في مشهد أثار الكثير من الجدل، شهدت منطقة الدندان، بالضاحية الغربية للعاصمة تونس، حادثة غريبة يوم 8 مارس 2025، تمثلت في قيام مجموعة من الأفراد بقطع عدد كبير من الأشجار بطريقة عشوائية، دون إذن أو ترخيص رسمي.
المجموعة، التي ظهرت بمعدات أشبه بتلك التي تستخدمها فرق البلدية — مناشير آلية وشاحنات — لم تتمكن من إثبات هويتها أو تقديم ما يثبت أنها تعمل بتكليف رسمي. وقد باشرت عملية القطع بشكل همجي، استهدفت أشجاراً معمّرة ظلّت لسنوات تزيّن المكان وتوفّر الظل للسكان.
أحد التجار القريبين من الموقع كان من بين المتضررين، حيث سقطت فروع ضخمة من الأشجار على سقف متجره، متسببة في أضرار مادية جسيمة. وعند احتجاجه، أخبره أحد أفراد المجموعة بأنهم يعملون بتكليف من البلدية، رافضاً الإفصاح عن اسم المسؤول الذي كلفهم.
ما أثار حفيظة الأهالي هو توقيت هذه العملية، التي تتزامن مع توقعات بموجة حرارة مرتفعة في الأشهر القادمة. إذ تسبّب قطع الأشجار في حرمان المنطقة من مساحات ظلّ واسعة، كانت متنفساً للعائلات ومكاناً للراحة والترفيه.
مواطنون من سكان الحي صرّحوا بأن وجهة الأخشاب التي تمّ جمعها ليست مجهولة كما يبدو، بل هي في الغالب تُباع سرّاً لمحلات بيتزا ومطاعم تعتمد الحطب في طهي أكلاتها. ومع اقتراب فصل الصيف، تزدهر مثل هذه الأنشطة المشبوهة التي تهدّد البيئة من جهة، وتُدار خارج أي رقابة قانونية من جهة أخرى.
وتأتي هذه الحادثة لتسلّط الضوء على سلسلة من التجاوزات المتكررة التي تعيشها المنطقة، مثل اختفاء أغطية البالوعات دون مساءلة، وتحطيم إشارات المرور دون تعويض، فضلاً عن اختفاء أعمدة الكهرباء المتضررة إثر الحوادث.
أمام هذا الوضع، يتساءل المواطنون: إلى متى ستستمر مثل هذه الانتهاكات دون محاسبة؟ وهل يُعقل أن تتحوّل ثرواتنا الطبيعية إلى سلعة تُتاجر بها أيادٍ خفية في وضح النهار، على مرأى ومسمع من الجميع؟
إنّ استمرار هذه الممارسات، والاستهانة بالشأن البيئي، لا يهدّدان جمال المدينة فحسب، بل يعكسان أيضاً خللاً عميقاً في الرقابة والمحاسبة… خللٌ، إن استمر، فلن يكون الجميع بعيداً عن القاع…!