علم النفس: ماهي الأسباب التي تجعل بعض الأشخاص يبحثون عن الخلافات والصراعات ؟

مصدر الصورة

ما الذّي يدفع ببعض الأشخاص للبحث عن الخلافات والصراعات؟ ربما سبق لك أن تعرضت لإعتداء لفظي أو جسدي دون سبب واضح، على سبيل المثال تحية بسيطة تثير رد فعل عنيف، أو سؤال مهذب يُقابل بالصراخ. فلماذا يتصرف البعض بهذا الشكل، بينما يبقى آخرون هادئين؟الجواب يكمن في طريقة عمل الدماغ.

*الصراع الداخلي: القشرة الجبهية مقابل اللوزة الدماغية:

يُضبط السلوك البشري من خلال عدة بنى دماغية. “اللوزة الدماغية” مسؤولة عن المشاعر البدائية مثل الخوف والغضب، في حين أن القشرة الجبهية تعمل ككابح، تحلل العواقب وتمنع التصرفات الاندفاعية. وعندما لا تعمل هذه المنظومة بفعالية، قد تسيطر اللوزة الدماغية على الموقف… وتؤدي إلى سلوك عدائي.

لماذا يفقد الدماغ السيطرة؟

1. إصابات دماغية:

إصابة القشرة الجبهية بسبب صدمة أو حادث يمكن أن تجعل الشخص عدوانيًا فجأة. هذه الحالات نادرة، لكنها موجودة.

2. نقص في المادة الرمادية:

بعض الأشخاص ذوي السلوكيات المعادية للمجتمع يعانون من نقص في المادة الرمادية في مناطق مسؤولة عن التعاطف والتفكير.
النتيجة؟ لا يشعرون بالذنب أو الندم، ويتصرفون دون اعتبار للعواقب.

3. اختلالات في التوازن الكيميائي العصبي:

يرتبط انخفاض مستوى السيروتونين وارتفاع الدوبامين في الدماغ بالسلوك العدواني، حيث أنّ السيروتونين المنخفض يُضعف القدرة على التحكم بالنفس،
بينما الدوبامين المرتفع يُحفّز نظام المكافأة في الدماغ، مما يعزز السلوكيات العدوانية. هذه الاختلالات قد تكون وراثية أو نتيجة ماضٍ صعب وتجارب نفسية قاسية.

كما تلعب الكحول دورًا كبيرًا، إذ يُخل بتوازن السيروتونين، وهو ما يفسر عدوانية بعض الأشخاص تحت تأثيره.

عندما تصبح العدوانية مصدر متعة:

نقص هرمونات الترابط الاجتماعي: وهي بالأساس انخفاض الأوكسيتوسين المعروف بهرمون الترابط والذّي يؤدي إلى انعدام الثقة وزيادة العدوانية.
هذا النقص يُضعف القدرة على الارتباط بالآخرين، ويُضاعف ردود الفعل تجاه التهديدات.

إدمان حقيقي على الصراعات: الدوبامين، وهو ناقل عصبي مرتبط باللذة والإدمان، يلعب دورًا هنا أيضًا. فعندما “ينتصر” الشخص في مشادة أو خلاف، يُسجّل الدماغ هذا كنوع من المكافأة. والأسوأ: كل مرة يتكرر فيها هذا السلوك، يقوّي الدماغ هذا النمط، مما يجعل الشخص يسعى للصراع في كل فرصة.

الخلاصة: ضرورة الفهم لحماية النفس:

العدوانية المجانية ليست دائمًا نتيجة “طبع سيئ”، بل قد تكون نتيجة اختلالات بيولوجية، أو صدمات نفسية، أو طفولة صعبة. هذا لا يبررها، لكنه يساعدنا على فهمها والتعامل معها بطريقة أكثر وعيًا:

تجنّب الصراعات غير الضرورية ووضع حدود واضحة أو ببساطة، عدم أخذ العدوان بشكل شخصي.