يمثل الذهب واحدة من أهم آليات الادخار والتحوّط الأسري، حيث تكتنز عدة أسر تونسية المعادن النفيسة والحليّ كشكل من أشكال الاستثمار الآمن، مستفيدة من اعتدال الأسعار والوضع الاقتصادي. وترتبط مواسم شراء الذهب في البلاد عادة بالمواسم الفلاحية، حيث غالباً ما يوجه الفلاحون جزءاً من ارباحهم نحو الاستثمارات الآمنة، سواء بشراء الذهب، أو العقارات.
ويحفّز الوضع الاقتصادي في البلاد حاليا على تشغيل آلية التحوّط بالذهب، حيث تسجل أسواق الصاغة والمعدن الأصفر على مدى السنوات الماضية زيادة في حجم المبيعات وان كانت محدودة، رغم تغير قدرة المستهلكين على مستوى الادخار واكتناز الذهب. وتتأثر أسواق الذهب في البلاد مباشرة بتغير أسعار الذهب العالمية، حيث تسجل الأسعار زيادات يومية وصلت إلى حدود 340 ديناراً للغرام الواحد.
أهمية الذهب في الدورة الاقتصادية
ترتبط عموما الحركية التجارية في أسواق المصوغ مباشرةً بالمواسم الفلاحية، حيث يزيد الطلب على شراء الذهب عقب جني محاصيل الحبوب صيفاً، والزيتون والقوارص شتاءً. لكن سنوات الجفاف وارتفاع أسعار الذهب وتغير مستوى القدرة الشرائية لطبقات اجتماعية اثرت نسبيا في عادات التحوّط بالمعادن النفيسة.
هذا وتكشف عدة معطيات وجود محاولات لمزيد دفع المعاملات في السوق عبر استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتنمية المبيعات والتعريف بمزايا الذهب باعتباره ملاذاً آمناً، غير أن ذلك يبقى مرتبطاً بتوفر السيولة لدى المشترين خصوصا ان تغيرات ذوقية كبيرة طرأت على علاقة المستهلكين بالمعدن الأصفر، وهو ما أثر بشكل او باخر وفي بعض الوضعيات في عادات التحوّط والادخار عبر اكتناز الذهب.
ويبقى الذهب ملاذاً آمناً للمدخرين رغم ارتفاع سعره بما يزيد على 60% خلال السنوات العشر الماضية. ويعتبر الذهب في جميع الحالات من أهم آليات الادخار، نظراً لقيمته الثابتة التي لا تتأثر بعوامل التضخم التي تصيب المدخرات المالية.
ارتفاع قيمة مخزون الذهب
كانت بيانات البنك المركزي التونسي الصادرة قد كشفت مؤخرا ان مخزونات مؤسسة الاصدار من الذهب سجلت زيادة في القيمة بنسبة 30% ما بين 2023 و2024، بما قيمته 267.2 مليون دينار، مستفيدة من ارتفاع سعر المعدن الأصفر في السوق العالمية.
وأظهرت المعطيات الرسمية للقائمات المالية للبنك المركزي المنشورة على موقعه الرسمي أن قيمة موجودات رصيد الذهب بلغت بحلول 31 ديسمبر 2024 ما يزيد على 1.1 مليار دينار مقابل رصيد بقيمة 843 مليون دينار خلال التاريخ ذاته من سنة 2023. في المقابل، كشفت ذات المعطيات أن مخزون البنك من الذهب لم يسجل أي تطور في الفترة ذاتها، مسجلاً استقراراً عند 6.8 أطنان، من بينها 4.1 أطنان من السبائك مودعة في خزائن البنك و2.7 طن من السبائك مودعة في بنك إنكلترا إلى جانب قطع أثرية.
وتحتل تونس المرتبة الـ 14 عربياً في حيازة الذهب، حسب تقرير مجلس الذهب العالمي، الصادر في سبتمبر 2021 بمخزون من الذّهب في حدود 6.8 أطنان. وقال البنك المركزي في تقريره حول قائماته المالية ان تقييم الموجودات من سبائك الذهب بسعر السوق في شهر ديسمبر الماضي تم باستعمال سعر الإقفال للجلسة الصباحية لبورصة لندن. وفسر البنك الزيادة المقدرة بـ267.2 مليون دينار لرصيده من الذهب بالتأثير المشترك في زيادة سعر الأونصة 31.1035)) غرام من الذهب الخالص وتطور سعر صرف الدولار مقابل الدينار.