توفر النظم الإيكولوجية للغابات التونسية العديد من المنتجات والخدمات، كما أن استغلال هذه المنتجات والخدمات يوفر بشكل مباشر أو غير مباشر دخلاً للدولة التونسية وسكان المناطق الغابية. ورغم ذلك، فإن هذه النظم البيئية مهددة باستمرار بسبب العديد من عوامل التدهور التي يضاف إليها حاليًا تأثير تغير المناخ.
تحتفل تونس على غرار سائر بلدان العالم باليوم العالمي للغابات الذّي يوافق يوم 21 مارس من كلّ سنة، وهي مناسبة تهدف إلى تعزيز الوعي العام حول أهميّة الغابات في تحقيق الاستدامة البيئيّة، باعتبارها موطنًا لملايين الكائنات الحيّة وتلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على التّنوّع البيولوجي. كما تعتبر الغابات من أهم الوسائل للتّخفيف من آثار تغير المناخ، حيث تمتص الكربون وتساهم في تحسين جودة الهواء.
ثروة وطنية
تمتلك تونس وفق بلاغ اصدرته اليوم وزارة الفلاحة والموارد المائية والصد البحري غابات متنوّعة تحتوي على أنواع نباتات محليّة، وتعتبر موطنًا للعديد من الحيوانات والنباتات النادرة. إلا أن هذه الغابات تواجه العديد من التّحدّيات مثل التّصحّر، التّوسع العمراني، والحرائق، مما يستدعي جهودًا للحفاظ عليها واستعادة ما أتلف منها.
وقد قامت تونس بعديد المبادرات الحكوميّة والمشاريع الرّامية إلى حماية الغابات في تونس وتعزيز الوعي بأهميّة المحافظة عليها.
ويمثّل الاحتفال باليوم العالمي للغابات فرصة لتشجيع الجهود لحماية الغابات في تونس وتحسين الوعي بأهميّتها البيئيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة. وشددت الوزارة في ذات السياق على اهمية تعزيز التّشجيع على المشاركة في الأنشطة التّوعويّة والمبادرات المجتمعيّة للحفاظ على هذا المورد الطّبيعي الثّمين على غرار ما تقوم به بعض الجمعيّات والنّشطاء في المجال وبعض المؤسّسات الاقتصاديّة في إطار مسؤولياتها الاجتماعيّة والبيئيّة.
اعتمادات لتثمين منتجات الغابات
لدعم جهود تثمين الثروات الغابية فانه سيتم إطلاق مشروع لاستصلاح النظم الإيكولوجية للغابات المتدهورة وسوف يتم تقييم تأثيره البيئي من حيث عزل الكربون مع خفض تراكمي للانبعاثات يبلغ حوالي 10000 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون خلال مدة 20 عامًا بمعدل 500 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون في السنة.
يمكّن المشروع من تطوير مرونة التنوع البيولوجي والحفاظ عليه بعيدًا عن التهديدات وذلك من أجل المساهمة بشكل مستدام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. وتقترح الإدارة العامة للغابات التابعة لوزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري هذا المشروع لدعم الدولة في إصلاح النظام البيئي لأشجار الفلين في منطقة جندوبة والصنوبر الحلبي بمنطقة القصرين من أجل استعادة الوظائف والعمليات البيئية الرئيسية لهذه النظم البيئية.
ويندرج المشروع الذي تقدر تكلفته الإجمالية بـ 360 مليون دينار، في إطار خطة تنفيذ المساهمات المحددة وطنيا. وتضمن مصالح الغابات تنفيذ برامج التدخل الوطنية السنوية، وفقًا للميزانية المتاحة، للمشاركة في تنفيذ أنشطة التنمية المختلفة (إعادة التشجير والمناطق الرعوية والتجديد وإنتاج الشتلات وفتح وصيانة مسارات الغابات وخنادق الوقاية من الحريق، وإدارة المناطق المحمية، وما إلى ذلك).
ومن المتوقع أن يبدأ المشروع في عام 2025 ليستمر تنفيذه مدة 5 سنوات تنتهي في عام 2030. وسيستفيد من المشروع 25 ألف مواطن في جندوبة و12 ألف مواطن في القصرين.
يذكر ان زخم التنّوع البيولوجي في تونس يساهم في دعم الجهود المبذولة للحد من الآثار السلبية الناتجة عن تغير المناخ. كما يمكن للنظم الطبيعية المحمية أو المستعادة امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وهي بالتالي عامل جوهري في معالجة تغير المناخ عن طريق تخزين الكربون.
علاوة على ذلك، يمكن للنظم الطبيعية مثل غابات الزان بمنطقة بالشمال الغربي، أن تساعد على حماية سالمة البيئة وسبل تحسينها، وذلك من خلال تقليل آثار تغير المناخ، بما في ذلك الفيضانات والعواصف العاتية. وتشكل غابات الزان في تونس قرابة 8 الاف هكتار بينما تقّدر المساحات الغابية التي يمتزج فيهـــا هــذا النوع النباتي (الزان) مــع أشجار الفرنان ما يناهز 22 ألف هكتار، وهي موجودة غالبًا في واليات جندوبة وباجة والكاف، بينما تشير المعلومات الى انقراض هذان النوعان من الأشجار تقريبا في والية بنزرت والوطن القبلي، وذلك بسبب التغّيرات المناخية.
ويمثل تغير المناخ والنشاط البشري تهديدا حقيقيا للتنوع الحيوي، مما يزيد من معدل انقراض الأنواع، الأمر الذي يحّد من القدرة على مكافحة التصحر، والحد من الفقر، ويهدد الأمن الغذائي. وكشفت العديد من التقارير عن تعّرض النظم البيئية في تونس إلى ضغوطات تهّدد بقاء الاف الانواع والموائل الحيوانية.