبل طوكيو. وقال محذرًا من العاصمة اليابانية:
“إذا لم يتم أخذ طلبنا بإجراء مراجعة بعين الاعتبار ضمن اتفاق شامل، فلن تكون هناك أي فرصة للتوصل إلى تسوية.”
رسوم جمركية وُصفت بأنها “جائرة” و”مفرطة”
منذ أبريل، تخضع الصادرات اليابانية إلى الولايات المتحدة لرسوم جمركية أمريكية بنسبة 10%، بالإضافة إلى ضرائب إضافية بنسبة 25% على السيارات والمنتجات الفولاذية، وهما قطاعان يشكلان دعامة رئيسية للصادرات اليابانية إلى السوق الأمريكية.
وحدها السيارات تمثل قرابة 30% من إجمالي الصادرات اليابانية إلى الولايات المتحدة، ما يجعل فرض هذه الرسوم تهديدًا مباشرًا لأحد أكثر القطاعات استراتيجية في الاقتصاد الياباني.
والأسوأ من ذلك، أن ضريبة إضافية بنسبة 24% على جميع الصادرات اليابانية لا تزال معلّقة، لكنها قد تُفعّل مجددًا بداية من شهر جويلية المقبل، بموجب مبدأ “المعاملة بالمثل” الذي أشار إليه دونالد ترامب. هذا المناخ من عدم اليقين يستمر في التأثير سلبًا على العلاقات التجارية الثنائية.
طوكيو ترفض اتفاقًا جزئيًا
في الوقت الذي توحي فيه واشنطن بإمكانية إبرام اتفاق جزئي قد يُخفف من بعض الرسوم، ترفض اليابان هذا النهج المجزأ. وقال أكازاوا:
“لقد عبّرنا بوضوح عن أن جميع الإجراءات الجمركية الحالية مؤسفة ويجب مراجعتها كليًا.”
ويحظى هذا الموقف الحازم بدعم القيادة العليا في البلاد، حيث ندد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يوم السبت بالقرارات الأمريكية الأخيرة، واصفًا فرض ضريبة بنسبة 25% على قطع غيار السيارات المستوردة بأنه “صادم”. وأضاف أن الفجوة بين الحليفين تتسع، قائلاً: “اليابان والولايات المتحدة لا تزالان بعيدتين عن أرضية تفاهم مشتركة.”
شراكة موضوعة على المحك رغم الروابط التاريخية
ورغم كونها من أكبر الشركاء التجاريين والمستثمرين الأجانب في الولايات المتحدة، فإن مقاربة واشنطن الحالية، التي تركز على حماية الصناعة المحلية عبر رسوم جمركية مرتفعة، تقوّض الثقة بين الحليفين التقليديين.
كما أن التوتر المتزايد حول صادرات السيارات والصلب يتقاطع مع ملفات ساخنة أخرى، مثل أشباه الموصلات والمعادن الإستراتيجية، والتي تخضع بدورها لتحقيقات أمريكية بدعوى “الأمن القومي”.
وهكذا، فإن رسالة اليابان واضحة: لا اتفاق تجاري من دون العودة إلى قواعد جمركية عادلة. وبينما يواصل دونالد ترامب حملته التصعيدية لحماية السوق الأمريكية، تطالب طوكيو بمعاملة تحترم مصالحها الاستراتيجية، وخصوصًا في قطاع السيارات. ويبدو أن المواجهة بين القوتين الاقتصاديتين مرشحة للتصعيد أكثر خلال الأسابيع القادمة، ما لم يحدث تحوّل دبلوماسي في اللحظات الأخيرة.